أثار الحديث عن مساع ليبية لشراء المياه من تركيا قدرا متزايدا من الجدل في الساحة الليبية, على خلفية تساؤلات بشأن تسعة مليارات دينار أنفقت على ما يسمى بمشروع النهر الصناعي.
جاء طرح القضية على نحو متزايد بعد زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لليبيا الأسبوع الماضي, حيث تجدد الحديث عن توريد مياه نهر مانغفات التركي.وفي هذا السياق تحدث مصدر مسؤول للجزيرة نت عن حساسية بحث بلاده عن بدائل بعد إنفاق أكثر من تسعة مليارات دينار حتى نهاية سبتمبر/أيلول الماضي على مشروع النهر الصناعي، مؤكدًا تأجيل الاتفاق إلى إشعار آخر رغم حماسة الأتراك لتوقيعه.
وذهب المسؤول الليبي بعيدا إلى حد قوله إن توقيعهم على الاتفاق يحمل في طياته مخاطر "جسيمة" على دول عربية مثل سوريا والعراق التي تتغذى من المياه القادمة من تركيا، مؤكدًا تشددهم في عدم تحويل المياه إلى سلعة تخضع لمعايير السوق، وابتزاز السياسة.وفي معرض رده على تساؤلات للجزيرة نت أكد المسؤول أن دول الجوار مثل مصر والسودان لديها مشاكل في الاحتياجات، بالإضافة إلى أنها "ممنوعة" ضمن دول حوض النيل من التصرف في المياه، مرجحًا وجود توجه سياسي ليبي وراء هذا الطرح.
وأكد خبير المياه والبيئة في الشرق الأوسط مروان الحملاوي للجزيرة نت أنه ليس هناك بدائل عن النهر الصناعى، مشيرًا إلى إمكانية إيجاد مصادر متعددة للمياه في ليبيا عبر تقنيات كاستخدام الطاقة النووية لتحلية المياه أو إنشاء "بنك مياه" بين ليبيا وتركيا، موضحًا أنه من الأهمية تصدير المياه إلى ليبيا لقطع الطريق على تصديرها لإسرائيل, على حد تعبيره.يشار في هذا الصدد إلى أن سعر متر مكعب من المياه التركية يصل إلى 0.77 دولار أميركي.
بدائل
كما يؤكد الخبير في المياه الجوفية عبد الله بن صريتي على أن الحديث عن بدائل للنهر الصناعي في الوقت الحالي يهدف لضمان تدفق المياه دون انقطاع، معتبرا أن تحلية مياه البحر عرضة للمخاطر.
وقال للجزيرة نت إن التفكير بمصادر جديدة يقع ضمن التخطيط الإستراتيجي الرسمي، مشددًا على دور النهر الصناعي في سد احتياجات البلاد الحالية.أما الخبير الهيدروجيولوجي فوزي الشريف فيشير إلى أن السودان دولة لا تربطها حدود مائية مع ليبيا، ومصر تعاني هي كذلك من مشاكل مع دول المنبع، وتركيا المنفذ الأوحد لليبيا. كما يشير إلى "مشقة الصحراء" بالنسبة للتعامل مع السودان، قائلا إن البحر أرخص وسائل النقل.وقال الشريف إن النهر الصناعي يعالج نقص المياه بليبيا، لكنه قال إن البلاد تشهد مشروعات كبيرة تحتاج إلى كميات إضافية من المياه.
سياسات
ويشير المتخصص في التنمية المستدامة محمد حمودة إلى أن إستراتيجية إدارة الموارد المائية ترتكز على محدودية الموارد المائية لكون ليبيا لا تتمتع بأنهار طبيعية، إضافة إلى أن المساحة الواقعة فوق خط المطر لا تتجاوز 5% من المساحة الكلية للدولة. ويشير إلى أن المصدر الرئيسي حاليا هو المياه الجوفية التي تمثل حوالي97% من إجمالي المياه المستهلكة الذي يقدر بحوالي 4.8 مليارات متر مكعب في السنة. ودعا في تصريح للجزيرة نت إلى التفكير الجاد برسم سياسات مائية قادرة على مجابهة هده التحديات، مشددًا على أهمية توفير مصادر جديدة ومتنوعة بديلة للموارد المائية غير التقليدية تتسم بالكفاءة والاستدامة.
ومن بين هذه الموارد البديلة كما يقول حموده, نقل المياه من دول الوفرة أو دول المنبع وليس من دول المصب وتبني طرق تحلية مياه البحر باستخدام الطاقة الشمسية, والعمل على إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في الأغراض المختلفة.