مصر

قضت محكمة النقض المصرية يوم الأحد باعادة محاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك بعدما قبلت الطعن على الحكم بسجنه مدى الحياة لتفتح جرحا قديما في عملية التحول المؤلمة من عقود من الحكم المستبد.


واطيح بمبارك (84 عاما) في 2011 بعدما امضى 30 عاما في السلطة وصدر حكم العام الماضي بسجنه ووزير داخليته حبيب العادلي مدى الحياة في قضية قتل متظاهرين أثناء الانتفاضة التي أطاحت بمبارك قبل عامين وقررت إعادة محاكمتهما.

وقبلت المحكمة الطعن من النيابة ومن الدفاع على الحكم ضد مبارك والعادلي في حين تعد مصر للاحتفال بالذكرى الثانية للانتفاضة يوم 25 يناير كانون الثاني.

ومبارك هو الزعيم العربي الوحيد الذي قدمه شعبه للمحاكمة في ثورات الربيع العربي ومن المتوقع أن تثير إعادة محاكمته شجون كثيرين من المصريين وأن تدفع بسفينة خلفه الرئيس الإسلامي محمد مرسي إلى مياه خطرة في وقت يحاول فيه أن يحقق الأمن والاستقرار وأن ينتشل الاقتصاد من الهاوية.

ولا تزال مصر في حالة من عدم الاستقرار بينما تستعد لإجراء انتخابات تشريعية خلال الشهور المقبلة.

وتزايد القلق بشأن الاقتصاد بعد احتجاجات كانت عنيفة في الاغلب اواخر العام الماضي دفعت كثيرا من المصريين للاقبال على شراء العملات الصعبة وسحب مدخراتهم من البنوك وسط انخفاض قياسي في سعر الجنيه.

وكانت دائرة بمحكمة جنايات القاهرة عاقبت مبارك والعادلي بالسجن المؤبد في الثاني من يونيو حزيران الماضي لإدانتهما بالامتناع عن إصدار أوامر بوقف استعمال القوة ضد المتظاهرين في الانتفاضة التي استمرت 18 يوما.

ويترتب على الحكم بقبول الطعن إحالة أوراق القضية لدائرة أخرى في محكمة جنايات القاهرة.

وشملت محاكمة مبارك والعادلي ستة من كبار مسؤولي وزارة الداخلية خلال الانتفاضة برأتهم المحكمة من التهم التي تتعلق بقتل المتظاهرين.

وحوكم مبارك ايضا بتهم تتعلق بالفساد شملت ابنيه علاء وجمال وصديقه رجل الأعمال حسين سالم الذي غادر البلاد قبل إسقاط النظام. لكن المحكمة أسقطت اتهامات الفساد ضد الأربعة قائلة إنها تقادمت بمضي المدة.

وقررت محكمة النقض إعادة المحاكمة بالنسبة لباقي المتهمين ايضا.

وخلال محاكمة مبارك التي استمرت عشرة أشهر اتهم محتجون كثيرون المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي كان يدير شؤون البلاد ومسؤولين بقوا من نظام مبارك بالعمل لحمايته. ويمكن أن يكون من شأن إعادة المحاكمة تجديد الدعوات لإقصاء المزيد ممن يعتبرون من بقايا النظام القديم.

وقال محمد عبد الرازق أحد المحامين الذين يدافعون عن مبارك لرويترز "إعادة المحاكمة ستكون على أساس الأدلة الموجودة في الأوراق في المحاكمة السابقة. لن يضاف أي دليل جديد للقضية."

وأضاف أن الدائرة الجديدة في محكمة جنايات القاهرة يمكن أن تأخذ في الاعتبار تقدم سن مبارك.

لكن مسؤولا في مكتب النائب العام طلب ألا ينشر اسمه قال لرويترز "وفقا لقانون الإجراءات الجنائية يجوز للمحكمة في إعادة المحاكمة تحقيق الدعوى من جديد."

وأضاف "بناء على مبدأ تصدي المحكمة للدعوى الجنائية يجوز لها إدخال أدلة جديدة في الدعوى ومتهمين جدد."

وصحة مبارك ومصيره موضوعان لحديث المصريين في وقت يحاول فيه كثيرون طي صفحة حكم القبضة الحديدية الذي اقامه الرئيس السابق والاضطراب السياسي الذي تلا سقوطه.

وشكل الرئيس مرسي نيابة للثورة لكشف أدلة جديدة في قضايا قتل المتظاهرين وأصدر قانونا باسم حماية الثورة لكن المسؤول في مكتب النائب العام قال إن إعادة المحاكمة لن تكون على أساس قانون حماية الثورة.

وبعد مرور نحو عامين على الإطاحة بمبارك لا يزال نشطاء وسياسيون يقولون إن القصاص من قتلة الثوار لم يتحقق خاصة بعد أن برأت محاكم الجنايات في مختلف المحافظات الأغلبية الساحقة من رجال الشرطة الذين وجهت لهم تهم قتل المتظاهرين أو تهم تتصل بذلك.

وفي العديد من الاحتجاجات التي نظمت بعد إسقاط مبارك ردد متظاهرون هتافا يقول "يا نجيب حقهم يا نموت زيهم".

وبعد المحاكمة السابقة استاء مصريون كثيرون من عدم إدانة مبارك بوضوح بتهمة إصدار أوامر بقتل المتظاهرين وكذلك بما قالت منظمات تراقب حقوق الإنسان إنه انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في عهده.

وخلال المحاكمة السابقة استحوذت اللقطات التلفزيونية لظهور مبارك على سرير طبي في قفص الاتهام على اهتمام المصريين. ومن المؤكد أن تجدد إعادة المحاكمة ذكريات صعبة للممارسات في عهده.

وقال أحمد عبد الغفور (33 عاما) وهو مهندس في القاهرة "لو أن مبارك ومساعديه الفاسدين حصلوا على أحكام مخففة سيشعل ذلك الثورة مرة أخرى وسيكون هناك المزيد من إراقة الدماء."

ولم يحدد رئيس محكمة النقض أسباب قبول طعون النيابة وطعون المدانين وغير معروف للآن متى تبدأ إعادة المحاكمة.

ومن حق محكمة النقض إعلان أسباب الحكم في وقت لاحق كما أن محكمة استئناف القاهرة هي التي تحدد الدائرة الجديدة التي ستتولى المحاكمة المعادة وتاريخ بدئها.

وكانت نيابة الأموال العامة العليا قررت يوم السبت حبس مبارك 15 يوما على ذمة التحقيق في اتهامه بالحصول على هدايا من مؤسسة الأهرام الصحفية التي تملكها الدولة. وبالتالي لن يخرج مبارك من السجن بعد إلغاء الحكم يوم الأحد.

والعادلي مسجون لإدانته من قبل باتهامات فساد. كما أن علاء وجمال محبوسان احتياطيا على ذمة المحاكمة في قضايا فساد.

وقتل نحو 850 متظاهرا وأصيب أكثر من ستة آلاف خلال الانتفاضة بحسب تقرير لجنة حكومية لتقصي الحقائق. لكن المنظمات الحقوقية تقول إن عدد الضحايا أكبر.

وفور بدء النطق بالحكم صاح مؤيدون لمبارك ابتهاجا وكبروا وصفقوا مما دعا هيئة المحكمة للتوقف ومطالبتهم بالصمت أو ترك القاعة. وكان عشرات منهم تجمعوا في دار القضاء العالي بوسط العاصمة قبل ساعات من النطق بالحكم مرددين هتافات منها "يا مبارك ارفع راسك احنا واثقين في إخلاصك" و"بنحبك يا ريس".

ووقعت مشادات بين أنصار مبارك والشرطة التي حالت دون دخولهم القاعة لكن يبدو أن محامين بينهم دخلوا ببطاقات المحاماة التي يحملونها.

كما قام عدد من أنصار مبارك بتوزيع الحلوى على المارة خارج دار القضاء العالي التي تضم عددا من المحاكم العليا ومكتب النائب العام.

ويستعد المعارضون وهم تحالف هش من الليبراليين والعلمانيين والمسيحيين لتنظيم احتجاجات واسعة في الذكري الثانية للانتفاضة التي اندلعت يوم 25 يناير كانون الثاني.

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة حسن نافعة "إعادة المحاكمة تعيد كل شيء وتعيد الجميع إلى المربع رقم واحد."

وأضاف "توقيت الحكم حساس مع الذكرى الثانية للثورة التي ستحل يوم 25 يناير (كانون الثاني). شباب الثورة والمعارضة سيعمدون بالتأكيد للحشد في هذا اليوم من أجل القصاص."

وليس واضحا ما هي حقيقة الحالة الصحية لمبارك. وكانت وسائل الإعلام المحلية قالت العام الماضي إنه اقترب من الموت. ونقل مبارك من سجن طرة في جنوب القاهرة إلى مستشفى عسكري قريب أواخر الشهر الماضي بعد سقوطه في مستشفى السجن واصابته بشرخ في الضلوع.

وضغط المحامون المدافعون عنه لنقله إلى مستشفى القوات المسلحة بالمعادي الذي ينزل به حاليا قائلين إن مستشفى السجن غير مهيأ لرعايته.

ولم يتحدث مبارك في العلن عن الأحداث التي تلت سقوطه ولم يقل شيئا تقريبا خلال محاكمته السابقة باستثناء أنه حاضر وأنه غير مذنب.
رويترز


الخبر السابق - الخبر التالي تحضير للطباعة أرسل هذا الخبر إنشاء ملفpdf من الخبر
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع

أخبار أخرى

  • 2021/12/20 9:46:03 وفد مساعدي أعضاء الكونجرس الأمريكي يشيد باجراءات الإصلاح الاقتصادي في مصر
  • 2021/12/12 5:43:20 وفد من جنوب السودان يصل إلى الخرطوم لبحث تنفيذ اتفاق البرهان وحمدوك
  • 2021/12/7 5:45:24 اليوم.. مصر تحتضن مؤتمرًا دوليًا لمواجهة التغيرات المناخية
  • 2021/12/1 9:56:01 بعد قليل.. فتح الطيران المباشر بين مصر والسعودية
  • 2021/11/30 9:50:04 برلمانية: معرض إيديكس 2021 رسالة ردع لكل من يحاول تهديد أمن مصر
  • 2021/11/30 9:47:31 عضو «السيادة السوداني» يبحث سبل حل قضية شرق السودان
  • 2021/7/18 4:24:27 «تطورات خطيرة».. السودان يكشف انخفاض مياه الأزرق لـ 50% بسبب سد النهضة
  • 2021/7/18 4:14:46 مصر سترصد الفضاء بثاني أكبر تلسكوب في العالم
  • 2021/2/13 10:24:06 إثيوبيا تمارس "الاستيطان الإسرائيلي" وينقصها الشجاعة لإعلان الحرب
  • 2021/2/13 10:20:57 مصر تنتظر توضيح مواقف إدارة بايدن من قضايا الإقليم
  • 2021/1/13 7:18:25 تصفية أشهر وأعرق شركة تأسست في عهد جمال عبد الناصر
  • 2020/12/29 3:53:31 الجيش المصري يستعد في شمال سيناء
  • 2020/12/28 8:06:31 على أعتاب الاكتفاء الذاتي في سلعة استراتيجية
  • 2020/12/27 6:21:04 السيسي: اتفاق سد النهضة يجب أن يكون ملزما ويحفظ حقوق مصر
  • 2020/12/13 7:50:00 يغلق معبر أرقين الحدودي مع مصر
  • 2020/12/12 10:18:08 715 مليون يورو تمويلات فرنسية إلى مصر.. وهذه تفاصيلها
  • 2020/12/6 5:31:09 البعثة الأممية في ليبيا تعلن نتائج التصويت على مقترحات آلية اختيار السلطة التنفيذية الموحدة
  • 2020/12/6 5:20:50 إقالات ودعوة لـ"يوم غضب" إثر مقتل طبيب بسقوط مصعد معطل
  • 2020/11/30 4:28:26 البرلمان الليبي يدعو لعقد جلسة خاصة
  • 2020/11/30 4:26:54 تسجيل 66 وفاة و1271 إصابة جديدة بفيروس كورونا
  • 2020/11/28 7:12:19 السودان تشيع جثمان زعيم حزب الأمة الصادق المهدي في جنازة مهيبة
  • 2020/11/25 9:58:44 السيسي: لقاح فيروس كورونا سيكون متوفرا في مصر منتصف العام المقبل
  • 2020/11/23 9:05:05 ماذا يعني انسحاب السودان من مفاوضات سد النهضة؟ خبراء يجيبون
  • 2020/11/18 9:11:06 رئيس وزراء السودان يؤكد الاستعداد للتعاون مع بعثة "يونتامس"
  • 2020/11/17 10:29:29 تبادل إطلاق نيران في ظل وضع ملتبس بالصحراء الغربية وتصعيد بين الجيش المغربي والبوليساري
  • 2020/11/17 10:26:22 صراع الحرب الأهلية يشتد.. محاولات وساطة لوأد النزاع في تيغراي
  • 2020/11/17 10:03:11 بريطانيا تسعى لسحب لقب أكبر مستثمر أجنبى فى مصر من الاتحاد الأوروبى
  • 2020/11/14 9:58:35 مباحثات سودانية - أمريكية في الخرطوم
  • 2020/11/11 6:57:26 إثيوبيون بينهم عسكريون يفرون من القتال في تيغراي إلى السودان
  • 2020/11/11 6:55:21 مجلس الأعمال المصرى اليونانى: استثمارات يونانية فى مصر تخطت المليار يورو