تخطط الحكومة الكينية لإعادة إطلاق برنامج جهاز الشرطة الاحتياطي الذي يهدف إلى تدريب وتسليح عناصر مدنية من أجل المساعدة في محاربة مقاتلي حركة الشباب في المجتمع المحلي في غاريسا.
وقد شهدت غاريسا الويلات إثر الهجمات التي نفذتها الشباب في كينيا بعد أن أرسلت قوات الدفاع الكينية قواتها إلى الصومال في تشرين الأول/أكتوبر 2011.
وقد أجرت اللجنة الاستشارية للأمن القومي برئاسة المفتش العام في الشرطة، دايفد كيمايو، والسكرتير الدائم للأمن الداخلي، موتوا إيرينغو، تحقيقات في هجمات مماثلة نفذت خلال شهر نيسان/أبريل. وخلال اجتماع عُقد في 20 نيسان/أبريل الماضي، أوصت اللجنة بإشراك سكان غاريسا في عمليات مكافحة الإرهاب.
يُذكر أنه تم تشكيل جهاز الشرطة الاحتياطي الكيني في 1948 لدعم الشرطة في الحفاظ على سلطة القانون والنظام في مختلف أنحاء كينيا.
وفي 2004، حلّ مفوض الشرطة السابق، اللواء محمد حسين علي، الجهاز الاحتياطي ونزع السلاح منه في المناطق المدنية الكينية، بعد أن ارتبط اسم ضباطه بسلسلة من الجرائم العنيفة وممارسات الفساد. ومن جهة أخرى، أبقى على سلطة الجهاز الاحتياطي في المناطق الريفية من أجل التصدي لأعمال نهب وسرقة الماشية.
إعادة تفعيل جهاز الشرطة الاحتياطي
وأشار مفوض مقاطعة غاريسا، معلم محمد، في حديث لصباحي إلى أن المدنيين المنتمين إلى جهاز الشرطة الاحتياطي المعاد تأهيله، سيساعدون الشرطة في الحفاظ على الأمن في أحياء غاريسا. وسيعملون بشكل سري فيرتدون ملابس مدنية وتكون مهمتهم إخراج عناصر الشباب من مخابئها ومنع وقوع هجمات إرهابية.
وقال محمد إنه بما أن الجهاز المدني سيكون مسلحاً، ستتخذ الحكومة إجراءات صارمة لتجنب تزويد المجرمين عن غير قصد بالأسلحة.
وأوضح قائلاً، "يجب أن تكون الأمور واضحة منذ البداية لئلا نزيد من عدد الأسلحة المتناقلة والمستخدمة، الأمر الذي قد يؤدي إلى تفاقم المشاكل إلى جانب الخطر الذي تشكله أصلاً حركة الشباب".
وأضاف "لتسليح المدنيين سيئات، ولكننا نُخضع المرشحين لفحص دقيق من أجل تنظيم صفوفهم وضمان عدم وقوع الأسلحة في الأيدي الخاطئة".
وتابع قائلاً إن المجندين الذين ينجحون في التحريات الخاصة بخلفيتهم، سيخضعون لتدريبات تدوم على فترة شهر وتتمحور حول كيفية استخدام الأسلحة والتدريبات الرياضية وجمع المعلومات الاستخبارية وإدارة الكوارث الأساسية. وتعمل الحكومة حالياً على تقييم 100 مرشح، بينهم رجال أعمال ونساء وشباب، وذلك للتأكد من أهليتهم في شغل المناصب في جهاز الشرطة الاحتياطي.
ومن جهته، قال قائد الشرطة الإقليمية في المنطقة الشمالية الشرقية، شارلتون مريثي، إنه سيتم تعيين عشرة عناصر احتياط على الأقل لكل من عشرة أحياء عُرف أنها تأوي مقاتلين من حركة الشباب.
وذكر لصباحي، "بعد التدريب الخاص الذي سيشاركون فيه، سيتم نشرهم في أحيائهم التي هي مألوفة بالنسبة لهم من أجل إخراج الإرهابيين والمسؤولين عن الاشتباكات منها. لم نحدد بعد تاريخ نشرهم ولكن نتوقع أن يتم ذلك قريباً نظراً للتهديدات المتواصلة".
ولضمان سلامة عناصر الاحتياط، ستبقى هوياتهم سرية للجميع باستثناء عدد محدود من كبار المسؤولين الأمنيين. وقال مريثي "نريدهم أن يتحركوا بسرية من أجل تعزيز الأمن في المدينة. ونأمل أن يشكلوا رابطاً ثابتاً بين المجتمع والسلطات".
وإلى جانب نشر جهاز الشرطة الاحتياطي، ستطلب السلطات من أصحاب سيارات الأجرة التي تتنقل في أنحاء غاريسا أن يطلوا أرقام هوياتهم على سياراتهم بحيث تكون كبيرة وواضحة ويسهل قراءتها، حسبما ذكر مريثي.
وأضاف "تبيّن لنا أنه كان يتم استخدام سيارات الأجرة كوسائل لتهريب المجرمين ويصعب على الشهود الانتباه إلى رقم سيارات غير مركونة".
وأشار أيضاً إلى أنه سيتم حظر النوافذ المظللة في كل السيارات.
المواطنون يدعمون جهاز الاحتياط مع بعض التحفظ
ورحّب الشيخ عبدالله صلات، رئيس المجلس الأعلى للمسلمين الكينيين في غاريسا، بالمبادرة الأمنية الجديدة، مشدداً في الوقت عينه على ضرورة أن تحرص الحكومة على عدم السماح لعناصر الجهاز الجديد بارتكاب جرائم تقع خارج اختصاص المحاكم تحت شعار محاربة الإرهاب.
وقال صلات لصباحي إنه "يجب أن يلبي المدنيين المجندين أعلى المعايير الأخلاقية من أجل تنفيذ عملياتهم بالتوافق مع قوانين البلاد. وعند الإمكان، يجب تسليم المشتبه بهم إلى الحكومة ليتم بسط سلطة القانون".
وأضاف أن على الحكومة أن تتحمل المسؤولية في حال ألحق عناصر الجهاز ضرراً بأشخاص أبرياء، مشدداً أيضاً على ضرورة أن تكشف السلطات عن الخطة التي ستطبقها لنزع سلاح عناصر جهاز الاحتياط ما أن يتم القضاء على خطر الإرهاب.
وفي هذا الإطار، عبّر جون شيجي، صاحب فندق هوليداي إن في غاريسا الذي تعرض لهجوم دامٍ الشهر الماضي، عن رغبته بأن تنتشر عناصر جهاز الاحتياط في أسرع وقت ممكن من أجل مساعدة أصحاب الأعمال والمشاريع.
وأوضح في حديث لصباحي أن العديد من التجار يغادرون غاريسا جراء الهجمات الأخيرة التي ألحقت الضرر بأعمالهم. وقال إنه يتوجب على الحكومة بذل قصارى جهدها لاستعادة ثقة المستثمرين وتعزيز النمو الاقتصادي.
الصباحي