بعد معركة شرسة لم يتمكن أي من طرفيها حسمها لصالحه الأسبوع الماضي في بلدة باروي بمنطقة شابيلي السفلى، قال سكان المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو حركة الشباب إن الفصائل المتناحرة في الحركة تستعد لخوض جولة جديدة من القتال العلني.
وذكر بعض من أهالي بلدة باروي لصباحي أن القوى الموالية لقائد حركة الشباب، أحمد عبدي غوداني، والمكنى أيضاً بمختار أبو الزبير، وتلك المؤيدة للرجل الثاني في الحركة إبراهيم الأفغاني اتخذت مواقع الاستعداد للقتال في وقت متأخر من يوم 19 حزيران/يونيو.
وقد أدت الصدامات إلى مقتل خمسة مسلحين وجرح أربعة من المدنيين، بحسب ما رواه أحد سكان باروي ويدعى غرعاد يوسف، 62 عاماً، الذي تحدث لمسؤولي إحدى المستشفيات.
وقال يوسف لصباحي "إننا نعيش حالة من الخوف ... لأن كلا القوتين المتحاربتين لا زالتا في المدينة دون اعتبار للمدنيين المساكين الذي لا يستطيعون الفرار".
وتعد هذه المعركة المرة الأولى التي تقتتل فيها فصائل متنافسة داخل الحركة منذ انطلاقة تمردها عام 2006، حسب البي بي سي.
وقال حسين غوليد، 53 عاماً، وهو من أعيان باروي، إن "المعركة نشبت في الليل وكان من الصعب علينا الخروج للتحقيق في الأمر. كان القتال شديداً واستخدمت فيه مختلف أنواع الأسلحة. ولم أكن أحسب أن قوى الشباب هي التي تقتتل فيما بينها، لكني علمت بذلك فيما بعد أن نظرت من نافذة منزلي".
وأضاف بأن عدة "رصاصات اخترقت منزلنا مما روّع أطفالنا الذين أخذوا يصرخون ويبكون على نحو تعذرت السيطرة عليه. ولو أن أحداً أصيب لكان الوضع أكثر سوءاً، لكن والحمد لله ظل معظم الضرر منحصراً في صفوفهم".
وذكر موقع صوماليميو، وهو موقع مؤيد لحركة الشباب، أن الشيخ حسن ضاهر أويس، مؤسس حزب الإسلام والحليف السابق لغوداني، فر ليلة 22 حزيران/يونيو من باروي على متن قارب مع بعض من المؤيدين له جراء التصعيد الذي شهدته الأوضاع في البلدة.
على صعيد الأهالي، قال محمد جمالي، البالغ من العمر 32 عاماً وهو أب لثلاثة أطفال، إنه يعتزم مغادرة باروي مع عائلته لأنه يتوقع نشوب المعارك في أي وقت.
وقال في حديث لصباحي إنه "بالنظر إلى حجم القتال الذي دار لحد الآن، لا أظن أنهم سيتوقفون لأنهم لم يدخروا أية أسلحة، فاستعمالهم لكل الأسلحة التي يمتلكونها ضد بعضهم البعض يظهر درجة العداوة التي نشأت بين فصائل الشباب المختلفة".
تصاعد التوتر وانتشار الاقتتال الداخلي في الحركة
كان أهالي بلدة باروي يتوقعون منذ فترة طويلة وقوع صدامات بين مقاتلي الشباب بسبب تدهور حالة القانون والنظام إلى حد أن المقاتلين من الفصائل المتنافسة كانوا يتجادلون ويشهرون بنادق الكلاشينكوف في وجوه بعضهم بعضاً بصورة متكررة، بحسب ما يرويه ليبان عيسى، وهو بائع سلع عامة في السوق المحلي ويبلغ من العمر 32 عاماً.
وقال عيسى لصباحي "كنت أعلم أن هذا النوع من القتال سيقع لأن مقاتلي الجماعة فقدوا الشعور باحترام بعضهم بعضاً وكان الناس يعتقدون أنهم سيتقاتلون في نهاية المطاف في باروي".
ويرفع هذا القتال حدة التوترات التي تصاعدت وتيرتها داخل حركة الشباب في الأشهر الماضية، إلى حد الغليان. فقد أدت الخلافات في الآراء إلى نشوء فصائل يقودها كل من غوداني والأفغاني وقيادات مقاتلة تنتقد قيادة غوداني مثل الجهادي عمر همامي أميركي المولد والمشهور باسم أبو منصور الأميركي.
وقبل هذا، وقع اقتتال داخلي علني في 6 نيسان/ابريل بعد أن انتقد الأفغاني، وهو أحد مؤسسي حركة الشباب، بشدة قيادة غوداني في رسالة مفتوحة من 15 صفحة وجهها إلى قائد تنظيم القاعدة أيمن الظواهري. وبعدها بأسبوعين، كتب الزبير المهاجر، وهو قائد بارز مقرب من فيلق المقاتلين الأجانب في حركة الشباب، رسالة أخرى مطولة تنتقد غوداني بشدة.
وفي 18 أيار/مايو، أصدر الجناح المؤيد لغوداني في حركة الشباب رسالة مفتوحة من طرفه عبر موقع تويتر، وصف الخارجين على غوداني من كبار قيادات الحركة فيها بأنهم "جبناء".
كذلك كانت بوادر الاقتتال الوشيك بين القوى المؤيدة لغوداني والأفغاني بادية للعيان في حُدُر، بحسب خضرة صلاد، 34 عاماً وهي من سكان المدينة.
وقالت صلاد لصباحي إن "الكثير من مقاتلي الشباب يأتون إلى المدينة، وهم من مؤيدي كلا القائدين أحمد غوداني وإبراهيم الأفغاني. وقد سمعنا أنهم يحفرون خنادق للقتال خارج المدينة فيما قمنا نحن بحزم حقائبنا كي نتمكن من الهرب إذا ما اندلعت الحرب".
من جانب آخر، قال أحد ساكني بلدة بولو بوردي، ويدعى صداق وهيلي، 55 عاماً، إن أهالي بلدته يشعرون بالتوتر أيضاً في ظل التوقعات بوقوع معارك في المستقبل.
وأضاف في حديث لصباحي بأنه "منذ نشوب القتال في باروي، تتوافد على بولو بوردي قوات مدججة بالسلاح مؤيدة لكلا القائدين المتصارعين، أحمد غوداني وإبراهيم الأفغاني، ومعها سيارات مزودة بالأسلحة. ويشعر سكان البلدة بالخوف لأنه من الواضح أننا في حالة حرب".
الصباحي