عادت ميلشيا إسلامية على صلة بهجوم القنصلية الأمريكية في بنغازي إلى المدينة الليبية بشكل واضح لتتولى إدارة نقاط التفتيش وتبني لنفسها قاعدة شعبية بتعهدها بحفظ الأمن الذي يحتاج اليه المواطنون بشدة.
ويسيطر شبان ملتحون من جماعة أنصار الشريعة على المدخل الغربي لثاني كبرى المدن الليبية ويحرسون أحد المستشفيات ويقومون بتفتيش السيارات والشاحنات التي تمر عبر نقطة تفتيش أخرى في الجنوب.
ويقول شهود عيان إن أعضاء جماعة أنصار الشريعة كانوا في مسرح هجوم الحادي عشر من سبتمبر أيلول الماضي الذي أودى بحياة أربعة أمريكيين بينهم السفير كريستوفر ستيفنز رغم أن الجماعة نفت أي دور لها في الهجوم.
وبعد أيام من الهجوم طرد السكان الغاضبون الجماعة من قواعدها في المدينة في احتجاج أطلقوا عليه اسم "جمعة إنقاذ بنغازي."
وتؤكد عودة الجماعة بشكل واضح بعد خمسة أشهر من طردها مدى تعقيد الوضع الأمني في ليبيا بعد عامين من اندلاع الانتفاضة التي أطاحت بمعمر القذافي.
ويعتبر الكثيرون في الغرب أن المتشددين الإسلاميين يشكلون أكبر تهديد لأمن هذا البلد المنتج للنفط والمنطقة بأسرها ويتهمونهم بتنفيذ سلسلة من الهجمات على الشرطة والأجانب في المدينة خلال الأشهر الماضية.
وتتفق مخاوف هؤلاء مع المخاوف الدولية من صعود الإسلاميين في دول أخرى اجتاحتها انتفاضات الربيع العربي بما فيها مصر وتونس.
غير أن بعض السكان المحليين ينظرون إلى أفراد هذه الجماعات على أنها أبطال الانتفاضة الليبية ويقولون إنهم يعملون على حمايتهم بشكل أفضل من الحكومة في طرابلس.
ومع بدء الاحتفالات بالذكرى السنوية الثانية للانتفاضة لوح شخص واحد على الأقل بالعلم الأبيض الخاص بجماعة أنصار الشريعة أثناء مشاركته في أحد التجمعات.
وقالت إيمان بوقعيقيص الأستاذة بجامعة بنغازي إن هؤلاء الرجال هم أيضا من حاربوا على الجبهة الأمامية ويهتمون بمدينتهم ويقدمون الخدمات ولا يمكن تجاهلهم.
وأضافت أن السكان اضطروا إلى أن يطلبوا منهم العودة وحماية الشوارع والمستشفيات.
وأقر نائب رئيس الوزراء الليبي عوض إبراهيم يوم الأحد بالدور الأمني الذي تلعبه الميليشيات دون أن يخص بالذكر أنصار الشريعة.
وقال إبراهيم لرويترز في بنغازي مهد الانتفاضة إن هذه الميليشيات شاركت في تحرير البلاد ولا يمكن إقصاؤها على الأقل في الوقت الراهن إلى أن يتم بناء مؤسستي الجيش والشرطة.
ويقول الرجال في نقطة التفتيش الغربية في بنغازي إنهم يعملون هناك منذ قرابة الشهر لحفظ الأمن قبل الاحتفالات بذكرى الانتفاضة.
ويقوم أعضاء الجماعة أيضا بحراسة مستشفى الجلاء في المدينة والتي قال المسؤولون إن أحد المرضى قتل فيه خلال اشتباك وقع قبل أسبوعين.
وقال أسامة الشريف المتحدث باسم المجلس المحلي في بنغازي إن عاملي المستشفى لم يكن لديهم خيار سوى أن يطلبوا من المواطنين المحليين بمن فيهم أعضاء جماعة أنصار الشريعة حماية المستشفى.
ويقول أفراد الميليشيا إنهم يتولون حماية ما حاربوا من أجله أثناء الصراع ويساعدون سكان المدينة.
ورفض قادة الجماعة التي تنتمي إلى التيار السلفي طلبات متكررة من رويترز بإجراء مقابلات معهم.
وبالطبع لا يشعر الجميع بالسعادة لاستعادة الجماعة لنفوذها.
ويقول يونس نجم أحد منظمي حملة طرد أنصار الشريعة إن الحكومة فوتت فرصة ثمينة بعد "جمعة إنقاذ بنغازي" للسيطرة على هذه الميليشيات وتفكيكها ودمج أفرادها في المؤسسات الشرعية.
وأضاف أن الأمر سيستغرق بعض الوقت ولكن كلما استغرقت الحكومة فترة أطول لحفظ الأمن كلما ازدادت بعض الجماعات قوة لتصبح قوى موازية للحكومة.
رويترز