تبدأ الأسواق المغربية مع
اقتراب حلول عيد الأضحى، في استقبال رؤوس الماشية و الباعة والمشترين، الذين
يتقاطرون عليها من كل صوب لاقتناء أضحية العيد ولوازمها، وما يرافق طهو لحمها من
عادات غذائية وتقاليد اشتهر بها المطبخ المغربي.
مظاهر الاحتفال الديني كما عهده المغاربة منذ سنوات، بدأت عدد من عاداته تعرف بعض
التحولات المُرتبطة بتمدن أنماط العيش وحداثتها، فبعد أن كانت النسوة المغربيات لا
تستغنين عن شراء “مجامر” (آلات شواء) الفخار التقليدية واقتناء الفحم لشواء قطع
اللحم وطهو مختلف الوجبات التي تحضرنها خلال أيام العيد احتفاء به، غصت الأسواق
المغربية بأنواع أخرى من هذه “المجامير” مصنوعة من الحديد، بل واستعاضت نساء أخريات
بآلات الشواء الكهربائية، طلبا لسرعة الإنجاز ونفورا من روائح الفحم ودهون اللحوم
المشوية التي تزكم الأنوف طوال أيام العيد.
فبعد أن كانت العائلات المغربية بحاجة لشراء مجامر طينية بزخرفة تقليدية كل عيد،
تتوسط فناء البيت، وتتحلق حولها الصغار، ويُطقطق فيها لهيب النار ودهون الشواء،
وتتصاعد من بين جنباتها الأدخنة مُعطرة برائحة الرماد والطين، لتكسب هذه الإحتفالية
أجواء خاصة للعيد، استغنت الكثير من الأسر عن هذه المجامير الطينية واستعاضت عنها
بأخرى أكثر صلابة، تصنع من الحديد وتتحمل حرارة النار دون كسر، أو تلف سريع.
وفي الأسواق المغربية التي تغص بالباعة والمشترين خلال الأيام العشر التي تسبق هذه
المناسبة، تُنصب الخيام بالقرب من أسواق بيع الماشية على أطراف المدن، تعرض جنبا
إلى جنب “مجامر” طينية وقُدور و”طواجين” (قدور مغربية للطهو ) والفحم الحجري، وفي
الوقت نفسه تعرض مجامير حديدية، يقبل عليها الناس بكثرة، لرخص ثمنها وقوة تحملها،
بالمقارنة مع مجامير الفخار سريعة الكسر، فيرون أن هذه المجامير أكثر الأواني
استعمالا في البيوت خلال أيام العيد، فيفضلون المصنوعة من الحديد عن نظيرتها
الطينية، فإن انكسرت هذه الأخيرة، ضاعت على الأسر حفلات الشواء، وولائم العيد.
وفي حديث للأناضول، قال نبيل أحمد أحد باعة “المجامر” بسوق العاصمة المغربية
الرباط، إن “الإقبال على شراء هذه المستلزمات، خاصة الفحم والمجامير وبعض أنواع
الأواني الفحارية الأخر، يتزايد بشكل ملحوظ مع اقتراب حلول عيد الأضحى، حيث يميل
الناس إلى اقتناء مجامير الحديد أكثر من نظيرتها الطينية ، بالنظر لانخفاض أسعارها،
وصلابتها”.
كما قال المواطن المغربي، رضا العياشي، الذي لم يستقر بعدُ على أضحية العيد
المُناسبة التي ترضي صغاره، إنه “بحكم طبيعة الحياة المعاصرة، ينزع الناس إلى
استعمال الأواني الحديد والألومنيوم، رغم أن الأواني الطينية التي تُستعمل في طهو
الأطباق المغربية الأصيلة، وتضفي عليها لذة خاصة، دون أن يعني ذلك انسحاب هذه
الأواني التقليدية من رفوف مطابخ الأسر، بل إن البعض ما يزال رغم تمدن العادات
الغذائية يصر على استعمال هذه الأواني لما لها من فوائد صحية وأصالة تراثية”.
كما ترافق التحضيرات ليوم العيد، ظهور بعض الأنشطة التجارية، على هامش هذه
المناسبة، منها بعض “الحرف الطارئة” التي ترتبط بمستلزمات الأُضحية، فتفتح بعض
المحلات الصغيرة لبيع أكل الماشية، والذي تحتاجه الأسر التي اختارت استضافة كبش
العيد أياما قبل يوم النحر.
فيما تقام أسواق شعبية في أحياء المدن، تباع فيها التوابل وتشحذ فيها السكاكين،
وأدوات الشواء، وما تحتاجه النسوة في المطبخ من مستلزمات لتحضير الأطباق الشعبية
التقليدية خلال أيام العيد.
وعلى أطراف الشوارع في عدد من المدن المغربية، وضعت عربات لباعة متجولين، وقد رصوا
فوقها بضائع مختلفة، فخلال هذه الأيام يجتهد هؤلاء في عملهم الموسمي، واستغلال
الرواج التجاري بحثا عن عمل لو بشكل مؤقت وعلى عربة متنقلة، فيما تعرف الطرقات
ومحطات الحافلات حركة نقل دؤوبة حيث يأمم كل بعيد وجهه صوب بيت الأهل والأقارب
لقضاء أيام العيد.