قامت حركة الشباب خلال الأسابيع الماضية بخطف مئات الأولاد من مدينة البور التي يسيطر عليها المقاتلون في جلجادود حسبما ذكره السكان، معبّرين عن خوفهم من شن الحركة التابعة لتنظيم القاعدة حملة لتجنيد الأولاد بالإكراه.
وذكر جامع حسن، 54 عاماً وهو أحد وجهاء المدينة، أنه منذ مطلع شهر أيار/مايو، خُطف أكثر من 350 ولداً لا يتجاوزون الـ16 عاما من العمر من مدارس تعليم القرآن أو فيما كانوا يلعبون في شوارع البور وضواحيها.
وأعلن حسن لصباحي "إنها ظاهرة أرعبتنا جميعاً. فحتى في حال ضعفت الشباب، لا يجب أن تستعمل الأطفال الذين لا يعرفونها وأن تستغلهم لتعزيز قوتها".
وأشار حسن إلى أن مدرّسين وطلاب هربوا مما لا يقل عن 18 مدرسة لتعليم القرآن على أثر موجة الخطف وبسبب ما جرى تناقله عن قيام الشباب بتجنيد الأطفال. وقد طالب حسن الحكومة الفيدرالية بالتدخل.
وقال إن "الحكومة مسؤولة عن الدفاع عن الشعب وعليها أن تضع خطة لحماية المواطنين الذين يعانون من الوضع ليتمكنوا من العيش بسلام".
ويُعرف عن حركة الشباب اعتمادها أسلوب إجبار الأولاد على الالتحاق بصفوف مقاتليها. وفي كانون الثاني/يناير 2012، أعلنت الحكومة الفيدرالية الانتقالية الصومالية وجمعيات ناشطة في مجال حقوق الإنسان أن الشباب تعمد إلى تجنيد الأولاد بصورة منهجية وقسرية.
وبحسب تقرير قدمه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى مجلس الأمن في 15 أيار/مايو، وصلت حالات تجنيد الشباب للأولاد إلى 1789 حالة عام 2012، في حين كان الجيش الوطني الصومالي مسؤولاً عن 179 حالة مشابهة.
وفي بعض الأحيان، كان الأولاد المجندون يهربون من أيدي الشباب للانضمام إلى القوات الحكومية الصومالية. وذّكر أنه كان يتم تجنيد الأولاد من مخيمات اللاجئين والمدارس والقرى، كما وأجبرت الشباب بعض المدرّسين على المشاركة في تعبئة التلاميذ، وفق ما جاء في تقرير الأمم المتحدة.
كابوس الأمهات
أخبرت أمينة يحيى، 39 عاماً وتقيم في البور، صباحي أن حركة الشباب خطفت ابنها حسن علي البالغ من العمر 14 عاما عندما كان يغادر مدرسة تعليم القرآن في 11 أيار/مايو الماضي ولا يزال مكان تواجده مجهولاً حتى اليوم.
وقالت "كنت قلقة إلى درجة اليأس وكنت أبحث عن ابني لليوم الثاني عندما تلقيت اتصالاً من رجل من الشباب قال لي 'ابنك بخير ويعمل تحت شعار الإسلام. اطمئني، سنلقّنه المعرفة التي كنت تريدينها له'".
وأضافت أن المتصل رفض أن تتكلم مع ابنها وأكد لها أن حسن يحصل على تعليمات دينية حول الجهاد وكره الكفار.
وقال "عندما صرخت باكيةً على الرجل، قال لي 'إنشاء الله ستتكلمين مع ابنك' وأقفل الخط في وجهي. وعندما عاودت الاتصال بالرقم، كان الهاتف مقفلاً. لا أزال أجهل أين هو ابني وأتوق إلى التحدث إليه لأتأكد أنه على قيد الحياة".
وبدورها، قالت مريم ماو، 38 عاماً، إنها هربت من البور في الأول من حزيران/يونيو مع أولادها الأربعة متوجهةً إلى دوساماريب خوفاً من أن يتم خطفهم.
وذكرت في حديث لصباحي، "من المدهش كيف أن الشباب تتبنى تعاليم الإسلام وفي الوقت عينه تستغل الأولاد الصغار كخشب لتغذية نارها".
وأشارت ماو إلى أن الشباب تعمد أيضاً إلى ممارسة الترهيب على الأهالي في البور عندما يرفض هؤلاء انضمام أولادهم إلى صفوف الحركة المتشددة كمقاتلين.
وتابعت قائلةً إن "بعض الأهالي منعوا أولادهم من اللعب خارج المنزل إذ تهدد الحركة بقتل من لا يلتحقون بصفوفها".
وأصبح من المألوف رؤية الأهالي ماسكين أيادي أولادهم في محطات حافلات النقل في منطقة البور، فيما يهربون من التجنيد القسري الذي يمارسه الشباب.
وفي هذا السياق، ذكرت حافظة رشيد، وهي صحافية مستقلة مقيمة في البور، "إننا نرى الكثير من النساء اللواتي يهربن مع أولادهن تجنباً لعمليات الخطف التي تنفذها الشباب".
وأضافت "خُطفت أعداد لا تحصى من الأولاد منذ أيار/مايو الماضي ولم يتطرق أحد إلى هذه المشكلة الموجعة". وحذرت من أنه إذا لم يوضع حد لموجة التجنيد هذه، فسيعود أولئك الأولاد أنفسهم كمقاتلين تابعين للشباب لتدمير مجتمعاتهم الخاصة.
الصباحي