رأت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية أن تحول "الحركة الشعبية لتحرير السودان" من جماعة متمردة إلى حكومة وطنية فى جنوب السودان لم يكتمل بعد.
وقالت المجلة، فى تعليق عبر موقعها الإلكترونى بثته مساء أمس السبت، إن معظم الآمال التى عقدها مواطنو جنوب السودان على الاستقلال فى يوليو 2011 قد تبخرت، مشيرة إلى أن الأمور لم تتحسن إلا بالنذر اليسير فى ظل توقف الخطط التى وضعتها الحكومة لخدمة 12 مليون نسمة ثلاثة أرباعهم أميون فى دولة بلا بنية تحتية.
ورصدت المجلة سعى محاربى الحركة القدامى غداة انتصارهم فى الحرب الأهلية إلى الظفر بالغنائم، مشيرة إلى مطالبة الشرطة للناس خارج القصر الرئاسى بالرشاوى علنا، وإلى توجيه رئيس جنوب السودان سيلفاكير، العام الماضى اتهاما لـ75 مسئولا كبيرا باختلاس 4 مليارات دولار.
وأوردت المجلة قول سيلفاكير، فى خطاب له فى هذا الصدد، "لقد حاربنا من أجل الحرية والعدالة والمساواة ولكن بمجرد وصولنا إلى السلطة نسينا ما حاربنا من أجله وبدأنا فى إثراء أنفسنا على حساب أبناء شعبنا".
ولفتت إلى أن التنافس القائم بين القبيلتين الكبيرتين فى دولة الجنوب "الدينكا" و"النوير" طالما كان باعثا على عدم الاستقرار، راصدة تردد شائعات على مدار الأسابيع القليلة الماضية عن شقاق بين سيلفاكير، الذى ينتمى للدينكا ونائبه الطموح رياك مشار، الذى ينتمى للنوير، وهو ما أدى إلى حالة من التوتر فى العاصمة جوبا.
ورأت "الإيكونوميست" أن طول فترة الحرب على مدى عقود مع الشمال، أكسبت أبناء الجنوب بعض العادات السيئة التى يصعب التخلى عنها؛ حيث يتجه المسئولون على كل المستويات إلى الاستبداد ومعاداة الخصوم بدلا من التعاون معهم لصالح الشعب، كما رصدت المجلة انتهاك حقوق الإنسان بشكل اعتيادى بالقيام بعمليات اعتقال جذافية وإعدام بدون محاكمة وتخويف الصحفيين بشكل روتينى.
وأضافت المجلة أن مجتمع جنوب السودان بات يعانى بأكمله، بفعل طول فترة الحرب، من صدمات نفسية بحيث لم يعد يثق فى أحد؛ قائلة إن الأمن الداخلى فى جنوب السودان يبعث على القلق أكثر مما تبعث عليه النزاعات الحدودية.
وقالت المجلة البريطانية إن الفقر والتخلف من شأنهما توسيع هوة الاختلافات العرقية؛ راصدة مقتل 1000 شخص وهرب أكثر من 100 ألف آخرين إلى الأدغال منذ يناير الماضى بفضل النزاعات القبلية.
وعلى ذكر النزاعات، لفتت المجلة إلى أن تركيز القادة السياسيين على الصراع مع دولة السودان فى الشمال أنساهم كل شىء آخر يتعلق بشئون دولتهم، راصدة انخفاض الناتج المحلى الإجمالى لجنوب السودان العام الماضى بنسبة 53%، بحسب صندوق النقد الدولى، ومشيرة إلى توقف بناء الدولة بما أغضب الجماهير من جانب، كما دفع بعض المانحين الأجانب إلى وقف تمويلاتهم متشائمين من مستقبل البلاد.
ومع ذلك، تبقى دولة جنوب السودان الفتية مليئة بالطاقات والإمكانيات؛ حيث تمتلك كثيرا من النفط، ومواش تتجاوز أعدادها أعداد المواطنين، بالإضافة إلى أرض زراعية تكفى لإطعام معظم أبناء جنوب الصحراء الإفريقية، ولكن كيف لرجال الأعمال أن يستثمروا فى بلاد بلا طرق للسير فيها، بحسب المجلة.
اليوم السابع