وُجّه الكثير من اللوم إلى الرعايا الصوماليين المقيمين في كينيا على خلفية الهجمات التي نفذتها حركة الشباب. لكن المحللين والمسؤولين الأمنيين، حذروا من أن تحميل الصوماليين المسؤولية سيزيد من خطر وقوع هجمات في المستقبل، إذ من الممكن أن ينفذ مقاتلون من مجموعات عرقية أخرى عمليات إرهابية دون أن يتم رصدهم.
وفي هذا الإطار، قال آدن دوالي، النائب عن منطقة دوجيس، إن الكينيين يشتبهون أولاً بالجالية الصومالية كلما تم تنفيذ هجوم إرهابي في كينيا.
وأضاف في حديث لصباحي، "غالبا ما تستدعي الهجمات صورا وأفكارا نمطية سلبية ضد الجالية الصومالية، علما أنه ليس مكتوبا على جبين أي شخص أنه عضو في [الحركة]. إن استهداف الصوماليين يشكل تهجما عرقيا ويعبر عن كره للأجانب".
وكانت قوات الأمن الكينية قد ردت في الأشهر القليلة الماضية على الهجمات الإرهابية بشن حملة ضد اللاجئين، شملت تنفيذ اعتقالات جماعية بحق الصوماليين منهم . وقد أصدرت الحكومة الكينية الأسبوع الماضي قرارا قضى بعودة جميع اللاجئين في كينيا إلى المخيمات، بالتزامن مع توقيف تسجيلهم وتوفير الخدمات لهم في المدن.
وقد دعت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين يوم الخميس، 20 كانون الأول/ديسمبر، كينيا إلى تجنب تحميل اللاجئين مسؤولية الحوادث العنيفة التي شهدتها البلاد مؤخراً.
الكينييون يلعبون دوراً هاماً في الإرهاب
وفي هذا السياق، قال الرائد المتقاعد في قوات الدفاع الكينية، بشير حاج عبدالله الذي يعمل حالياً كمستشار أمني، إن "العضوية في حركة الشباب غير محصورة بالجالية الصومالية".
وأوضح أن حركة الشباب نفذت خطوة استراتيجية بتجنيد أفراد غير صوماليين من أجل تقليص فرص إلقاء القبض على أعضائها. وأضاف أن الصوماليين يرفضون أكثر فأكثر الانضمام إلى الحركة بسبب حالة الإرهاق التي تعتريهم جراء الحرب.
وأشار بونيفاس موانيكي، رئيس وحدة شرطة مكافحة الإرهاب في كينيا، إلى أنه تم اعتقال 1900 متهم بتورطهم في أعمال إرهابية في البلاد منذ حزيران/يونيو الماضي، وقد ألقي القبض على 1200 منهم في نيروبي و400 في مومباسا و300 في غاريسا.
وأوضح لصباحي، "إننا نحتجز ونراقب أشخاصاً من جماعات كيكويو وباجوني ولوو ولوهيا وأكامبا العرقية".
وتقول السلطات إن إلجيفا بويري، وهو كيني من مجموعة لوهيا العرقية المسيطرة في المحافظة الغربية، يجسد مثالاً فعلياً لمقاتلي الشباب من غير الصوماليين.
يُذكر أن بويري المعروف باسم محمد سيف، قد اعترف أمام إحدى محاكم نيروبي في تشرين الأول/أكتوبر 2011 بانتمائه إلى الشباب، وبتورطه في هجوم بالقنابل اليدوية أدى إلى مقتل شخص وإصابة 18 آخرين في محطة لحافلات النقل بنيروبي في الشهر نفسه.
ويمثل أحمد إيمان علي، أمير مركز الشباب المسلم التابع للشباب، مثالاً أخرا على المقاتلين البارزين من غير الجنسية الصومالية.
ووفقا لتقرير صدر عن الأمم المتحدة في تموز/يوليو 2011، ينتمي علي، المعروف أيضاً بإسم عبدالفتاح من كيسمايو، إلى مجموعة ميرو العرقية التي تعيش في المحافظة الشرقية بكينيا، ويقوم بتنفيذ العمليات في الصومال منذ 2009. وقد وصف هذا التقرير مركز الشباب المسلم بأنه ذراع الحركة في كينيا والتي تهتم بتأمين مصادر التمويل لها وبتجنيد وتدريب العناصر لصالحها.
المقاتلون الأجانب في حركة الشباب
وذكر مفوض مقاطعة غاريسا، محمد معلم، إنه تم تجنيد مئات العناصر غير الصومالية بشكل سري للمقاتلة مع حركة الشباب في الصومال منذ العام 2006.
وفي الواقع، عززت مؤسسة الكتائب التي تشكل المركز الإعلامي للحركة، جهودها في تجنيد العناصر، وذلك عبر نشر سلسلة من مقاطع الفيديو التي تحث المجاهدين الأجانب إلى الانضمام إلى المعركة في الصومال.
وقال معلم إن قوات الأمن قامت في العام 2011 باعتراض أكثر من 30 شخصاً أجنبياً كانوا في طريقهم إلى الصومال أو خارجين منه، مضيفاً أن الكثيرين غيرهم تنقلوا بهذه الطريقة دون أن يتم اكتشافهم. وأضاف في حديث لصباحي، "لا يزال عدد منهم محتجزاً [لدى السلطات] وهم يساعدون في التحقيقات، في حين أُطلق سراح آخرين ووضعوا تحت المراقبة".
وذكر معلم أنه خلال السنتين الماضيتين، اعتقلت الشرطة أو احتجزت عناصر يُشتبه بتورطهم مع حركة الشباب ويحملون جوازات سفر مغربية وإيرانية وسعودية وبريطانية. وأكد "أن الخطر الذي نواجهه لا يأتي فقط من خارج حدودنا بل أيضاً من داخلها ومن أشخاص نستبعد أصلاً الاشتباه بهم".
ومن القضايا المهمة التي برزت في هذا السياق، اعتقال المواطن البريطاني جرمين غرانت، في كانون الأول/ديسمبر 2011 بتهمة حيازة متفجرات والتخطيط لهجوم في مومباسا. ولا تزال محاكمته معلقة حتى اليوم.
ويعتقد أيضا أن تكون المواطنة البريطانية سامنتا ليوثويات، أرملة جرمين ليندسي الذي شارك في تنفيذ الهجمات على العاصمة البريطانية لندن في 7 حزيران/يونيو 2005، مخبئةً في الصومال، حسبما ذكرت الشرطة المحلية. وفي أيلول/سبتمبر الماضي، نشرت ليوثويات عبر شبكة الإنترنت أنها تنوي المشاركة في هجمات انتحارية، مشيدةً بأنشطة حركة الشباب.
واعتقلت الشرطة الكينية مؤخرا في أيار/مايو المواطن السويسري مجد نجار واتهمته بالانتماء إلى حركة الشباب وبدخول البلاد بصورة غير شرعية. ولكن نجار نفى صحة هذه التهم وهو في انتظار محاكمته.
وفي هذا الإطار، أكد آدن محمد صلاح، رئيس وحدة شرطة مكافحة الإرهاب في بيدوا، أن حركة الشباب استخدمت حوافز عدة لاستقطاب الأجانب. وأوضح أنه "إلى جانب الادعاء بأن الصومال تتعرض لهجوم ينفذه عليه الكفار، وعدت [الحركة] بمنح مكافآت مادية لكل شخص يقاتل إلى جانبها".
وقال إن الحركة تخضع المجندين الأجانب لاختبارات لتتأكد من أنهم ليسوا جواسيس. وتابع قائلا، "تشمل الاختبارات القيام بتصفية أشخاص تحكم عليهم حركة الشباب بموجب قوانينها الخاصة. وتتم التصفية إما بإطلاق النار أو بالرجم أو باستخدام الخناجر".
تعاون المواطنين أساسي لوضع حد لهجمات الشباب
وقال مفوض مقاطعة غاريسا إن معظم الاعتقالات جرت بفضل معلومات وفرها المواطنون المتيقظون. وتم القبض على مقاتلين آخرين من حركة الشباب في أحراج المحافظات الشمالية الشرقية والساحلية حيث تخلى عنهم زعماؤهم.
وأضاف معلم، "يتضح شيئاً فشيئاً للكينيين أن أي شخص من نيانزا أو من المحافظة الوسطى أو حتى من محافظة فالي ريفت، قد يكون متورطاً مع جماعة إسلامية. لحركة الشباب أوجه عدة والحكومة متيقظة جداً لهذا الواقع".
الصباحي