يمكن تعريف النظام الانتخابي بأنه مجموعة المبادئ والقواعد والمؤسسات التي تنظم عملية الانتخابات وتؤثر فيها ومجموعة الاجراءات التي تتم بواسطتها ترجمة أصوات الناخبين إلى مقاعد في الهيئات التشريعية
ويشمل النظام الانتخابي عملية إعداد الجداول وقيد الناخبين وتنظيم الدعاية الانتخابية حتى إعلان النتائج النهائية. في مصر بدأت التجربة النيابية منذ عام 1866م وكان النظام الانتخابي السائد هو النظام الفردي بالأغلبية المطلقة وفي الثمانينات تم إجراء بعض التغييرات بسبب عدم دستورية بعض المواد والطعن من قبل أحزاب المعارضة ومازال تعديل النظام الانتخابي قيد البحث حتى الآن فقانون 1983م تم تعديل بعض مواده بقانون 1972م الخاص بمجلس الشعب وأصبح النظام الانتخابي المعمول في انتخابات مجلس الشعب هو نظام القوائم الحزبية على أساس التمثيل النسبي وقد أصدرت الحكومة هذا التعديل لتجنب مقاطعة أحزاب المعارضة للانتخابات التشريعية. وأعطى القانون ميزة للحزب القومي بعدم تمثيل أي حزب لم يحصل على نسبة 8% من الأصوات كذلك يحرم المستقلون من الترشيح لعضوية مجلس الشعب ويجعلها قاصرة على أعضاء الأحزاب السياسية وفي عام 1986م للقانون رقم 188 تم التعديل بحيث يسمح بالاخذ بنظام مختلط يجمع بين انتخاب المستقلين إلى جانب القوائم الحزبية وتم الطعن في دستورية هذه التعديلات وأسقط هذان القانونان السابقان والعودة إلى النظام الانتخابي الفردي بالأغلبية المطلقة بموجب التعديل رقم201 لسنة 1990م وظل هذا النظام قائماً حتى عام 2000م. أما مجلس الشورى منذ تأسيسه عام 1980م شهد تجربة انتخابية بالقائمة ولكن بالأغلبية المطلقة حتى عام1989م وهو ما طبق أيضاً في انتخابات المجالس المحلية عام1981م وهو ما ترتب عليه استبعاد تمثيل مختلف الأحزاب السياسية وقد طبق النظام المختلط في انتخابات المجالس المحلية بمقتضى القانون 145 لسنة 1988م ثم أعيد الأخذ بالنظام الفردي ثانية في كل من انتخابات مجلس الشورى والمجالس المحلية. ومنذ انتخابات مجلس الشعب الأخيرة أثيرالجدال ما بين مؤيدي نظام الانتخابات الفردية من ناحية ومؤيدي نظام الانتخابات بالقائمة النسبية من ناحية آحرى ويبرر المؤيدون لنظام القائمة النسبية موقفهم بما يلي: - إن نظام الانتخابات بالقائمة مع التمثيل النسبي قد أصبح من أفضل النظم الانتخابية السائدة لما يحققه من عدالة في التمثيل الكامل لإرادة الناخبين في المجلس النيابي والتعبيرعن كافة الاتجاهات الموجودة في الشارع السياسي. - إن المفاضلة في الانتخابات ستكون على أساس البرامج الحزبية وليست قاصرة على صلات القرابة أو العصبيات العائلية أو مدى ما ينفقه المرشح في حملات الدعاية الانتخابية أو حتى حجم الخدمات في الدائرة وبالتالي يزيد هذا النظام من اهتمام الناخب بالمسائل القومية ويقلل من معدلات العزوف عن المشاركة السياسية كما يعيد الاعتبار للأحزاب السياسية كقناة رئيسية للمشاركة السياسية. - أن النظام الفردي يزيد من دور المال ليتيح لبعض الأفراد الدخول إلى حلبة المنافسة الانتخابية وانتزاع الفرصة ممن هم أقدر على العمل البرلماني ولكن لا يملكون قوة المال وقدرته على جذب أصوات الناخبين علاوة على أن الانتخاب بالأغلبية المطلقة يهدر أصواتاً كثيرة من الناخبين ولا يحقق طموحات تمثيلهم في البرلمان بيد أن المشرع المصري عندما أخذ بنظام القائمة النسبية في الثمانينات لم يستطع تحقيق العدالة بنظام التمثيل النسبي وأدى إلى نتائج متشابهة للنظام الفردي من حيث محدد إدارية تمثيل المعارضة. - وبالتالي فإن أية محاولة لاعادة نظام القائمة النسبية ينبغي أن تعالج هذه المثالب السابقة ليتحقق الهدف منها بإتاحة القدر المعقول لتمثيل الأحزاب السياسية مع عدم إقصاء المستقلين إما عن طريق الاستفادة من التجربة الألمانية أو من خلال السماح للمستقلين بأن يكون لهم قوائم كاملة كأي حزب مع إمكانية ترتيب أسمائهم من قبل الناخب وتوزيع المقاعد حسب عدد الأصوات التي حصل عليها كل مرشح منهم. - ومن جانب آخريتحفظ البعض على إعادة تطبيق نظام القوائم الحزبية في السباق المصري على أساس أن النظام الفردي قد استقر في اذهان الناخبين بآلياته ووسائله إضافة إلى ضعف الوعي السياسي وانتشار الأمية وفي نفس الوقت فان الأحزاب ليست بالقوة التي تمكنها من طرح برامج مميزة تستطيع إن تجذب إليها الناخبين كما أن نظام القائمة قد يزيد من هيمنة الصفوف العليا للأحزاب في اختيار المرشحين بالقائمة على عكس النظام الفردي الذي يحررالمرشح من سيطرة الحزب وقياداته.
الإنتخاب الفردي : لتطبيق هذا النمط الانتخابي يقسم إقليم الدولة إلي دوائر انتخابية صغيرة بحيث يجب أن يتطابق عدد الدوائر مع عدد المقاعد في البرلمان يقوم الناخبون في دائرة انتخابية معينة بانتخاب نائب واحد في البرلمان، لو فرضنا أن دائرة معينة أجري فيها الانتخابات وأن المرشحين فيها ثلاثة وكان عدد الأصوات الصحيحة فيها 2000 صوت.. حصل أولهم علي 800 صوت والثاني علي 700 صوت والثالث علي 500 صوت، يتوجب هنا إعادة الانتخابات بين المرشح الأول والثاني، لأن المرشح الذي ينتخب هو الذي يفوز بأكثر من نصف عدد الأصوات الصحيحة المعطاة »أي 50%+ 1« مهما كان عدد المرشحين وقد تؤدي إعادة الانتخاب إلي فوز المرشح الثاني، يمتاز هذا النمط الفردي بسهولة الإجراءات والبساطة والوضوح.
من عيوبه الأساسية أن هذا النظام بنزعته الطبيعية نحو الفردية تبرز العصبيات وينشط دور العائلات ويقوم المال بدور حاسم في نجاح المرشح ومن هنا تزداد فرص رجال الأعمال وأصحاب الملايين في دخول البرلمان وإصدار التشريعات التي تحمي مصالحهم وتتلاشي فرص أي حزب سياسي فقير لا يملك الملايين للإنفاق الانتخابي.
ومع هذا النمط يضعف تأثير الأحزاب التي تصبح أقل سيطرة حيث يستمد النائب قوته الانتخابية من علاقته بالناخبين أكثر من علاقته بالأحزاب، هذا قد يؤدي إلي سيطرة »نواب الخدمات وأصحاب الأموال« علي البرلمان، وكما ذكر السيد نبيل زكي في صحيفة »الوفد« أن هذا النظام يسهل علي مرشحي الحزب الحاكم الاستعانة بعلاقاتهم بالدولة لتقديم وعود تدور حول هذه الخدمات ويختفي الحديث عن السياسة ولا يعرف الناخب مدي قدرة النائب علي التشريع والرقابة علي الحكومة كما أنه لا يحقق تمثيل الأقليات.
إن الناخب قد يشعر بأنه سيدلي بصوته كأداة شكلية - فقط - للتعبير الديمقراطي، فصوته عديم الأثر وبالتالي يتساوي لديه الأمر في الذهاب أو الامتناع، كما أن هذا النظام لا يتيح مطلقاً للرأي الآخر أن يعبر عن نفسه مما يمنع الوجود العادل سياسياً للأحزاب الصغيرة.
الإنتخاب بالقائمة النسبية :
لتطبيق هذا النظام يقسم إقليم الدولة إلي عدد من الدوائر الانتخابية الكبيرة وبذلك يقل عدد الدوائر ويكبر حجم كل منها، يقدم كل حزب قائمة تضم مرشحيه، يقوم الناخبون في كل دائرة انتخابية بانتخاب القوائم التي تقدمها الأحزاب دون أن يكون له الحق في إدخال أي تعديلات عليها، بحيث يتقيد بترتيب الأسماء التي تتضمنها القائمة حيث تسمي هذه الطريقة »طريقة القوائم المغلقة«.. تكون المفاضلة بين برامج انتخابية وخطط وسياسات وليس علي العلاقات الشخصية، هذا يجعل التنافس يكون بين أفكار وبرامج ومبادئ وليس صراعاً بين أشخاص مما يحرر النواب من ضغوط ناخبيهم، هكذا يتمكن النائب من الاهتمام بالشئون الوطنية التي تهم أبناء الوطن بشكل عام والابتعاد عن المسائل المحلية الضيقة التي تضعف مستوي المجلس النيابي، كما أنه يجنب المجتمع وسائل الضغط علي الناخبين وشراء الأصوات وتدخل الدولة، كذلك فإن الانتخاب بالقائمة يزيد من اهتمام المواطنين بالشئون العامة، مما يشجع علي الإقبال علي ممارسة الانتخاب حيث يشعر الناخب بأن دوره لا يقتصر علي نائب واحد فقط، وإنما يتعدي إلي انتخاب عدد من النواب.
مما يذكر أن نظام القائمة - وكما ذكر القاضي أحمد مكي - لا يستقيم إلا في المجتمعات الديمقراطية، لأنه يستدعي حرية تكوين الأحزاب.
إن أهم ما يميز الانتخابات بالقائمة، هو أنه وحده الذي يتلاءم مع نظام التمثيل النسبي.. ذلك النظام الذي يتفق مع العدالة، ويحقق تمثيلاً صحيحاً للاتجاهات المختلفة في الرأي العام، كما أن نظام القائمة يتلاءم مع فكرة التمثيل النسبي، فهو أيضاً يتلاءم مع نظام انتخابي يقوم علي أساس الأغلبية.
إن هذا النظام قد يشوبه بعض التعقيد حيث يشمل بعض الإجراءات المطولة.. جدير بالذكر أن هذا الأسلوب كان معمولاً به في قانون الانتخاب سنة 1986.
في هذا النظام توزع المقاعد الشاغرة علي الأحزاب المختلفة بنسبة عدد الأصوات التي حاز عليها كل واحد منها، فلو افترضنا أن هناك ثلاث قوائم تتنافس علي عشرة مقاعد في دائرة انتخابات معينة، وقد حصلت القائمة الأولي علي 6000 صوت والقائمة الثانية علي 3000 صوت والقائمة الثالثة علي 1000 صوت، فإن المقاعد العشرة ستوزع بنسبة عدد الأصوات التي حصلت عليها كل قائمة لتفوز القائمة الأولي بستة مقاعد هم الستة مرشحين من 1 ـ 6 والقائمة الثانية بثلاثة مقاعد هم المرشحون رقم 1 و2 والقائمة الثالثة بمقعد واحد هو المرشح رقم 1 في قائمة حزبه فقط.
وهذه الطريقة جذابة لأنها تحقق تمثيل الأقليات وتحقق تمثيلاً مناسباً مع قوة كل منها العددية، كما يحفز هذا النظام الأحزاب السياسية لتقديم قوائم متوازنة من المرشحين يمكنهم من خلالها التطلع لدعم أوسع شريحة ممكنة من الناخبين، بذلك عندما يقترع الناخبون بما يتماشي مع واقع التركيبة الاجتماعية والثقافية للمجتمع، يمكن لنظام القائمة النسبية أن يسهم في إفراز سلطة تشريعية تضم ممثلين عن كل مجموعات الأكثرية والأقليات في ذلك المجتمع وهذا ما تصبو إليه جميع فئات المجتمع.