كشفت دراسة ألمانية عن خطط لحكومة جنوب السودان للانتهاء في العامين القادمين من تشييد خط سكة حديد يصل بين عاصمة الجنوب جوبا وميناء مومباسا الكيني الواقع على المحيط الهندي.
وذكرت الدراسة المعنونة "سكة حديد للاستقلال" والصادرة عن مركز جيرمان فورين بوليسي للسياسة الدولية أن حكومة جوبا تعد نفسها للانفصال بعد الاستفتاء المقرر إجراؤه في السودان عام 2011، وترى في مشروع السكة الحديد أهم مصدر لتوفير الموارد المالية لدولة "السودان الجديد" التي تريد إعلانها كدولة مستقلة للجنوبيين.
وأوضحت الدراسة أن هدف الأنفصاليين الجنوبيين من إقامة خط السكة الحديد هو "إنهاء اعتمادهم كليا على السودان في تسويق مواردهم ونقل النفط والمواد الخام المتوافرة بكميات هائلة في الجنوب إلي الساحل الكيني مباشرة، وتصديرها من هناك للمشترين في العالم دون حاجة لمرورها بعد "الاستقلال" في أراضي "أعدائهم الشماليين".
وأشارت الدراسة إلى أن إعادة إحياء الخطط القديمة التي وضعتها شركات ألمانية لإقامة خط سكة حديد جنوبي السودان، مرتبط بسعي عدد كبير من دول شرقي أفريقيا على قدم وساق لتطوير بنيتها التحتية بتمويل من مصادر مالية دولية من بينها ألمانيا، ورأت أن عمليات التطوير الكبيرة الدائرة هناك ستعيد رسم الحدود السياسية والجغرافية والثقافية لشرقي أفريقيا من جديد خلال القرن القادم.
دعم ألماني
ونوهت الدراسة الألمانية إلى أن استفتاء تحديد مصير جنوبي السودان سينظم بعد أقل من عامين، وفقا لبنود اتفاقية السلام التي وقعتها الحكومة المركزية في الخرطوم مع انفصاليي الجنوب عام 2005 تحت ضغوط غربية قوية.
وأشارت إلى أن تنفيذ هذه الاتفاقية على الأرض كانت مراقبة من البداية بواسطة قوات أممية من بينها وحدات عسكرية ألمانية، وتوقعت أن يصوت أغلبية سكان الجنوب في الاستفتاء على خيار الانفصال عن الشمال وتأسيس دولة "السودان الجديد".
ولفتت الدراسة إلى أن وكالة التطوير الألمانية "جي تي زد" استعدت لقيام هذه الدولة الانفصالية الجديدة ببرنامج دعم طويل المدى يتضمن بناء المساكن وشبكة لمياه الشرب والري والصرف الصحي وإعادة بناء الشرطة، إضافة لتخطيط شوارع جوبا العاصمة المستقبلية "للسودان الجديد".
الجزيرة
وأوضحت أنه حتى دستور الدولة المنتظرة بجنوبي السودان قد تم إعداده في معهد ماكس بلانك للقوانين الأجنبية العامة والقانون الدولي بمدينة هايدلبيرغ.
وقالت الدراسة إن الإجابة عن سؤال بشأن كيفية تمويل الدولة الانفصالية الجديدة لنفسها كانت مثار بحث في ألمانيا، التي لا تشك في وجود قاعدة اقتصادية أساسية لهذه الدولة تتركز فيما ستضع عليه يدها من موارد كبيرة للنفط والمواد الخام والمعادن النفيسة الموجودة في أراضي الجنوب"، مشيرة إلى أن تصدير هذه المواد يجري حتى الآن عبر شمالي السودان، وهو ما سيرفضه الجنوب بعد استقلاله، في حين ستمارس ضغوطا قوية للاحتفاظ بهذا الحق".
ركيزة الانفصال
وأرجعت الدراسة الألمانية بداية مشروع إقامة سكة حديد جوبا مومباسا إلى اتفاق المتمردين الجنوبيين مع شركة ألمانية متخصصة لإنجاز هذا الخط ليكون ركيزة لتصدير النفط والمواد الخام من جنوبي السودان
.
وكشفت أن هذا المشروع حظي بدعم من دوائر ألمانية رسمية، ورأى فيه إستراتيجيو الانفصال الجنوبيين شريان الحياة لدولتهم المرجوة.
وذكرت الدراسة أن خط القطارات الذي تم تجميد تنفيذه لأسباب مختلفة بعد توقيع اتفاقية السلام عام 2005، عادت إليه الحياة مجددا بعد بدء شركة تورميهلن الألمانية عام 2007 مفاوضات لتشييده مع حكومة أوغندا.
وأشارت إلى أن حكومة جوبا الراغبة في استباق موعد الاستفتاء بوضع قضبان قطارها المأمول على الأرض تمارس ضغوطا متزايدة ورصدت مبلغ عشرين مليون دولار أميركي كدفعة أولى للبدء بتنفيذ مشروع السكة الحديد العام القادم.
ولفتت الدراسة إلى أن حكومة أوغندا وكينيا تدعمان دمج جنوبي السودان عبر مشروع قطارات جوبا مومباسا في مشروع دولي كبير لتطوير بنيتها التحتية وإقامة شبكة للسكة الحديد تربط بين دول شرقي أفريقيا
.
واعتبرت أن هذا الدمج يتوافق مع تطلعات حكومة جوبا للانفصال بعد استفتاء تقرير مصير الجنوب، وكشفت أن إمكانية تنفيذ سكة حديد جنوبي السودان كينيا يكتنفه الغموض حاليا بعد تغيير إدارة باراك أوباما لسياستها تجاه الخرطوم، وخلصت إلى أن هذا يطرح احتمال تراجع واشنطن عن المشاركة في هذا المشروع.