تأجل يوم السبت الى الثامن من يونيو حزيران القادم النظر في إعادة محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك بتهم تتصل بقتل المتظاهرين خلال الانتفاضة التي أطاحت به في فبراير شباط 2011 وتهم تتصل باستغلال النفوذ خلال رئاسته.
وتبين القضية الصعوبة التي تواجه العدالة الانتقالية بمصر بعد الإطاحة بمبارك الذي حكم أكبر الدول العربية سكانا 30 عاما.
وتعاد المحاكمة مع مبارك بالنسبة لوزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وستة من كبار ضباط الشرطة السابقين كانوا من مساعدي الوزير الأسبق وقت الانتفاضة بالتهم التي تتصل بقتل المتظاهرين.
وتعاد المحاكمة مع مبارك لابنيه علاء وجمال ورجل الأعمال حسين سالم الذي كان مقربا من الرئيس السابق بالتهم التي تتصل باستغلال النفوذ.
وتعاد محاكمة سالم غيابيا. وكان قد غادر البلاد بعد اندلاع الانتفاضة التي استمرت 18 يوما والتي قتل خلالها نحو 850 متظاهرا وأصيب أكثر من ستة آلاف آخرين بحسب تقرير لجنة حكومية لتقصي الحقائق.
وفي بداية الجلسة أثبت رئيس المحكمة المستشار محمود كامل الرشيدي حضور المتهمين بالنداء عليهم.
وقبل بدء إعادة المحاكمة ردد محامون يؤيدون جماعة الإخوان المسلمين هتافا ضد مبارك يقول "الشعب يريد إعدام السفاح". ورد عليهم محاميان متطوعان بالدفاع عن مبارك باتهامهم بأنهم تابعون للرئيس محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين والذي انتخب في يونيو حزيران بعد فترة انتقالية أدار مصر خلالها المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
وكانت دائرة بمحكمة جنايات القاهرة حكمت في يونيو حزيران العام الماضي على مبارك والعادلي بالسجن مدى الحياة لإدانتهما بالتهم التي تتصل بقتل المتظاهرين وبرأت ساحة الضباط الستة. كما أسقطت تهم استغلال النفوذ عن مبارك وابنيه وسالم لتقادمها.
وطعن مبارك والعادلي أمام محكمة النقض على الحكم بسجنهما وطعنت النيابة العامة على الحكم ببراءة الضباط الستة وإسقاط تهم استغلال النفوذ عن مبارك وابنيه وسالم. وقررت محكمة النقض في يناير كانون الثاني قبول الطعون وإعادة المحاكمة.
ونفى المتهمون يوم السبت ما نسب إليهم بعد أن واجههم القاضي بالتهم التي تلاها ممثل النيابة المستشار مصطفى خاطر المحامي العام الأول لنيابات شرق القاهرة. ولدى النداء على مبارك لمواجهته بالتهم أشار بيده نافيا ما اتهم به.
وقال خاطر إن نيابة شكلها مرسي باسم نيابة الثورة قدمت مذكرة بأدلة جديدة في قضية قتل المتظاهرين. وقال القاضي إنه تلقى حرزا من محكمة استئناف القاهرة بأدلة جديدة في القضية تتمثل في تقرير لجنة لتقصي الحقائق شكلها مرسي سيفضه أمام الجميع في جلسة لفض الأحراز قال رئيس المحكمة في نهاية الجلسة إنها جلسة الثامن من يونيو حزيران.
وكان مرسي تعرض لانتقادات لعدم نشر تقرير لجنة تقصي الحقائق ونشرت صحيفة جارديان البريطانية تسريبات من التقرير تضمنت ادعاءات بتورط الجيش في قتل وتعذيب وإخفاء متظاهرين خلال الانتفاضة.
وخلال جلسة يوم السبت التي غلبت عليها اعتراضات محامين شكا موكلون عن مصابين وأسر قتلى من صعوبة دخول قاعة المحكمة. وقال المحامي محمد الدماطي إن المحامين الذين يمثلون مصابي الانتفاضة وأسر القتلى تعرضوا لما سماه "هذه الإهانة المذلة" من جانب رجال شرطة مكلفين بتأمين المحكمة بينما سمح للمحامين الموكلين عن المتهمين بدخول أكاديمية الأمن التي تعقد بها المحاكمة بسياراتهم على حد قوله.
وقال الدماطي إنه يطلب تنحي المحكمة عن نظر القضية إذا كانت معاملة المحامين المدافعين عن الضحايا تمثل توجهها. لكن رئيس المحكمة قال إنه لا يفرق بين المحامين وإن أي شكوى ترد إليه في شأن صعوبة الدخول سيحيلها إلى وزير الداخلية لاتخاذ الإجراء اللازم ومحاسبة المسؤول.
وقال القاضي إن هناك محامين كويتيين طلبوا المشاركة في الدفاع عن مبارك لكن محامين مصريين قالوا إنهم يطلبون رفض حضورهم الجلسات محتجين بأن المحامين المصريين لا يسمح لهم بالترافع أمام المحاكم في الدول العربية.
وعرض رئيس المحكمة طلب المحامين الكويتيين على مبارك الذي قال "أرجو الرجوع للمحامي الأستاذ فريد الديب." وسأل القاضي الديب الذي يدافع عن الرئيس السابق وأردف قائلا "رفض الأستاذ فريد الديب حضورهم وطلب شكرهم."
وأظهرت لقطات تلفزيونية المحامين الكويتيين الذين حضروا جلسات المحاكمة الأولى خارج القاعة خلال نظر طلبهم.
ورفع رئيس المحكمة الجلسة نصف ساعة قائلا إنه سيتلقى خلالها طلبات الدفاع عن المتهمين وطلبات الدفاع عن ضحايا الانتفاضة وأسرهم.
ومبارك (85 عاما) هو أول زعبم عربي من بين من أطاحت بهم انتفاضات الربيع العربي يحاكمه شعبه.
ومنذ الإطاحة بمبارك تمر مصر باضطراب سياسي -بعصه صراع بين مرسي وقضاة يقول الإخوان إنهم موالون لمبارك- وتدهور اقتصادي وانفلات أمني.
ولن تنطوي إعادة المحاكمة على إمكانية تغليظ العقوبة على مبارك والعادلي بحسب محامين يشيرون إلى أن النيابة العامة اكتفت بعقوبة السجن المؤبد التي أنزلت بهما ولم تطعن على الحكم بها.
وكانت النيابة العامة طلبت في المحاكمة الأولى إنزال أقصى العقوبة بالرئيس السابق ووزير داخليته وأربعة من ضباط الشرطة المتهمين وهي الإعدام.
وقال رئيس لمحكمة إنه أجل نظر القضية إلى الثامن من يونيو حزيران ليطلع من يشاءون من المحامين على المستندات وإنه سيفض أحراز القضية خلال تلك الجلسة.
وأمرت المحكمة باستمرار حبس ابني مبارك ووزير الداخلية الأسبق على ذمة القضية وطلبت من المتهمين المفرج عنهم وهم ضباط الشرطة بالمثول أمامها في الجلسة الجديدة.
وكان مبارك الذي استمر ظهوره في قفص الاتهام على سرير طبي متحرك نال حكما بالإفراج عنه بعد أن استنفد مدة الحبس الاحتياطي على ذمة القضية لكنه محبوس احتياطيا على ذمة قضايا فساد أخرى. وظهر مبارك اليوم جالسا على السرير الطبي بينما ظهر ممددا على السرير في أغلب ظهوره السابق أمام عدد من المحاكم. وكانت على عينيه نظارة عاكسة لأشعة الشمس.
وأذيعت الجلسة مباشرة على التلفزيون الرسمي.
وكانت جلسة لبدء إعادة المحاكمة تعثرت الشهر الماضي حين أعلن رئيس المحكمة تنحيه عن نظر القضية قائلا إنه يستشعر الحرج. وكانت انتقادات وجهت له من سياسيين وووسائل إعلام لإصداره حكما بالبراءة في قضية قتل متظاهرين اتهم فيها عدد من كبار مساعدي مبارك. وأيدت محكمة النقض حكم البراءة الأسبوع الماضي.
وينزل مبارك في مستشفى سجن طرة في جنوب العاصمة.
وكانت الدائرة التي نظرت القضية بمحكمة جنايات القاهرة في المرة الأولى قالت إن المخابرات العامة ووزارة الداخلية لم تتعاونا معها في مجال جمع أدلة الاتهام.
وتجمع أقارب للضحايا عددهم محدود خارج أكاديمية الأمن التي كانت تحمل اسم مبارك قبل الانتفاضة كما تجمع عشرات من أنصار مبارك حاملين صورا له.
ويعتري الغضب مصريين كثيرين لصدور أحكام بالبراءة لرجال شرطة في قضايا قتل المتظاهرين في القاهرة ومحافظات أخرى.
رويترز