وقال راموجي، وهو زعيم إحدى الحركات الشبابية ويبلغ من العمر 30 سنة ويقيم في حي كيبيرا الفقير في نيروبي، "حاولت محو الصور من ذاكرتي لكنها تتكر في ذهني باستمرار. طردوا أولئك الذين اعتبروهم مختلفين من حيث العرق ولم يدعموا يوماً مرشحاً محدداً. لم يبقَ لنا بعد أعمال العنف إلا حياة مدمرة وقتلى".

وراموجي الذي هو أحد أعضاء حركة أندر ذي سايم سكاي الشبابية الكينية التي تعالج المشاكل المحلية المرتبطة بالبيئة والتغير المناخي، أكد على أن السياسيين شاركوا على مدى سنوات طويلة في حملات عامة لتحريض الناس في الأحياء الفقيرة وخلق حالة من الفوضى تفيد مصالحهم السياسية الخاصة.

وأضاف "لعبت مسألة العرق دوراً أساسياً في السياسة الكينية منذ الاستقلال في 1963، وتكاد هذه المسألة تكون أساساً للقرارات السياسية التي يتم اتخاذها".

ولكن شرح راموجي أنه، مع استعداد كينيا للانتخابات العامة التي ستجري في 4 آذار/مارس، يتجمع الشبان والشابات من مختلف الأحياء الفقيرة في نيروبي لضمان عدم استغلال أي منهم مجدداً لأغراض سياسية.

وفي كانون الثاني/يناير 2012، شكّل راموجي حركة الحوار الشبابي بين الأعراق ومنتدى المصالحة السلمية بالتعاون مع عدد من الحركات الشبابية الأخرى، ولكن بهدف معالجة الاختلافات العرقية التي لا يزال يشهدها حي كيبيرا الفقير منذ انتخابات 2007.

وأوضح راموجي أن المنتدى سيعمل بفضل تمويل من الاتحاد الأوروبي على تنظيم أحداث تعليمية مجانية خاصة بالانتخابات المقبلة. وسيتمكن السكان خلال هذه الأحداث الشبيهة بالاجتماعات البلدية من التوجه مباشرةً إلى المرشحين السياسيين الذين ستتم دعوتهم لتقديم برامجهم والتحدث عن المشاكل الاقتصادية التي يواجهونها والفرص التي يسعون إليها. وتشمل الأحداث المذكورة أيضاً مهرجانات موسيقية ومنافسات رياضية وحلقات دراسية لتعليم الشباب قيم التسامح والسلام والتفاهم.
الترويج للتحضّر والتعايش

في هذا الأطار، قال تشارلز أومانغا، وهو أحد أعضاء المنتدى ورئيس شبكة لانغاتا الشبابية، "لقد أسسنا هذا المنتدى لنتمكن من محو النزاعات القبلية القائمة والتحدث إلى الشباب الآخرين بشأن ضرورة الحفاظ على السلام ورفض الاستغلال الذي يمارسه السياسيون".

وأضاف "قررنا خلق مساحات حيث نستطيع التحدث وإلغاء التوتر وتوعية المواطنين بشأن حقوقهم المدنية وأهمية التعايش. نرفض اعتبار الأحياء الكينية الفقيرة أماكن يسودها الشغب وغياب الأمل والأمان وتعاطي الكحول والعنف. نريد أن نُعرف [بحملاتنا] للحفاظ على السلام وبتحضّرنا".

وذكر أومانغا أن بعض الأشخاص يتوقعون فترة تعمها الفوضى بعد الانتخابات سيتمكن خلالها السياسيون من استغلال الشباب في الأحياء الفقيرة لخلق حالة من الرعب تفيد مصلحتهم السياسية.

ولكن أعلن قائلاً "أنا أراهن هذه المرة أنكم على خطأ لأن معظم الشباب كانوا يتصرفون بعنف من باب الجهل، ولكننا اليوم ثقفناهم وهم أصبحوا يدركون أنه لا يجب استعمال الانتخابات لدفعنا إلى الهاوية. فعلى عكس ذلك، إنها عملية ديموقراطية تقدم للناس زعماء أفضل [مهمتهم] تعزيز التنمية".

وبدوره، أوضح رئيس المنتدى، إيريك أوندورو، أن المنتدى يهدف بشكل أساسي إلى جعل أفراد المجتمع يحترمون حياة جيرانهم بغض النظر عن أصلهم.

وقال لصباحي "تكمن الفلسفة التي تشكّل محور هذا المشروع في أن مشاركتنا في العملية الانتخابية ستكون سلمية وخالية من العنف إذا ما تم إلغاء العنصرية وتشجيع الحوار وتزويد المواطنين والشباب بالأدوات اللازمة لذلك".

أما دوروثي أنيانغو، رئيسة المبادرة النسائية الشبابية، فقالت إن فعاليات المنتدى تعلّم الشباب على تقبّل مختلف الآراء السياسية المتباينة والمشاركة في نقاشات سياسية سليمة.

وأوضحت في حديث لصباحي أن "النقاشات المتعلقة بالميول السياسية كانت مرتبطة بشكل أساسي بتوجهات عرقية ولكننا نقول لهم إن السياسات يجب أن تتمحور كلها حول المشاكل. إننا نعمل على جعل الشباب يدركون أن الزعماء غير الكفؤ، وبغض النظر عن عرقهم، يتركون جميع أتباعهم في حالة من المعاناة".
تغلب السكان على العنصرية

قال كينيدي كاماو، وهو شاب عاطل عن العمل يبلغ من العمر 25 عاماً ويقيم في كيبيرا، إن الأحداث التي نظمها المنتدى بين الأعراق ساعدته على تعلّم كيفية المشاركة في العملية السياسية بشكل سلمي.

وشرح في حديث لصباحي "كنا نتفاعل مع المسائل السياسية بصورة شخصية، فنربطها بعرقنا مما يحرضنا بسهولة لتعبئة أنفسنا وضرب أولئك الذين لم يدعموا مرشحنا". وأضاف أنه في حين كانت تجري مواجهات بين الناس في الأحياء الفقيرة بشأن مسائل سياسية، لم تحصل أي نزاعات عرقية بين الزعماء السياسيين.

وقال "قررت أن أكون سفيراً للسلام بقدر الإمكان وأن أقيّم السياسيين حسب أيديولوجياتهم وليس على أساس المال أو القبائل".

وذكر كاماو أن تنظيم منتديات يستطيع فيها المرشحين التحدث إلى المواطنين يساعد الكينيين المقيمين في الأحياء الفقيرة على المشاركة في حوارات سياسية عبر لعب دور فعال في وضع جدول الأعمال وإجبار السياسيين على تحمل مسؤولية الوعود التي يقطعونها. وأوضح أن المبادرة تساعد في إنشاء وتنمية علاقات جيدة بين سكان تلك الأحياء.

في هذا السياق، قالت ماري مولي، 50 عاماً، وتملك كشكاً في منطقة كيبيرا الأولمبية، إن البرنامج ساعدها على العفو عن أولئك الذين أحرقوا الكشك الذي تملكه خلال أعمال العنف التي تلت انتخابات 2007.

وذكرت لصباحي "عشت حياتي وأنا أشعر بالغضب. لم أعرف يوماً أنني سأتمكن من التغلب على هذا الشعور. ولكن بعد حضور إحدى فعاليات الحوار بين الأعراق في تشرين الثاني/نوفمبر 2012 مع أفراد المجتمع نفسه الذين هاجموني عبر إحراق الكشك الذي أملكه، اختفى هذا الشعور بالمرارة. غفرت لهم وإني اليوم أعتنقهم".
الصباحي

---