سواء تعلق الأمر باستعماله في الطعام
لإضفاء نكهة مميزة على الأطباق، ووصولا إلى تقديمه كعلف للدواب، يعتبر الفول
السوداني نبتة لا غنى عنها في النيجر، ففضلا عن زهد ثمنها، تصلح هذه النبتة الجافة
لاستعمالات غذائية لا تحصى ولا تعد، ما جعلها تحصل على مكانة مميزة على موائد
الطعام في هذا البلد.
ويقبل النيجرون على مشتقات الفول السوداني التي تستخدمها ربات البيوت بأوجه متعددة
لا سيما تلك التي تضاف إلى بعض أصناف الأطعمة، ومن أشهرها زبدة الفول السوداني التي
تعرف أكثر باسم “تيغاديغي” بحسب اللهجة المحلية.
“آييسا ميمونة” التي تحرص على تقديم الأفضل لأبنائها قالت للأناضول إن “عجينة الفول
السوداني تعطي نكهة مميزة للصلصة وتزيد من دسامتها”، وهي تقوم بمزج مسحوق الفول
السوداني مع الفلفل لتحصل على ما يضفي مذاقا خاصا على المقليات من اللحوم والأسماك.
ذات المسحوق يمكن استعماله كعلف للأغنام والبقر للماشية حين “يتعلق الأمر بعدد كبير
من رؤوس الماشية”، على حد قول “أمادو مارو” وهو مربي أغنام شاب التقت به الأناضول
في العاصمة النيجرية “نيامي”.
شعبية الفول السوداني ومشتاقته جعلت منه سلعة لا تغيب عن أي سوق في النيجر ويعرض
للبيع بالتفصيل أو بالجملة.
وتشتهر مدينة “دوسو” الواقعة على بعد 133 كيلومتر جنوبي العاصمة “نيامي” في هذا
المجال، يقصدها الزوار من المناطق المجاورة لاقتناء ما يفي بالحاجة من هذه المادة.
“سايني يايي”، موظف التقت به الأناضول في “دوسو” بأيدي محملة بسلع مختلفة من هذه
المادة يقول إنه يبتاع مخزونا مهما من الفول السوداني ومشتقاته، وهو يتمتع بقدرة
كبيرة على تحمل جميع الظروف المناخية، ليحملها إلى زوجته.
على مقربة من “ساييني”، تعرض “فطيمة مامادو” امرأة في الأربعين من عمرها زبدة وزيت
الفول السوداني وهي التي امتهنت هذه التجارة منذ سنين طوال.
المرأة قالت إن زبائنها ينتمون إلى جميع الفئات الاجتماعية: “غالبا ما يبدي الأشخاص
العابرون للبلدة أو الذين يأتون لزيارتها لفترة قصيرة، رغبة كبيرة في ابتياع المواد
المستحضرة من الفول السوداني”.
ويفسر الإقبال الكبير على هذه المنتجات بزهد ثمنها أيضا حيث تبيع “فطيمة”
الكيلوغرام الواحد من زبدة الفول السوداني بـ 750 فرنك أفريقي (1.5 دولار) فيما
يبلغ سعر لتر واحد من زيت الفول السوداني بـ 1250 فرنك أفريقي (نحو 2.3 دولار).
وتنتشر زراعة الفول السوداني على مناطق شاسعة من البلاد ويباع كيس الفول السوداني
سعة 100 كيلوغرام بما يتراوح سعره بين 13 ألف فرنك أفريقي (29 دولار) و 13.500 فرنك
أفريقي (نحو 30 دولار)، بينما يقفز سعره في بعض الفترات إلى 32 ألف فرنك إفريقي
(نحو 59 دولار)، بحسب فطيمة.
ويمر إعداد زبدة الفول السوداني وزيته عبر عدد من المراحل تتضمن التقشير والشواء
والرحي.
في ساحة “دوسو” الكبرى، تتقد مجموعة من النسوة والشباب نشاطا وحيوية ويمضون اليوم
بأكمله في تقشير حبوب الفول السوداني عبر آلات مخصصة للغرض تحتاج جهدا بشريا
لتحريكها.
وتلخص “ساداتو كاريمو” إحدى النساء المنتجات لزيت الفول السوداني في حديث للأناضول
عملية الإنتاج بالقول: “بعد التقشير، نقوم بطبخ الفول السوداني وبعد ذلك نقوم
برحيه، بحسب ما نرغب في استخلاصه، فالعملية تختلف بحسب ما إذا كان الأمر متعلقا
باستخلاص زيت الفول السوداني أو بزبدته”.
ودخل الفول السوداني إلى النيجر في سنوات الأربعين وبلغ إنتاجه الذروة في السبعينات
والثمانينات بـ 400 ألف طن ما دفع الحكومة حينها إلى إنشاء “الشركة النيجيرية
لتسويق الفول السوداني” (سونارا).
غير أنه مع تعاقب سنوات الجفاف على النيجر، انخفض إنتاج البلاد من هذه المادة إلى
درجة التضاؤل ما تسبب في انهيار “سونارا” وحلها مع حلول عام 1990.
(الاناضول)