يثير المرسوم الرئاسي المعلن في 20 ماي الجاري، المتضمن ترسيم تاريخ 22 أكتوبر يوما وطنيا للصحافة، تساؤلا من زاوية قانونية. إذ كيف للرئيس عبد العزيز بوتفليقة تأدية هذا النشاط الرسمي، وهو مريض ويعالج في بلد أجنبي ؟
وقع الرئيس على المرسوم يوم 19 ماي، حسب بيان صادر عن مصالح الوزارة الأولى. وقبلها بـ17 يوما، كان بوتفليقة قد أعلن في رسالة، عشية الاحتفال باليوم العالمي لحرية التعبير، عن قرار ترسيم يوم وطني للصحافة، تخليدا لتاريخ صدور أول عدد من جريدة ''المقاومة الجزائرية'' (يوم 22 أكتوبر 1955)، الناطقة باسم جبهة وجيش التحرير الوطنيين.
واللافت في المرسوم أن تاريخ إمضائه تم في فترة يوجد فيها صاحب الإمضاء بالمستشفى العسكري ''فال دوغراس'' بباريس، حيث حول للعلاج منذ 27 أفريل الماضي، على إثـر إصابة بنوبة إقفارية، قيل حينها إنها ''عابرة'' و''لم تترك آثارا سلبية على صحته''. ولا يزال بوتفليقة حتى اليوم بفرنسا، بحسب بيانات رسمية جزائرية وفرنسية. ويفهم من المرسوم أن الرئيس وقع عليه في مكان خارج البلاد، لذلك يفترض أن ينشر في الجريدة الرسمية (حتى يصبح ساري المفعول)، وهو يحمل تاريخ ومكان التوقيع ككل المراسيم، بمعنى أن يكون كما يلي: حرر بفال دوغراس باريس في 19 ماي .2013 فهل يفعلها بوتفليقة ؟
ولم يسبق لأحد من الرؤساء السابقين الذين عالجوا في الخارج، وهم هواري بومدين والشاذلي بن جديد واليامين زروال، أن قاموا بهذا التصرف الذي تترتب عنه أبعاد سياسية وقانونية لم تعرها الرئاسة والحكومة أهمية. كما لم يسبق أن أعلن بأن أيا منهم يتابع شؤون الدولة يوميا وهو على فراش المرض، عكس ما قاله الوزير الأول عبد المالك سلال بخصوص بوتفليقة.
ويقول المحامي ورئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، بوجمعة غشير، حول ما يظهر للكثيرين أمرا غريبا: ''إذا كان حقيقة أن المرسوم حول إلى مكان تواجده ليوقعه وهو في كامل قدراته البدنية والعقلية، فهو تصرف مقبول. وإذا كان فاقدا للقدرة ونقل له المرسوم لتوقيعه، فهو غير مقبول. ولكن من الصعب إثبات أنه عاجز بدنيا، لأن المعلومات بخصوص حالته الصحية غير دقيقة وشحيحة''. وعلى عكس بلدان أخرى، لا يوجد في المنظومة القانونية الجزائرية، حسب غشير، ما يلزم الرئيس بأن يوقع المرسوم داخل سفارة بلده إذا كان في الخارج. وأضاف المحامي: ''مكان التوقيع لا يطرح إشكالا، وإنما الإشكال في حالة الرئيس الحالية، هو مدى قدرته على تقييم محتوى المرسوم قبل الإمضاء عليه''.
ويفترض أن يكون رئيس الجمهورية في عطلة مرضية، وبالتالي فعلاقة العمل تعتبر معلقة. فهل يجوز قانونا أن يمارس الرئيس نشاطا رسميا وهو مريض؟ عن ذلك يقول غشير: ''العطلة المرضية تحكمها المادة 88 من الدستور لأن الأمر يتعلق برئيس جمهورية وليس شخصا عاديا. ومادام لم تطبق هذه المادة التي تتحدث عن المانع الصحي بسبب مرض خطير ومزمن، فالرئيس يؤدي مهامه بصورة عادية''.
ويذكر المحامي المخضرم ميلود ابراهيمي حول نفس القضية: ''لا أجد أي غرابة في مراسيم موقعة من طرف الرئيس وهو في الخارج. وفي اعتقادي ينبغي أن ينظر إلى التوقيع على أنه فعل معنوي. أقصد أننا لا يمكن أن نتصور أن الرئيس جالس على كرسي ويوقع على وثيقة موضوعة فوق طاولة. لذلك أعتقد أن الرئيس يتلقى المعلومات بشأن محتوى المرسوم فيعطي موافقته على التوقيع''. وأوضح ابراهيمي أنه ينظر للقضية من زاوية ''استمرارية سير الدولة، وعلى أساس لا أرى ما يمنع أن تصدر مراسيم من توقيع الرئيس وهو غير موجود في البلاد''.
الخبر