وضع الرئيس الكيني، أوهورو كينياتا، أجندة طموحة كرئيس جديد للبلاد، لكن جمع الأموال لتحقيق الوعود التي أطلقها في بيان ائتلاف اليوبيل يبقى، بحسب محللين، أكبر التحديات التي يواجهها.
مع تسلمه مهامه في 9 نيسان/أبريل،أعلن كينياتا للشعب الكيني أن حكومته ستوفر الخدمات المتساوية للكينيين جميعاً بغض النظر عن وضعهم الاقتصادي أو ميولهم السياسية.
وتعهد كينياتا بخلق مليون وظيفة كل سنة ووضع اقتصاد البلاد على الطريق الصحيح لتحقيق نمو يفوق 10 في المائة كل سنة وتوفير الحليب المجاني لكل تلميذ في الصف الإبتدائي وتخصيص مليون آكر من الآراضي الزراعية تعتمد فيها وسائل الري الحديث.
ومن النقاط الأخرى التي وردت في خطاب الرئيس، تأكيد كينياتا أن إدارته ستجري إصلاحات على النظام التربوي في البلاد من خلال بناء المزيد من المدارس وتعديل المنهاج التعليمي بحسب حاجات سوق العمل.
وأضاف كينياتا أن إدارته ستلغي خلال المائة يوم الأولى من عهده تكاليف الولادة وتمنح الكينيين العلاج المجاني في مراكز الصحة الرسمية وتضمن حصول تلامذة المدارس على حاسوب شخصي يعمل بالطاقة الشمسية.
وقال إن الحكومة ستعيد استثمار ستة مليارات شلن (71.59 مليون دولار) كان قد تم تخصيصها للدورة الثانية للإنتخابات الرئاسية، في صندوق لقروض من دون فائدة للنساء والشباب.
وفي الخطاب الذي ألقاه خلال الجلسة الافتتاحية للبرلمان الحادي عشر يوم الثلاثاء، 16 نيسان/أبريل، أعاد كينياتا التأكيد على التزامه خلق وظائف للشباب والنساء.
وأوضح في كلمته، "تبلغ نسبة البطالة بين الشباب 70 في المائة. وقد مر ما يكفي من الوقت والإهمال لهذا الموضوع، إن مواردنا الوطنية لم تحظ بالإهتمام اللازم وقد انحرفت نحو الكحول والإدمان على المخدرات. علينا العمل معاً لوضع الإجراءات اللازمة لحشد الوقت والمواهب الشابة حتى نتمكن من تنمية اقتصادنا".
ولكي يتمكن الرئيس من توفير الأموال لهذه المشاريع، ينوي ائتلاف اليوبيل تخصيص 2.5 في المائة من الإيرادات الوطنية لصندوق تنمية الشباب، وزيادة الأموال المخصصة للمدارس بواحد في المائة حتى تصل موازنة الدولة للقطاع التعليمي إلى 32 في المائة بحلول عام 2018، بحسب ما ورد في بيان الحزب.
من أين يمكن جمع الأموال؟
لكن وبحسب رأي الخبير الإقتصادي والعضو في مجلس الشيوخ عن منطقة مانديرا، بيلو كيرو، فإن تمويل أغلبية المشاريع التي ذكرها الحزب يبقى من أكبر التحديات التي يواجهها الرئيس ونائبه، ويليام روتو.
وفي حديث لصباحي، أكد كيرو أن المشاريع المعلن عنها قد تترك أثراً إيجابياً كبيراً على رفاه المواطنين، لكن بعض أهداف الإدارة الجديدة غير واقعية ولا يمكن تحقيقها ضمن جداول زمنية قصيرة.
وأضاف أن إدارة الرئيس كينياتا ترث حكومة تعاني من نفقات كبيرة ولا تتوفر لها الأموال اللازمة عبر الإيرادات الوطنية. فتمويل الحكومات الإقليمية البالغ عددها 47 حكومة وعشرات المؤسسات الرسمية الجديدة رفع جدول رواتب الدولة. وأشار كيرو إلى أن رواتب الموظفين المدنيين ارتفع إلى 458 مليار شلن (5.5 مليار دولار) عام 2013 وهو ضعفي ما كان عليه في العام 2009.
ولم يوضح كينياتا الخيارات التي ستلجأ إليها حكومته لتمويل المشاريع المقترحة، باعتبار أن كينيا لا تملك موارد تمويل مستقبلية أو جديدة كإيرادات من موارد النفط أو موارد طبيعية، حسب ما ذكر المحاضر بالإقتصاد في جامعة داي ستار بنيروبي، نجوغونا كياريه.
وقال كياريه لصباحي، "لم يقدم أي من شركاء التنمية دعمه لتلك المشاريع، ما يعني أن البلاد ستضطر إلى جمع هذه الأموال من الداخل لتمويل المشاريع".
ورأى أن خفض أو إلغاء الضرائب على بعض الأعمال وتقديم قروض خالية من الفائدة للفئات الشبابية والنسائية سيجعل من الصعب إيجاد الأموال للمشاريع التي حددها كينياتا.
وأضاف أن نجاح واستدامة تلك المشاريع على المدى الطويل سيعتمد على الأداء الإقتصادي الذي حقق العام الماضي نمواً بنسبة 4.3 في المائة أي بزيادة 0.3 في المائة عن العام السابق.
مع ذلك، فإن الأولوية الطارئة على جدول أعمال الرئيس يجب أن تركز على توحيد البلاد والإطلاع على شؤون المناطق التي لم تصوت له للتأكد من وضع حاجاتهم ضمن مشاريع الحكومة، بحسب ما قال كياريه.
ولفت كياريه إلى أن "الرئيس بحاجة إلى دعم كل الشعب الكيني والتغاضي عن المشاعر السيئة التي نشأت خلال الحملة الرئاسية ليساعدوه في إنجاح مشاريعه".
على خط مغاير، اعتبر المستشار في مجال التنمية ومدير هيئة هاشي للإستثمار في نيروبي، إبراهيم رشيد أحمد، أن التسرع في تنفيذ بعض المشاريع التي أعلنها كينياتا قد يتسبب بالأذى إذا تم التفريط بنوعية الخدمات الموعودة.
فمثلا، قد يطرح إلغاء تكاليف الولادة خلال المائة يوم الأولى من عهد كينياتا مشاكل إذا لم توضع الهيكلية اللازمة لتحقيق ذلك. وأضاف أحمد لصباحي أن معظم مراكز الصحة الحكومية تعاني من نقص حاد في التجهيز والكادر الطبي لتوفير العلاج لأعداد السكان الهائلة التي ستسعى للإستفادة من الخدمات المجانية.
وأضاف أحمد أنه وبهدف تعزيز وصول المنتجات المحلية إلى الأسواق الخارجية المختلفة، فإن على إدارة الرئيس أن تولي الأهمية القصوى لتوسيع شبكة الطرقات المعبدة في البلاد والتي تبلغ حالياً 11 ألف كلم حتى تصل إلى 24 ألف كلم.
المواطنون يشعرون بالأمل
من ناحية أخرى، عبر الكينيون عن أملهم بأن تنجح الحكومة في تسريع عجلة النمو وخفض تكاليف المعيشة وخلق الوظائف.
ومع إلغاء تكاليف الخدمات الصحية، تشعر سوزان نيانشاما، وهي امرأة حامل تبلغ 37 عاماً تعمل كمزارعة في منطقة كيسي، بأمل كبير في أن تستفيد من العلاج المجاني.
وقالت لصباحي، "من المتوقع أن أنجب طفلي بعد خمسة أشهر. وإنه من الجيد أن يتم إلغاء تكاليف الولادة بحلول موعد الوضع. أود من الحكومة أن توضح ما ستكون عليه تكاليف االولادة لأننا بحاجة إلى رعاية صحية قبل الوضع وأثنائه وبعده".
وعلى الرغم من بعض التحفظ، إلا أن دوغلاس جوما، 24 عاماً، وهو بائع مياه في نيروبي، عبّر عن أمله بما ستنجزه المشاريع المعلنة.
وقال "إن نائب الرئيس أكد في خطاب التنصيب أن الحكومة ستعمل على خلق الوظائف للشباب. آمل أن يصدق لأنني أسعى للحصول على وظيفة قبل نهاية العام".
الصباحي