في شوارع وأزقة العاصمة البوروندية “بوجمبورا”،
تنتشر على الأرصفة نساء كادحات يعرضن الغلال على المارة علهن يغنمن بالنزر القليل
من المال لسدّ رمق أطفالهن، في مشهد يومي يتكرر برتابة دون اكتراث بمشقة المهمة.
نساء عولن على أنفسهن ونلن استحقاق رفع القبعة احتراما لقصص كفاح مكتملة الشروط.
البعض من أولئك النساء اللاتي يعرضن الغلال في السوق المركزية بالعاصمة بوجمبورا،
أو في شوارع المدينة المترامية، قرّرن القيام بهذا العمل، إقتداء بأزواجهن، والذين
كانوا بدورهم يمتهنون هذه التجارة ، ومنهن من الأرامل من يخضن طوعا نضالا يوميا
لملئ بطون أطفالهن الجائعة.
“إيليان” كما العشرات من بائعات الفواكه بـ “بوجمبورا”، هي أم لـ 4 أطفال ، تصف
حياتها اليومية في شوارع العاصمة وقد علت وجهها علامات حزن تمكّنت من قسمات وجهها
لتصبح جزءا لا يتجزأ منها: ” عليّ أن أطعم أطفالي. أنا أرملة منذ 1997، فلقد فقدت
زوجي في فترة تزامنت مع المواجهات بين المتمردين والجيش في حي كيناما (بوجمبورا).
ومع نهاية الاشتباكات، لجأت إلى بعض الأموال التي اقتصدها شريك حياتي لابتياع موقف
لبيع الخضار في السوق المركزية لبوجمبورا”.
وتروي “إيليان” كيف أنه في الفترة التي سبقت تعرض السوق المركزية إلى الاحتراق، لم
يكن إطعام أبنائها وأسرتها ودفع قيمة الإيجار والمقدرة بـ 50 الف فرنك إفريقي (حوالي
35 دولار) من المشاكل المطروحة أمامها، بعد أن صارت تعرض الفواكه للبيع في الأرصفة
دون وجه قانوني.
“إيليان” كما باقي البائعات يتعرض عادة إلى المطاردة البوليسية، وفي احيان كثيرة
إلى التعنيف في قلب المدينة وأمام أنظار المارة غير المكترثة. تتعرض بضاعتهن للرفس
تحت عجلات سيارات الشرطة التي تشن حربا شعواء في سبيل مكافحة أي نشاط تجاري غير
مؤطر قانونيا، معتبرة أن الانتصاب بهذه الطريقة يضر بالنظام وبسيولة الحركة
المرورية.
“بيار نكوريكي”، الناطق باسم الشرطة البوروندية يبرر ما يقوم به أعوان الأمن في
حديث للأناضول بالقول إنه يتعين على الشرطة تطبيق القرارات الإدارية. كما أنّ
السلطات غالبا ما تذكّر بأن نشاط الباعة المتجولين ممنوع منعا باتا.
“كانديد غازاتسا” الناطق باسم بلدية “بوجمبورا” يندد بما وصفه بـ “المنافسة غير
النزيهة” التي يفرضها هؤلاء على أصحاب المحلات، مؤكدا على أن أي نشاط تجاري يخضع
إلى النظام الضريبي للدولة. وهو ما لا ينطبق على النشاط الذي تقوم به بائعات الغلال
المتجولات في “بوجمبورا”.
غير أنّ حتى صرامة القانون لم تثبط من عزيمة تلك البائعات المتجولات في مواصلة عرض
الغلال للبيع، ولسان حالهن يقول: قانون لا يضمن لقمة العيش للجميع، ليس جديرا بأن
يحترم.
الاناضول