تسبب قرار أثيوبيا بسحب قواتها من بلدة حدر في منطقة باكول الصومالية بحالة من الخوف والاستياء في صفوف زعماء إدارات المناطق الصومالية الأخرى.
وقد عبّر هؤلاء عن مخاوف بشأن إحتمال سيطرة حركة الشباب على أراضٍ إضافية في مناطق أخرى، في حال إنسحبت منها القوات الأثيوبية أيضاً.
وعندما غادرت القوات الأثيوبية والصومالية حدر في 17 آّذار/مارس الماضي، هرب معهم أيضاً حوالي 2000 مواطن. وقد سيطر عناصر الشباب بعد ذلك على المدينة وقتلوا عدداً من سكانها المدنيين.
يُذكر أن القوات الأثيوبية تقدم دعمها للقوات التابعة للجيش الصومالي ولقوة بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميصوم) منذ عام 2006 بشكل متقطع. فانتشرت في الصومال في مرحلة أولى تحت ولاية الرئيس عبدالله يوسف في 2006 من أجل المساعدة في تفعيل دور الحكومة الفدرالية الصومالية في مقديشو، قبل أن تنسحب في وقت لاحق عام 2009.
وعادت القوات الأثيوبية إلى الصومال عام 2011 وأعادت السيطرة على أراضٍ حدودية واسعة كانت في أيدي مقاتلي الشباب. وأشارت أديس أبابا إلى أنها لا تنوي نشر قواتها في الصومال على المدى الطويل.
ضرورة ملء الفراغ الأمني
وتشهد البلاد قلقاً متزايداً بشأن إحتمال خروج القوات الأثيوبية من مناطق أخرى من الصومال قبل أن تصبح القوات الصومالية وقوات الأميصوم جاهزة للحّل محلها وملء الفراغ الأمني.
وقال عثمان ليباه، وهو نائب برلماني من بيدوا والذي يمثل منطقتي باي وباكول، إن القوات التابعة للحكومة الصومالية تفتقر إلى الأسلحة والإمكانيات الفنية والإمدادات اللازمة للتعويض عن الدعم الأثيوبي.
وأضاف ليباه في حديث لصباحي، "كان من واجب الحكومة التفاوض بشأن هذه المسائل مع أثيوبيا، لا سيما وأن الجيش الأثيوبي مسؤول عن الملف الأمني منذ أكثر من سنة. ولكن الحكومة فشلت في تعزيز قدرات القوات الإقليمية لتبقى قوية".
وتابع قائلاً، "إن عدد القوات الأمنية المنتشرة هنا ليس قليلاً ولكن هذه العناصر تفتقر إلى الطعام والأسلحة وهي محبطة جداً، مما يدفعها إلى الهرب مع السكان".
وفي هذا الإطار، أوضح نائب حاكم باكول، حسن ابراهيم حسن، أن القوات الصومالية تفتقد نوعاً ما إلى الخبرة.
وقال لصباحي، "تم تشكيل القوات الحكومية في منطقة باكول مؤخراً وهي لا تتمتع بالإمكانيات اللازمة لمحاربة الشباب. بالتالي نحتاج إلى دعم ليتمكن الجيش من إعادة السيطرة على حدر".
وبدوره، شدد المدير العام في وزارة الداخلية والأمن الوطني، حسين عبدي آدم، على أن الجهود العسكرية المشتركة لا تزال تشكل الطريقة الأفضل لضمان الأمن، ذلك أن الحكومة الصومالية كانت حتى فترة غير بعيدة عاجزة عن التسلّح بسبب حظر السلاح الذي فرضته الأمم المتحدة والذي رُفع جزئياً هذا الشهر.
وأضاف آدم لصباحي، "لا يمكن تغيير الوضع الأمني إذا لم تُبذل جهود مشتركة من قبل القوات الأثيوبية وقوات الأميصوم والقوات الحكومية، ذلك أن الحكومة تواجه عائق حظر الأسلحة الذي يمنع القوات الحكومية من شغل المواقع التي أخلتها العناصر الأثيوبية".
الأميصوم تتعهد بأخذ محل القوات الأثيوبية
من جهتها، أعلنت الأميصوم أنها جاهزة وقادرة على ملء الفراغ الأمني الذي خلّفته القوات الأثيوبية بعد انسحابها.
وقال المتحدث باسم الأميصوم، العقيد علي آدن حمود، "يكمن عملنا في مساعدة شعب الصومال وحكومته، والسماح لهما باستعادة السيطرة على البلاد لإعادة بسط سلطة القانون والنظام فيها"، حسبما نقلته إذاعة آر.بي.سي.
وتابع قائلاً، "إننا نضع اللمسات الأخيرة على الخطة التي ستمكننا من الوصول إلى مدينة حدر وأنحاء أخرى من منطقة باي وباكول التي تسيطر عليها حركة الشباب حالياً، ونتعهد بننا سنعيد السيطرة على المدينة".
أما قائد قوة الأميصوم، أندرو غوتي، فعبّر عن ثقته بوجود ما يكفي من القوة العسكرية في المنطقة.
وأكّد قائلاً، "وضعنا تدابير استباقية لضمان استقرار وأمن مناطق باي وباكول... في حال انسحاب القوات الإثيوبية".
ولكن في هذا السياق، حذر ليباه من عدم قدرة الأميصوم على بسط الأمن في جميع مناطق الصومال. وقال "قد تتمكن الأميصوم من ضمان الأمن في بيدوا ومناطق أخرى، ولكنها لا تستطيع الوصول إلى مناطق وقرى بعيدة مثل كانسا ديره وبردالي".
ومن جانبه، أشار الأستاذ المحاضر في جامعة مقديشو والعقيد السابق في الجيش، عبدالكريم داود، إلى أن الأميصوم قادرة على أخذ محل القوات الأثيوبية، ولكن قد يؤدي غياب الجاهزية في صفوفها إلى تقوية حركة الشباب.
وأضاف لصباحي، "يمكن أن تنجز الأميصوم الكثير إذا ما نشرت قواتها التي يبلغ عدد عناصرها 17 ألف جندي في الصومال. ولكن ونظراً للظروف الراهنة، هي ليست مستعدة كما أنها لا تنوي الحلول سريعاً محل العناصر الأثيوبية".
وأوضح داود أنه لمنع الشباب من السيطرة على المناطق المعرّضة والضعيفة عسكرياً، يتوجب على الحكومة الصومالية الحد من إعتمادها على الدعم العسكري الأجنبي.
وأضاف أن "الحل الوحيد لهذه المشكلة يكمن في تعزيز الحكومة لقواتها، فلا تضطر إلى الاعتماد على القوة الأجنبية".
الصباحي