رفضت عشرات الشخصيات الإعلامية والأدبية الليبية استدعاء الإذاعيين في إذاعة بنغازي المحلية، بشرق البلاد إلى مكتب المحامي العام، أعلى سلطة قضائية بالمدينة، في حين اعتبر الإذاعيون أن تلك الاستدعاءات ترمي لشغلهم عن دورهم في محاربة الفساد.
وكان سيف الإسلام نجل الزعيم معمر القذافي قد تدخل في 14 نوفمبر/تشرين الثاني لإعادة فريق برنامج "مساء الخير بنغازي" الذي يبث عبر إذاعة بنغازي المحلية بعد إيقافه عن العمل ومنع مذيعه من دخول مبنى الإذاعة، إلى سابق عمله. ويأتي وقف البرنامج وعمليات الاستادعاءات المتكررة للإذاعيين إثر مكالمة هاتفية انتقدت فيها مستمعة المظاهراتِ التي تطالب سيف الإسلام بالعودة لممارسة العمل السياسي، متسائلة أين كان الشباب الليبي الذي يتظاهر الآن حين كانت تنصب المشانق والإعدامات إبان الثمانينيات من القرن الماضي؟ ويعتمد البرنامج –الذي يذاع يوميا- على الخطاب التفاعلي بين المواطن والمسؤول، وقد لاقى استحسان المواطنين بعد اقترابه من هموم المواطن اليومية وانتقاداته للفساد ونهب المال العام.
ذهنية أمنية
وعبر بيان أصدرته أسرة البرنامج، حصلت الجزيرة نت على نسخة منه، عن أسفه لعدم تفهم المسؤولين لطبيعة الإعلام ودوره في السلطة الرقابية والنقدية التي تخدم المجتمع. وقال البيان إن الإعلام مكلف بالإخبار والإشارة إلى المشكلة وليس مطلوبا منه تحديد مصادره أو كشفها أو الرد على تساؤلات الجهات العدلية والمثول بين يديها للاستجواب ولو بصفة الشهادة. ورفض البيان "الاحتكام للظنية السوداء والتشكيك المسبق، وبذهنية أمنية فاقدة لمتغيرات الواقع وتطورات التوجهات وطبيعة العصر"، وأشار إلى أن هناك من وصف وسائل الإعلام والصحافة بأنها أوكار للخيانة ومحاضن للعملاء. واستهجن مسلكيات المحامي العام في بنغازي وغيرها من المدن الليبية الأخرى معتبرا أن التعتيم في حد ذاته ممارسة للفساد.
وقال الإذاعي أحمد المقصبي في تصريح للجزيرة نت "إن المسؤول الليبي لم يتعود على النقد الهادف"، وأشار إلى أن إيصال صوت المواطن لا يعد تجاوزا للقانون. واستغرب مخرج البرنامج سليمان القبائلي في حديث مع الجزيرة نت عدم تحرك مكتب المحامي العام إلا "إذا جاء الحديث عن الرؤوس الكبيرة". وكان المحامي العام قد استدعى الإذاعي خالد علي على خلفية مكالمة هاتفية اتهم فيها مواطن مسؤولا متنفذًا في بنغازي بالسعي للحصول على "رشوة".
واعتبر الإذاعي أحمد خليقة في تصريح للجزيرة نت هذه الاستدعاءات إرهابا فكريا يلاحق الصحفي أثناء أدائه وظيفته مما يسهل مهمة الفساد ليقطع المزيد من أوصال هذا الوطن. وقد تعذر على الجزيرة نت الحصول على تعليق من مكتب المحامي العام في بنغازي إبراهيم بوشناف على ما حدث رغم عدة محاولات للاتصال به. من ناحيته أكد نقيب الصحفيين الليبيين عاشور التليسي في تصريح للجزيرة نت أن "من يحمل بطاقة صحفية لا يجوز استدعاؤه إلا بموافقة أمين مؤسسة الثقافة".