أفاد وزير الدفاع الفرنسي، جان إيف لودريان، بأن الحل السياسي في مالي، الذي تبحث عنه عدة أطراف محلية وأجنبية، غائب حاليا. وتوقع شن عملية عسكرية في شمال البلاد خلال الأشهر الستة الأولى من العام المقبل.
وقال لودريان، في مقابلة مع صحيفة ''لاكروا'' الفرنسية، أمس، إن حكومة بلاده ''ستقدم الدعم التقني للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، بهدف تشكيل قوة قادرة على مساعدة مالي في استرجاع كامل ترابه''. أما عن تصور الشق العملياتي للحملة العسكرية المنتظرة، فذكر بأن الإعداد له جار حاليا. وأضاف: ''الأفارقة هم من سيتدخلون عسكريا وليس الفرنسيين ولا الأوروبيين''.
وأوضح لودريان أن بعث سياسة الدفاع الأوروبي ''يمثل أولوية'' بالنسبة للحكومة الفرنسية، وأن ذلك ''حقق تقدما في الأشهر الستة الأخيرة''. مشيرا إلى أن قادة الدول الأوروبية قرروا، في قمة بروكسل، يومي 13 و14 من ديسمبر الحالي، تحديد خارطة طريق لتطوير سياسة الدفاع الأوروبي. وقبل القمة، تمكنت فرنسا، حسب لودريان، من إقناع شركائها الأوروبيين بإيفاد بعثة من الاتحاد الأوروبي لمساعدة الجيش المالي في إعادة تشكيله. واعتبر ذلك خطوة متقدمة تشبه القرار الأوروبي المتخذ في نهاية 2008، بخصوص محاربة القرصنة البحرية في الصومال.
وأكد وزير الدفاع معلومات سبق تداولها إعلاميا، بشأن تعداد العساكر الأوروبيين الذين سيتنقلون إلى مالي. إذ سيتم تشكيل 400 جندي في بداية العام الجديد تحسبا لإيفادهم إلى مالي لمساعدة الجيش المحلي على إعادة بناء قدراته. ومعروف أن النقيب هايا سانوغو، قائد الانقلاب الذي وقع في 22 مارس الماضي، يرغب في أن يخوض الجيش المالي الخيار العسكري دون دعم أجنبي.
وحرص جان إيف لودريان على التأكيد بأن البعثة العسكرية الأوروبية ''لن تشارك في المعارك المنتظرة، ولكن الاتحاد الأوروبي يرى بوجوب مساعدة مالي للقضاء على التهديد الجهادي''. وأضاف: ''المبادرة الأوروبية مستقلة عن اللائحة التي صادق عليها مجلس الأمن بالأمم المتحدة التي تتيح للمجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا التدخل عسكريا بجنب الجيش المالي''. وتابع: ''ستقدم فرنسا والولايات المتحدة دعما للتحالف الإفريقي، في مجال اللوجستيك والمعاينة والاستخبارات والتكوين. حاليا لا يوجد حل سياسي، أما دول المنطقة فهي واعية بالمخاطر التي تواجه أمنهم، والتي تمثلها عصابات الإرهاب المسلحة المعتدية على السكان (في شمال مالي) والتي تمارس كل أنواع الممنوعات''.
ويعكس حديث وزير دفاع فرنسا عن عدم التوصل إلى حل سياسي، الموقف الرسمي لبلاده الذي يميل بوضوح إلى الخيار العسكري. يشار إلى أن الرئيس فرانسوا هولاند قال، خلال زيارته الجزائر، الأربعاء والخميس الماضيين، إن باريس تريد إعطاء فرصة للخيار السلمي عن طريق المفاوضات بين المسؤولين بباماكو والجماعات المسلحة التي تنأى بنفسها عن الإرهاب.
وسئل لودريان إن كان يعتقد بأن انخراط أوروبا في الحرب ضد الإرهاب بالساحل سيعقد وضعية الرهائن الفرنسيين الذين تحتجزهم ''القاعدة''، فقال: ''وضعية الرهائن الفرنسيين معقدة في كل الأحوال. إن ظاهرة احتجاز الرهائن دخلت منطقا جهنميا، ولا يمكن أن نتركها تتطور على هذه الوتيرة. إننا مهتمون بالرهائن عن قرب ونعمل كل ما في وسعنا لتحريرهم، ولكن هذا لا يمنعنا من اعتبار رهان وحدة مالي أمرا مهما لأمن هذا البلد وأمن فرنسا وأوروبا''.
وفي موضوع ذي صلة، أعلنت جماعة ''أنصار'' مسؤوليتها عن اختطاف فرنسي من شمال نيجيريا. وأوعزت ذلك إلى دور فرنسا في التحضير لتدخل عسكري ''ضد قيام دولة إسلامية في شمال مالي''. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن التنظيم المرتبط بجماعة بوكو حرام، أن فرنسا ورعاياها مهددون بأعمال مسلحة. وجاء في نص مكتوب منسوب لـ''أنصار'' أن سبب اختطاف المهندس فرنسيس كولمب، الأربعاء الماضي، هو ''موقف فرنسا والفرنسيين من الإسلام والمسلمين''.
الخبر