القاهرة : جاءت زيارة سيلفاكير ميارديت النائب الأول للرئيس السوداني ورئيس حكومة الجنوب إلى مصر التي اختُتمت الاثنين ، استثنائيةً في وقت استثنائي، قبل أقل من 14 شهرا على استفتاء حق تقرير المصير، حيث يختار فيه أبناء الجنوب بين البقاء داخل السودان الموحد أو الانفصال وإقامة دولتهم المستقلة، فضلاً عن الانتخابات المقررة في شهر أبريل المقبل.
أضف إلى ذلك الاستراتيجية الأمريكية الجديدة التي أعلنها الرئيس الأمريكي باراك أوباما حيال السودان، والتي لا يدري أحد حتى الآن هل سيكون نصيب السودان منها مزيداً من العقوبات أم الحوافز ، وذلك طبقا لما ورد بجريدة "الجريدة" الكويتية.
هذه ليست الزيارة الأولى لسيلفاكير إلى القاهرة، التي تدرك الحركة الشعبية لتحرير السودان جيدا أهمية العلاقة معها وخصوصيتها منذ أول زيارة قام بها مؤسسها الراحل جون قرنق إلى العاصمة المصرية في التسعينيات من القرن العشرين، فقد كانت القاهرة أول محطة لسيلفاكير بعد أن تسلم منصبه كنائب للرئيس السوداني ورئيس حكومة جنوب السودان.
سيلفاكير والوفد الكبير المرافق له جاء إلى القاهرة هذه المرة حاملاً ثلاث رسائل محددة للغاية إلى القيادة المصرية، أولها أنه يريد اطلاعها على مواقفهم في الجنوب من القضايا الخلافية الحالية المثارة بشأن عدد من القضايا، في مقدمتها قانون الاستفتاء، وما يتعلق بالانتخابات، والقوانين المقيدة للحريات.
وشرح سيلفاكير للقيادة المصرية موقف الحركة الذي تراه عادلا في ضرورة إجازة قانون الاستفتاء بالنسبة البسيطة أي بمشاركة واختيار 50+1 في المئة، وليس بمشاركة ثلثي أعداد الناخبين، وفقا لما يرى حزب الرئيس السوداني عمر البشير، وهو الأمر الذي اتفق عليه نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه مع رياك مشار نائب سيلفاكير، ثم ترجعت عنه "الحركة الشعبية" بعد ذلك، لأنها ترى أنه أمر لا سابقة له في كل حالات الاستفتاء في العالم.
أما الرسالة الثانية فركزت على طمأنة مصر إلى أنه في حال انفصال الجنوب فلن تتضرر المصالح المصرية بأي شكل من الأشكال، وركزت الرسالة الثالثة على مطالبة مصر بمواصلة دورها الرائد والريادي في دعم إعادة إعمار الجنوب وتنميته، وأكثر من ذلك، تريد الحركة الشعبية أن تكون مصر قاطرة لجرّ وجذب الدعم العربي إلى جنوب السودان المنسي من الذاكرة العربية، والذي حولت مشكلة دارفور الأنظار عنه دولياً.
وستشهد الأيام المقبلة، كما أكدت قيادات جنوبية حراكا مصريا مكثفا لحل الأزمة الحالية بين شريكي الحكم في السودان، لإزالة الاحتقان الداخلي، الذي ينذر بمخاطر كبرى، لاسيما أن التصعيد السياسي بكل مستوياته، يصاحبه تصعيد آخر على الأرض متمثل في صراعات قبلية في جنوب السودان لا تعفي "الحركة الشعبية" شريكها "المؤتمر الوطني" من المسئولية عن تأجيجها والوقوف أيضا خلف انشقاقات بها.
أما مصر التي ظلت حريصة على وحدة السودان كهدف لا تحيد عنه ولا تفرط فيه، والتي اضْطُرت أخيرا إلى القبول بحق تقرير المصير بعد أن أجمع عليه السودانيون وبعد أن قامت عليه اتفاقية السلام، فهي الآن تنظر بعين إلى الوحدة وتستعد بالثانية لخيار الانفصال الذي أصبح واردا أكثر من أي وقت مضى.