داخل أزقة المدينة العتيقة، في العاصمة
المغربية الرباط، ووسط دروبها الملتوية، تصطف محلات ودكاكين تقليدية، تصبغ على
المدينة وجهاً سياحياً لم يتمكن طابعها الإداري من محوه.
بعض المحلات مختص ببيع منتوجات صغيرة من الصناعة التقليدية المغربية، خفيفة الوزن،
صغيرة الشكل، رخيصة الثمن، يُقبل عليها السياح الأجانب الذين يحملونها معهم كتذكار
يذكرهم بأنهم “مروا من هنا”.
حلي مغربية تقليدية أمازيغية فضية، وأوانٍ خزفية أو فضية صغيرة، وقلائد عنق فضية
صغيرة، ومنسوجات جلدية، وحاملات مفاتيح، يحمل أغلبها رموزاً تدل على البلد، أو كُتب
عليها اسم المغرب بلغات مختلفة.
تلك أبرز مقتنيات السياح الأجانب من تذكارات زياراتهم إلى الرباط، في موسم صيف
ارتفعت حرارته على غير ما اعتاده سكان المدينة التاريخية المطلة على المحيط
الأطلسي، وهي تذكارات قال بائعوها، إن أثمانها تتراوح ما بين 10 دراهم (حوالي
دولار) و50 درهماً (حوالي خمس دولارات) في الغالب.
جاك لويك، سائح فرنسي، التقته الأناضول في أول أيام زيارته للعاصمة المغربية،
بـ”السوق التحتي” (السفلي) في عمق المدينة القديمة، على ضفاف نهر “أبي رقراق” الذي
يفصل الرباط عن مدينة سلا، وهو سوق تقليدي لبيع المنتوجات التقليدية الجلدية،
والفضية، والنحاسية.
يقول لويك “الآن أكتشف ما تزخر به هذه المحلات من معروضات، وسأعود حتماً مرة أخرى
خلال العشرة الأيام التي سأقضيها هنا، لشراء بعض التذكارات التي تؤرخ زيارتي لهذا
البلد”.
السائح الفرنسي الذي كان برفقة بزوجته، منهمكاً في التعرف على ما يعرضه أحد المحلات
بالسوق، شرح أن بعض المنتوجات الجلدية الصغيرة، وكذلك بعض الكراسي، وبعض الحلي،
أثارت انتباهه أكثر، مبيناً أنه سيعود لاقتنائها وأخذها معه إلى منطقة نورماندي،
شمالي فرنسا، حيث يقطن.
وقد بدا حضور السياح في الزقاق الطويل الذي اصطفت على جانبيه محلات بيع المنتوجات
السياحية التقليدية، ضعيفاً، في الأسبوع الأول من شهر أغسطس/آب الجاري، الذي يعتبره
التجار والصناع التقليديون بهذا السوق “ذروة موسمهم”، على غير ما كان يعرفه من حركة
ورواج كبيرين.
محمد حساين، بائع مجوهرات فضية وتذكارات سياحية، قال إن “إقبال السياح على الرباط
في السنوات الأخيرة ضعيف مقارنة مع سابقاتها”.
ضعف الإقبال هذا أرجعه حساين، (مستعيراً لغة الخبراء السياسيين) إلى ما تشهده
المنطقة من اضطرابات أثرت على السياحة، لكنه بالمقابل قال إنه وزملاءه يتفاءلون
بحالة الاستقرار التي يعيشها المغرب من أجل انتعاش السياحة وارتفاع مبيعاتهم.
وهو يتحدث من داخل محله الصغير، الذي زُينت جنباته بمعروضات ومنتجات تقليدية محلية،
أضاف حساين، قائلاً إن “الرباط رغم أنها تستقطب السياح بنسبة أقل مقارنة بمراكش
(وسط)، وأكادير (جنوب) وغيرهما، لكنها تبقى مدينة سياحية”.
وفي هذا الصدد، أشار أن “أغلب السياح الذي يأتون لم يعد بمقدورهم اقتناء تذكارات
بسعر غال، بل يبحثون عن تذكارات بأسعار منخفضة، ابتداء من 10 دراهم (دولار) و 20
درهم (دولاران)، حتى 50 درهم (خمسة دولارات)، وأنهم يفضلون أن يرمز التذكار إلى
المنطقة التي زاروها في المغرب، وبثمن رمزي”.
أما محمد الراضي، الصانع التقليدي والبائع في السوق نفسه، فلفت إلى سبب آخر،
لاختيار السياح تذكارات سياحية صغيرة الحجم ومنخفضة الثمن، زيادة عن الأزمة
الاقتصادية التي تعرفها أوروبا، وهو فرض الطائرات لحمولة اعتبرها صغيرة لكل راكب،
لا تسمح للسياح باقتناء أشياء ذات حجم كبير، وبالتالي غالية الثمن.
الراضي الذي كان دكانه خالياً من أي زائر، قال إن السياح “يحبون كل المنتوجات
التقليدية المعروضة من خزف، ومجوهرات، وزرابي (سجاد)، ومنتوجات جلدية، وأوانٍ فضية
وغيرها، ويعبرون عن إعجابهم الشديد بها، لكنهم يعبرون صراحة أن الأزمة التي تعيشها
بعض الدول الأوروبية جعلتهم يفكرون أكثر قبل الإقدام على اقتناء هذه المنتوجات،
وأنهم بالكاد استطاعوا أن يسافروا خارج دولهم”.
وذكر الراضي أن باعة التذكارات يبيعون منتوجاتهم أكثر لموظفي السفارات المعتمدة في
الرباط، وبعض السياح القلائل”، لأن السياح “يريدون كل المعروضات، لكن مع الأزمة لا
يقبلون فقط إلا على الأشياء الصغيرة، ورخيصة الثمن”.
خاتما بالقول “نحن في شهر آب (أغسطس) الذي كنا لا نجد فيه الوقت للراحة، لكن
حالياً، الغالب الله، لا أثر للسياح، وها نحن ننتظر ونتسلى بملء شبكة الكلمات
المتقاطعة في الجرائد”.