بعد حصولها على إشادة واسعة في انحاء مالي بسبب هجوم عسكري استمر خمسة أشهر لسحق مقاتلي القاعدة أصابت فرنسا بعض حلفائها بالاحباط لسعيها للتوصل إلى تسوية سياسية مع جماعة منفصلة من متمردي الطوارق.
وتثير الأزمة الخاصة ببسط سلطة حكومة مالي على مدينة كيدال آخر بلدة في الشمال الصحراوي والتي لم تخضع بعد لسيطرة الحكومة مشاعر الاستياء من باريس وقد ترجيء الانتخابات المرتقبة لاستعادة الديمقراطية بعد الانقلاب الذي شهدته البلاد.
وحرك جيش مالي قوات باتجاه كيدال وهي معقل الانفصاليين الطوارق التابعين للحركة الوطنية لتحرير أزواد لكنه لم يتمكن من تنفيذ وعده باستعادة هذه البلدة بحلول 15 مايو ايار. ولا تريد فرنسا التي تعسكر قواتها خارج البلدة ان يتوجه الجيش المالي إلى هناك خشية حدوث اعمال عنف عرقية اذا استعيدت البلدة بالقوة.
وقال عنوان رئيسي لصحيفة لوماتان الاسبوعية التي تصدر في باماكو عاصمة مالي "باريس تمنع الجيش عند بوابات كيدال". ومن المقرر اجراء الانتخابات في يوليو تموز لاعادة الأوضاع إلى طبيعتها بعد فوضى استمرت 18 شهرا شهدت انتفاضة للطوارق وقيام الجيش بانقلاب واستيلاء اسلاميين على صلة بالقاعدة على شمال البلاد ووصول اربعة الاف جندي فرنسي لطردهم. ويقول كثيرون في الحكومة وفي شوارع باماكو إن انتفاضة الطوارق في يناير كانون الثاني 2012 كانت السبب في ظهور المصائب الاخرى التي قسمت البلاد تقريبا. ويريد القوميون حاليا من الجيش السير إلى كيدال لنزع أسلحة المتمردين.
لكن فرنسا تدعم بدلا من ذلك محادثات سرية تجرى في بوركينا فاسو المجاورة تهدف إلى السماح باجراء انتخابات يوليو تموز في الوقت الذي تحث فيه باماكو على معالجة مطالب الطوارق القائمة منذ فترة طويلة للحصول على حكم ذاتي لمعقلهم الصحراوي. وأظهرت اشتباكات اندلعت بين العرب والطوارق أن التوتر العرقي لا يزال حادا.
وكانت فرنسا القوة الاستعمارية السابقة في مالي حظيت بتأييد علني منقطع النظير لقرارها ارسال قوات في يناير كانون الثاني لسحق مقاتلين على صلة بالقاعدة. ولا تزال الأعلام الفرنسية ترفرف في اجزاء من العاصمة المالية وحظي الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند باستقبال الفاتحين عندما زار مالي في فبراير - شباط.
لكن مشاعر الرضا بدأت تتلاشى وتحل محلها مشاعر احباط بسبب كيدال وبدأ الكثير من مواطني مالي يتساءلون عن السبب في احجام فرنسا عن مواجهة الحركة الوطنية لتحرير أزواد بكل قوة مثلما فعلت مع ائتلاف المتمردين المرتبط بالقاعدة. ويستعر الغضب داخل الجيش نتيجة التدخل الخارجي. وكانت معنويات الجيش انهارت بسب سلسلة من الهزائم العام الماضي.
وقال ضابط كبير طلب عدم الكشف عن اسمه "رجالنا جاهزون لكنهم لم يتلقوا اوامر بدخول البلدة. انه قرار سياسي". وعبر رئيس مالي المؤقت ديونكوندا تراوري عن تأييده للحوار مع الحركة الوطنية لتحرير أزواد يوم الجمعة في باريس قبل اجتماعه مع أولوند. وقال إن الخطط الرامية لانهاء المركزية يجب ان تلبي مطالب الحركة.
لكن الكثيرين في مالي وبصفة خاصة المقربين من الجيش يعارضون الحوار. وتشير الرسائل الرسمية المتعلقة بالرئاسة المالية على موقع تويتر إلى الحركة الوطنية لتحرير أزواد على انهم ارهابيون.
ويرفض أولوند ذلك الوصف قائلا إن الحركة الوطنية لتحرير أزواد حاربت إلى جانب القوات الفرنسية والافريقية ضد الإسلاميين وقدمت معلومات عن مواقع الاسلاميين.
وقال أولوند هذا الاسبوع "قلنا اننا سنكون على استعداد لتقديم المساعدة لعودة الإدارة المدنية لمالي إلى كيدال لتنظيم الانتخابات" مستبعدا على ما يبدو اي خيار عسكري. وأضاف "نريد حوار سياسيا واعتقد ان ذلك سيحدث". وكانت الحركة الوطنية لتحرير أزواد تسللت عائدة إلى كيدال بعد الهجوم الجوي والبري الذي شنته فرنسا وأدى إلى تشتت الاسلاميين. وأصبحت البلدة منذ ذلك الحين تحت احتلال مشترك من قبل أزواد وقوات فرنسية.
ووعد وزير الدفاع ياموسا كامارا البرلمان هذا الشهر بأن تكون القوات المالية في البلدة بحلول 15 مايو ايار. وأبلغ السكان في شمال مالي عن تحركات للجيش باتجاه كيدال منذ اسابيع لكن القوات لم تصل حتى الان إلى البلدة. ويعيش في كيدال 5 في المئة فقط من سكان مالي وهي المنطقة الاقل سكانا إلى حد بعيد لكن السلطات تقول انه لا يمكن اجراء الانتخابات بدونها. وقال جيمر ديكو المتحدث باسم وزارة الادارة الاقليمية المكلفة بتنظيم الانتخابات "كيدال ستشارك في الانتخابات مثل بقية البلاد...هذا ما يريده الماليون..عدم اجراء الانتخابات هناك سيكون تقسيما للبلاد بحكم الأمر الواقع".
رويترز