الرحلة إلى قلب القارة الأفريقية لا تخلو من الخيال والمغامرة ، فرصة للاطلاع على
ذلك الجزء من العالم شبه المجهول . جمال الطبيعة الأخاذ في كل نواحي أوغندا مع
الطبيعة الرائعة الطقس، إذ تدور درجة الحرارة في فلك الثلاثينات طوال العام. فلا
صيف ولا شتاء في أوغندا وغالباً الأجواء ممطرة وكذلك يتساوى الليل والنهار أيضاً
طوال السنة.. في أوغندا جانب من جوانب الإبداع الإلهي.
تفتح «لؤلؤة إفريقيا» كما يطلق على أوغندا غالبًا - أبوابها كوجهة سياحية من جديد.
وتحتوي أوغندا على العديد من مصادر الجذب الفريدة، فهي دولة ممالك كاباكا ومصدر
النيل الأبيض وموطن»جبال القمر« وموطن غوريلا الجبال التي تواجه خطر الانقراض. وعلى
مدار السنوات الخمس عشرة الماضية، تمتعت أوغندا بحكومة مستقرة ونمو اقتصادي مستمر
وتنمية اجتماعية سريعة.
وتمثل »كامبالا« حاليًا العاصمة الحديثة لأوغندا الجديدة التي تعد إحدى الدول التي
تملك أسرع اقتصاديات متنامية في إفريقيا.
الرحلة إلى كمبالا
السفر إلى أوغندا الواقعة في أفريقيا الشرقية بين السودان والكونغو ورواندا
وتنزانيا وكينيا قد يكون مضنياً ولكنه ممتع وعندما تكون الزيارة الأولى لك فإنك
ستعيش طوال الرحلة إلى كمبالا (العاصمة الأوغندية) في أجواء حالمة ترتسم في مخيلتك
الغابات والأدغال الأفريقية بوحوشها وضواريها الكاسرة وشعوبها المتأخرة عن الحضارة
- كما تنقل إلينا عبر الأفلام الوثائقية التي يصورها الغرب كالعادة -. وعندما تحط
الطائرة في مطار عنتبي وهو المطار الرئيسي ويبعد عن كمبالا ما يقارب ال 80كلم تأخذك
السيارة عبر طريق لا تمل مشاهدة الطبيعة وعلى الطريق تنتشر متراصة المحلات التجارية
البسيط وبعض القرى المتناثرة.
ثم تظهر لك كمبالا بعد ما يقرب من الساعة من عنتبي وتبدو عليها ملامح الحضارة
بمبانيها وطرقها التي تعتبر الأفضل بين المدن الأخرى ويعاب عليها زحمة السير غير
الطبيعية خصوصاً صباحاً حتى التاسعة أو مساء من الخامسة حتى الثامنة نظراً لكثرة
السيارات وضيق الطرق والعشوائية في بعضها.. وكمبالا ليست من أكبر مدن أوغندا
وأكثرها سكاناً فحسب وإنما تعتبر من أهدأ العواصم ليلاً خصوصاً بعد التاسعة مساء
وفي منتصف الليل إذا أردت التجول (وهذا لا يُنصح به) فإنك تشعر بهدوء شديد إلا من
شارع تقع عليه معظم الفنادق!!.
ما يميز أوغندا - كما قلت سابقاً - الطبيعة الرائعة التي تغطي على كل السلبيات
المتمثلة في العشوائيات والبساطة الشديدة في حياة الناس داخل المدن واشدها في
الأرياف.. إذ يعيش معظم الشعب (, 246مليون نسمة)حياة شديدة البساطة ولا أريد أن
أقول بدائية وإن كانت كذلك في بعض المناطق، والعجيب أن حياة الناس بين المروج
الخضراء ومواقع سكنية تجارية أو بالقرب من منشآت سياحية راقية يجعلك تعيش حالة من
التفكير المحاط بالعديد من علامات الاستفهام وتتساءل: لقد حبا الله هذه الأرض نعمة
لو تم استغلالها الاستغلال الأمثل لأصبحت أوغندا من أغنى الدول.
جولة في ربوع أوغندا
في هذا البلد العجيب لا تملك الإرادة على المغامرة والاطلاع.. ومن اكثر ما
يميز اوغندا وقوعها على ضفاف بحيرة فكتوريا الشاسعة ووجود منابع نهر النيل (أطول
أنهار العالم) والرحلة الى منبع النيل تعتبر تاريخية وهذا الموقع يبعد عن كمبالا ما
يقرب من 100كم بالاتجاه الى كينيا.. الطريق إليه مرورا بموقع سياحي رائع يتميز
بشلال سيزيوا وهو احد روافد النيل في اوغندا ويبعد عن العاصمة 40كم.. ومنه الى
الطريق الرئيس مرة اخرى عبر مزارع الشاي وقصب السكر الممتدة على مرمى البصر بمحاذاة
الطريق ووسط الاحراش والطبيعة الرائعة تقبع العديد من القرى بسكانها البسطاء
ومعروضاتهم البسيطة حتى الوصول الى مدينة جنجا حيث منابع نهر النيل. وكانت لحظة
يتوقف عندها الخيال سابحا في اعالي النيل تجاه البحر المتوسط الذي يبعد عن هذا
الموقع 6400كم.
وكنت انظر لمياه النيل في منبعه تتحرك بسرعة اكبر من سرعة جريانه في مصر و وقفت عند
النقطة التي توقف عندها الانجليزي سبيك واعلن اكتشافه للمنبع الذي يبدأ منه نهر
النيل، وقد وضعت في هذا الموقع علامة بارزة.. وبعد جولة ومشاهدة للموقع وهو بسيط
للغاية لم يحظ باهتمام كبير او تجهيزات واضحة للجذب السياحي رغم توفر متطلبات
السياحة.. انتقلنا إلى موقع لا يقل اثارة وهو موقع شلالات النيل وتبعد ما يقرب من
20كم من منابع النيل باتجاه الشمال.
وكان المكان من اروع ما يمكن مشاهدته.. لا يعاب الا على الطريق المؤدي وهو طريق
ترابي لا يوحي ان هناك موقعاً سياحياً ممكن ان يدر ذهبا لو استغل جيدا.
ويشاهد الزائر للمنطقة مزارع الموز ومساكن بدائية يخترقها طريق ضيق، وبالكاد تعبره
السيارتان عندما تلتقيان.. ويذهل الزائر لمشاهد مياه النيل الهادرة هابطة عبر
العديد من الشلالات المرتفعة في منظر بديع لابد ان تتوقف امامه لمشاهدة احد عجائب
قدرة الله.
بين الأوغنديين
الشعب الاوغندي شعب افريقي ودود مسالم بشكل عام حياته في غاية البساطة.. في
اجزاء من البلاد يفتقد الناس لحياة المدينة ولا يزال معظمهم فقيرا، لكنه شعب لا
يجوع لان الارض تمده بخيراتها بدون جهد سقيا او متابعة الزرع.. ويعتمد الناس في
اوغندا بشكل كبير على الموز في حياتهم الغذائية.. فارضهم تنتج اكثر من سبعة انواع
من الموز وعددا لا يقدر من الفواكه الاستوائية. والغريب ان هناك انواعا من الموز
تعد للطبخ فقط وبعضها للشواء وهناك الحلو للاكل المباشر! اما تجارة المواد الغذائية
والسيارات فتعتمد اعتمادا كبيرا على المستورد من دول الخليج وخصوصا السيارات
المستعملة منها في الخليج ويشاهد في شوارع اوغندا ان حالة السيارات جيدة وهذا مثير
للانتباه والاكثر اثارة رغم فقر الشعب الا ان الهاتف الجوال تجده في ايدي معظم
الناس!!
وقادني ذلك لاثارة الموضوع عليهم هناك.. فقيل لي ان هناك ثلاث شركات تتنافس وثمن
شريحة الجوال لا تتعدى مبلغ يعادل 60ريالا، وهذا ما دعاني ان اشتري شريحة
لاستعمالها في كمبالا طوال فترة وجودي القصيرة للاتصال بالسفير او اركان السفارة او
الاصدقاء ممن تعرفت عليهم، وفعلا كان وجود الجوال المحلي معي ضرورياً في مواقف
كثيرة.
والملفت ان الاوغنديين يستعملون عند التنقل اربع وسائل معدة للاجرة (التاكسي) فيوجد
الميكروباص التاكسي كما يوجد الاجرة الخصوصي سيارة صغيرة كما هو الحال في بلدان
العالم ويوجد وسيلتا اجرة (التاكسي) الموترسيكل ويسمى (بودا بودا) وكذلك الدراجات
الهوائية وكل هذه المواصلات لها مواقف خاصة تنتظر زبائها!
وفي اوغندا يوجد عدد قليل من الجالية العربية اكثرها اليمنية التي استوطنت واخذت
الجنسية الاوغندية وكذلك اللبنانيين أيضاً ويوجد اعداد من المصريين والسوريين. وفي
كمبالا لا يذكرك بالاكل العربي الا مطعم واحد فقط.
ويتواجد اعداد مختلفة من الطيور المسالمة الضخمة ومن الطبيعي ان نشاهد هذه الطيور
الضخمة في كل مكان حتى في حديقة الفندق. ويبدو ان اوغندا باكملها محمية طبيعية
حباها الله بالخضرة الدائمة والاجواء اللطيفة المستمرة، والملفت ان حرارة الشمس
عندما تظهر لاسعة ولكن مجرد ان تتفيأ في ظل حتى تشعر بنسيم الهواء العليل اللطيف
وهذه احدى العجائب في اوغندا السمراء.
شبكة السياحي الأخبارية