ثلاثة عقود أمضاها حسن
أحمد، مع الألوان الزاهية في صباغة الملابس التقليدية، وهو يمارس المهنة التي
توارثها عن الآباء والأجداد، حتى أصبحت مهنة تتمتع بشعبية واسعة الانتشار في
ربوع الصومال، لكنها في نفس الوقت تصارع من أجل البقاء أمام غزو الأزياء
الحديثة.
هذه المهنة مارستها النساء في هذا البلد، ولكن بشكل محدود عبر الاستعانة بهن
لتجهيز الأدوات، وتجفيف المنتج في مراحله الأخيرة، فبدت وكأنها وُجدت للرجال
الذين أجادوا صباغة الألوان ومزجها.
يقول حسن أحمد (40 عاماً)، للأناضول: "عائلتي تعمل في هذه المهنة منذ زمن بعيد،
وأنا ورثتها عن أبي، الذي ورثها بدوره عن جدي".
ومع قدرته الفائقة على التعامل مع الألوان، اشتهر حسن، وذاع صيته في أوساط
المواطنين، خاصة محبي صباغة الملابس، فهو يتحكم بالكمية ونسبة اللون.
"صباغة الملابس، أمر يتطلب مهارات وعناية فائقة، مع جهد ووقت كافيين، فعندما
يقصدنا الزبائن في المناسبات، نضطر أن نعمل ليلا نهارا، لتلبية طلباتهم، وتوفير
اللونالمطلوب، أما في الأيام العادية فأعمل نحو 8 ساعات"، هكذا يتعامل حسن مع
مهنته.
يملأ حسن الوعاء بالماء المغلي، على درجة حرارة معينة، ويضيف ألوانه المطلوبة،
ومن ثم يغمس الملابس في الماء الذي أخذ اللون والشكل، ويحركها يدويا، ثم يقوم
بفحص لون الثياب بعد فترة، ويرفعها بعد صباغتها إلى التشطيف والعصر، والتجفيف
بتعليقها على الحبال تحت أشعة الشمس.
أما لماذا اقتصرت هذه المهنة على الرجال دون النساء، فالإجابة على لسان آمنة
أحمد، هي الاعتقاد السائد من قبل النسوة، أن هذه المهنة شاقة، وتتطلب مهارات
فائقة.
وتجد الصوماليين يحرصون على ارتداء الزي التقليدي، في المناسبات الوطنية،
والرسمية، وكذلك حفلات الزواج.
فالرجل يرتدي الإزار الأبيض (ثوب يحيط بالنصف الأسفل من الجسم)، والقميص، وقبعة
زرقاء، وكلاهما يحملان النجمة الخماسية.
أما الفتيات فيُفضلن اللباس التقليدي الذي يكون عبارة عن فستان، أو عباءة
مزخرفة برسومات متعددة، مع خمار على الرأس.
وتقول مريمة أحمد، طالبة في إحدى الجامعات المحلية "أحب ارتداء الملابس
التقليدية في المناسبات، وزياراتي الخاصة".
صفية نور، التي تعمل في بيع الملابس المصبوغة، تقول للأناضول إنها تعتاش من هذه
التجارة، رغم قلة زبائنها.
وحول غزو الأزياء الجديدة، الأسواق، قالت صفية إن "الملابس التقليدية تستعيد
زبائنها يوماً بعد الآخر، لاسيما مع تأقلم الجيل الجديد مع هذه الملابس، التي
تجسد ثقافتهم وتقاليدهم الأصيلة".
وتبلغ كلفة صباغة اللباس التقليدي الواحد، حوالي 100 ألف شلن صومالي.
ويباع الزي التقليدي للمرأة في الأسواق، بـ300 ألف شلن، مقابل 200 ألف شلن لزي
الرجل.
ولا يوجد إحصاءات رسمية بعدد المصابغ في الصومال، إلا أنها تقدر بالعشرات،
وموزعة على أحياء شعبية بالعاصمة مقديشو، بحسب مراسل الأناضول.