على طريق صلاح سالم (شرق القاهرة) وضعت الحكومة المصرية أمام مقر الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عدادا رقميا يشير إلى معدل المواليد في البلاد، وبحلول اليوم (الجمعة) سوف تضيء المصابيح الحمراء على اللوحة الرقم 84 مليون نسمة، قبل أن تغادر هذا الرقم مسرعة في أقل من 20 ثانية.
وبحسب الجهاز المركزي أيضا فإن ثمانية ملايين مصري في الخارج يضافون إلى هذا الرقم وهو ما يرفع عدد المصريين الإجمالي إلى 92 مليون نسمة.
وقال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إن تقديراته لعدد المصريين في الداخل يعتمد على نظام «الساعة السكانية» الخاصة بتقدير نسبة الزيادة، في حين اعتمد على أرقام وزارة الخارجية لتحديد عدد المصريين خارج البلاد.
وأوضح الجهاز في بيان له أن عدد السكان بالداخل سجل 83 مليون نسمة في 30 أغسطس (آب) الماضي، مما يعني حصول زيادة بواقع مليون شخص خلال 6 شهور، وبلغت نسبة الذكور من بين إجمالي السكان 51.1 في المائة مقابل 48.9 في المائة من الإناث.
يقول الدكتور إبراهيم العيسوي الخبير الاقتصادي إن «هذه الأرقام يجب ألا تزعج المصريين، فنحن اعتدنا على هذه المعدلات ولا يوجد شيء مفاجئ على الإطلاق»، وأضاف العيسوي لـ«الشرق الأوسط»: «الحل المتاح للتصدي للانفجار السكاني يكمن في التنمية الاقتصادية بالدولة ومحاربة الفقر»، مؤكدا أن «الفقر والجهل هما اللذان يدفعان المواطنين للإكثار من الإنجاب لأنهم يعتبرون الأطفال بالنسبة لهم مصدر دخل في المستقبل».
ويقول مراقبون إن نظام الرئيس السابق حسني مبارك اعتاد على استخدام ما وصفوه بـ«فزاعة» الانفجار السكاني لتغطية فشله في توفير الخدمات الاجتماعية والصحية الضرورية.
وفي سياق متصل، قال الأديب المصري أشرف الصباغ، إن «عدد السكان عندما يزيد بالدول المتقدمة يعتبرونه ثروة قومية، أما في الأنظمة الاستبدادية فيعتبر كارثة على الاقتصاد نظرا لسوء التخطيط الاقتصادي لهذه الدول وعدم وضع مشروعات تنموية، بل إن أولويات هذه النظم تتجه لوضع أموال الدولة في جيوب النظام والتغطية على ذلك بإعلان أن تعداد السكان يزداد بشكل هستيري».
وأعطى الصباغ مثلا بروسيا التي درس بها لافتا إلى أن عدد السكان بها يقدر بنحو 142 مليون نسمة، إلا أنها تعتبره رقما ضئيلا من حيث إمكانية الاستعانة به لتنمية الدولة.
واعتبر خطاب أغلب المرشحين في الانتخابات الرئاسية التي جرت في البلاد منتصف العام الماضي الزيادة السكانية دليلا على وجود ثروة في الموارد البشرية غير المستغلة، لكن حجم التحديات التي تواجه اقتصاد البلاد الذي يعاني من تدهور حاد على مدار العامين الماضيين ربما يطرح تحديات أمام هذا الخطاب المتفائل، بحسب مراقبين.
من ناحيته، أوضح الروائي يوسف القعيد أن هذه الأرقام توضح أن هناك تسارعا غير عادي في عدد السكان وأن النظام المصري الآن يعتبر تحديد النسل مؤامرة صهيو - أميركية، وهذا تدمير لفكرة تنظيم المجتمع وسوف يؤدي لانفلات رهيب لا يقابله مشروعات تنمية، وتابع القعيد لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «سوف يأكل المصريون بعضهم بعد فترة إذا استمر هذا الانفجار السكاني والقلة في الموارد».
وأشار بيان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء إلى أن العاصمة المصرية القاهرة احتلت المرتبة الأولى في عدد السكان بنسبة 7.1 في المائة، تليها محافظة الجيزة بواقع 6.8 في المائة، أما أقل نسبة فسجلت في جنوب سيناء، وبلغت 2 في المائة.
وأوضحت الأرقام أن سكان مصر يعيشون على مساحة لا تتجاوز 7.7 في المائة من إجمالي أراضي البلاد، خاصة على ضفتي نهر النيل وفي منطقة الدلتا التي يشكلها النهر عند مصبه بالبحر الأبيض المتوسط.
جدير بالذكر أن وزارة الموارد المائية قد أعلنت منذ أيام أن نصيب الفرد السنوي من مياه النيل انخفض في مصر من 2800 متر مكعب في عام 1959 إلى نحو 660 متر مكعب في العام الحالي، وهو ما يعتبر أقل من الحد العالمي للفقر المائي والمقدر بـ1000 متر مكعب سنويا، محذرة من انخفاض نصيب الفرد أكثر خلال السنوات المقبلة مع استمرار معدلات الزيادة السكانية.
ليبيا المستقبل