أجمعت الطبقة السياسية على ضرورة طرح مسودة الدستور، بعد فراغ اللجنة التقنية التي تعكف على إعدادها، للنقاش السياسي وقبل إحالتها على المجلس الشعبي الوطني للمصادقة أو على الاستفتاء الشعبي.
وكان رئيس الجمهورية قد كلف الوزير الأول، عبد المالك سلال، بتنصيب لجنة كُلّفت بصياغة مسودة الدستور المقبل، خلت تماما من السياسيين، وهو ما أثار حفيظة الكثير من الفاعلين، واعتبروها انفرادا من طرف السلطة بصياغة الوثيقة الأسمى في البلاد .
ويرى رئيس المجموعة البرلمانية لحزب جبهة القوى الاشتراكية، أحمد بطاطاش، أن الحل في إنقاذ الجزء الثاني من الإصلاحات التي أطلقها رئيس الجمهورية في أفريل 2011، هو طرح مسودة الدستور للنقاش، وقال: "أي مشروع وخاصة إذا تعلق الأمر بالدستور، يجب أن يكون محل حوار حقيقي بين السلطة والطبقة السياسية، وليس مجرد حوار طرشان".
غير أنه توقع أن يعمد النظام إلى العمل بهذا المبدإ، وتابع متأسفا، في تصريح لـ "الشروق": "... النظام عودنا على عدم استشارة الطبقة السياسية والأخذ بمقترحاتها في مثل هذه الاستحقاقات، وفرض منطق الأمر الواقع على الجزائريين". وحذر المتحدث من أن "هروب السلطة بالمشروع، من شأنه أن يضرب مصداقية الدستور المقبل في الصميم، ويعمق الهوة بين الشعب والنظام الحاكم".
أما الحل بالنسبة إلى رئيس حزب الجبهة الوطنية، موسى تواتي، فيكمن في "دعوة الجزائريين إلى ميثاق وطني، يتمخض عنه رؤية واضحة حول طبيعة النظام السياسي الذي يتعين اتباعه، وبناء على ذلك يصاغ الدستور المقبل".
ولاحظ تواتي، في تصريح لـ "الشروق": "لقد شهدت البلاد خمسة تعديلات للدستور منذ الاستقلال، غير أنها لم تأت بالاستقرار السياسي المنشود. على السلطة أن تقتنع بأنها لم تكن دوما على صواب والشعب على خطإ"، وتابع: "النظام السياسي المتبع في الجزائر إلى غاية 2008، كان نظاما شبه رئاسي وتبين أنه لم يقدم إضافة على طريق الاستقرار.. يجب عدم ترك التعديل الدستوري المقبل، لعبة بيد أشخاص أو جهات تعبث به".
من جهته، دعا المتحدث الرسمي باسم حركة النهضة، امحمد حديبي، إلى دستور توافقي يلتقي حوله كافة أبناء الطيف السياسي، وقال: "الدستور ليس مجرد مشروع قانوني، هو أسمى وثيقة لتنظيم شؤون البلاد، ولذلك يجب أن يكون محصلة لتوافق سياسي. غير أنني لست متفائلا بالنظر إلى الطريقة التي عالجت بها السلطة الشق الأول من حزمة القوانين الإصلاحية، مع رئيس هيئة الحوار السابقة، عبد القادر بن صالح، ومن بعده الوزير الأول عبد المالك سلال".
وشدد القيادي في حركة النهضة على ضرورة إنشاء "لجنة وطنية موسعة ومستقلة، تتكون من سياسيين وأكاديميين وأخصائيين اجتماعيين ومؤرخين، لأن الدستور هو الماضي والحاضر والمستقبل، ويمثل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والسياسة الخارجية وما إلى ذلك"، يقول النائب السابق.
ويتفق عبد الرحمان سعيدي، نائب رئيس حركة مجتمع السلم مع من سبقه، على ضرورة إطلاع الطبقة السياسية على مسودة المشروع قبل طرحه للحسم، ويقول: "قدمنا مقترحاتنا في الحركة في جولة الحوار الأولى مع عبد القادر بن صالح، ثم إلى الوزير الأول عبد المالك سلال، واليوم قيل إن هناك لجنة من الخبراء لصياغة المسودة النهائية، انطلاقا من خلاصة مقترحات الأحزاب، ولذلك نتمنى أن نطلع على المسودة قبل عرضها على البرلمان أو على الاستفتاء".
وتابع سعيدي، في اتصال مع "الشروق": "أعتقد أن طرح المسودة للنقاش قبل تبنيها، من شأنه أن يساعد على الوصول إلى دستور توافقي، ولا أرى أي داع لإعداد الوثيقة في الغرف المظلمة، ثم نصطدم بعد ذلك بدستور يكون محل انتقادات الطبقة السياسية".
الشروق