رغم حكم الجنوبيين لأنفسهم منذ سنوات وفق اتفاق السلام الشامل، لم يحفز ذلك قادة الجنوب للالتقاء على رؤية موحدة تمكنهم من السيطرة على الأزمات المتلاحقة والخلافات بين مكوناته السياسية والقبلية، وذلك رغم اتجاه الإقليم قريبا نحو تقرير مصيره بالانفصال عن شمال السودان وتكوين دولة الجنوب أو البقاء ضمن الدولة السودانية الموحدة.
غير أن حوارا جنوبيا داخليا انعقد في العاصمة الخرطوم في الأيام الماضية، دعا بشدة إلى وحدة الجنوبيين قبل الاتجاه للاستفتاء على حق تقرير المصير، وطالب بالمحافظة على العلاقة بين الشمال والجنوب أساسا لعمل القوى الجنوبية. كما ناشد الحركة الشعبية لتحرير السودان، التي تسيطر على حكم الإقليم لتوفير الحريات السياسية "حتى يتسنى لجميع القوى الجنوبية ممارسة نشاطها دون مضايقة".
بضاعة المؤتمر
وقللت الحركة الشعبية من أهمية الملتقى الذي جمع أكثر من 15 حزبا جنوبيا، ووصفته ببضاعة المؤتمر الوطني الفاسدة. وقال نائب الأمين العام للحركة ياسر عرمان للصحفيين إن الحوار الجنوبي "ما هو إلا ماركة تجارية يسعى المؤتمر الوطني من خلالها لتمزيق وحدة الجنوبيين"، واستغرب إقامة المؤتمر خارج الجنوب ومن دون الحركة الشعبية. ودعا عرمان المؤتمر الوطني للعمل على تنظيم حوار شمالي يحقق المصالحة الشاملة في البلاد "لأنه فعلا يحتاج للمصالحة". أما ملتقى الحوار الجنوبي فقد دعا إلى إجراء الاستفتاء لحق تقرير المصير في ظل حكومة منتخبة، وحذر من تأخير الانتخابات عن موعدها المحدد في أبريل/نيسان من العام المقبل.
برنامج انتخابي
وقال رئيس الملتقى لام أكول -الذي يرأس الحركة الشعبية للتغيير الديمقراطي المنشق عن الحركة الشعبية- إن أحزاب الملتقى ستعمل على تنفيذ مقرراته برنامجا انتخابيا، وأشار إلى أن قرار حق تقرير المصير للجنوب "يمس مستقبل البلاد ولا يمكن أن يستغل بصورة انتهازية".
بينما اتهم الملتقى في توصياته الحركة الشعبية بمنع القوى السياسية الجنوبية الأخرى من ممارسة نشاطها بالجنوب "خلال خمس سنوات هي عمر حكمها للإقليم". وطالب بضرورة إبعاد الجيش الشعبي، الجناح العسكري للحركة الشعبية من الانحياز لأي قوى سياسية، باعتباره جيشا مهنيا لا يمكن استغلاله لأغراض سياسية غير مهنية.من جانبه اعتبر المؤتمر الوطني الشريك الأكبر في حكومة الوحدة الوطنية اتهامات الحركة الشعبية بأنها اتهامات سياسية "ويحق للحزب أن يتهمها هي بعرقلة الانتخابات واعتقال أعضائه في الجنوب".
وقال للجزيرة نت عضو مكتبه القيادي ربيع عبد العاطي إن الأحزاب المجتمعة هي أقرب للحركة الشعبية بحكم انتمائها للجنوب بل إن بعضها كان جزءا من الحركة نفسها، وأشار إلى أن على الحركة مراجعة نفسها "لأن المؤتمر الوطني لا يمكن أن يصادر آراء أهل الجنوب أو يجيرهم لصالحه". وأضاف "الأجدى للحركة أن تتصالح مع شعب الجنوب، وألا توجه الاتهامات لغيرها، ما يشير إلى عدم تقبلها للرأي الآخر".