وافق مجلس الشيوخ الكيني على قانون يعيد العمل الإلزامي بالخدمة الوطنية للطلاب الذين أنهوا الدراسة الثانوية.
وبموجب هذا القانون الذي تم إقراره بالإجماع في 18 تموز/يوليو، تصبح الخدمة التي تسبق مرحلة الدخول إلى الجامعة من الآن فصاعداً إلزامية حيث سيكون جميع الطلاب الذين أنهوا مرحلة الدراسة الثانوية ملزمين بالالتحاق ببرنامج الخدمة الوطنية للشبيبة، وهو برنامج الهدف منه تزويد هؤلاء الشباب بالتدريب المهني وغرس روح الوطنية فيهم وتمكينهم من الإسهام في حماية بلدهم.
وقالت السيناتور بياترس إيلاتشي من حزب الائتلاف الكيني الذي يؤيد هذا القانون إنه "بعد الانتهاء من الدراسة الثانوية تكون هناك فترة زمنية مدتها حوالي سنتين [ينتظر خلالها الطلاب القبول في الجامعات] تكون غالبية الشبان فيها عاطلة عن العمل. تلك الفترة الزمنية دقيقة للغاية لأن الشباب يتفكر في مستقبله خلالها فيما سقط الكثيرون على قارعة الطريق من خلال الانغماس في أعمال إجرامية ولا أخلاقية".
وقد بدأ العمل بالخدمة الوطنية للشبيبة عام 1964 بهدف تدريب الشباب على تأدية مهمات ذات أهمية وطنية من ضمنها الخدمة العسكرية في القوات المسلحة والبرامج الوطنية لإعادة البناء والاستجابة للكوارث. وظل الالتحاق بالخدمة الوطنية قبل دخول الجامعة إلزامياً للطلاب الذين أنهوا الدراسة الثانوية لأكثر من عشرين عاماً.
وذكرت إيلاتشي في حديث لصباحي أنه "بدأ تدريجياً التخلي عن [الخدمة الوطنية] أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، وتهدف إعادة العمل بها إلى معالجة [قضايا] الأمن والحس الوطني والأخلاق".
وأضافت بأن "هناك شباب غير قادرين على التقدم إلى الجامعات أو الكليات بسبب التحديات المالية أو [لأنهم] لم يحرزوا المعدلات المطلوبة. إن الخدمة الوطنية للشبيبة موجهة، بطريقة ما، نحو تمكين الشباب بإكسابهم مهارات تعمل أيضاً على معالجة الأمن والبطالة".
كذلك يلزم هذا القانون الحكومة بتوسيع المرافق الحالية الخاصة بالخدمة الوطنية من أجل استيعاب التدفق المتوقع للمجندين من الشبان.
ويأتي إقرار هذا القانون في وقت تشهد فيه ارتفاعاً في الأنشطة الإجرامية، حسب السيناتور عن إقليم واجير عبد الرحمن حسن علي.
وقال علي لصباحي "لقد شهدنا [قيام] جماعات إجرامية، مثل حركة الشباب، باستهداف الشباب العاطل عن العمل" واصفاً إقرار القانون بأنه "خطوة من الخطوات التي ستبقي الشباب منشغلاً" بشيء يقوم به.
وقد تم تكليف لجنة التنفيذ المنبثقة عن مجلس الشيوخ، والتي يتمتع علي بعضويتها، بتطبيق القانون خلال ستة أشهر.
وبما أن فئة الشباب تشكل الشريحة السكانية الأكبر في كينيا – والكلام لعلي- فإنه بوسع هذه الفئة أن تسهم إسهامات مهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد.
وبحسب علي فإنه "من دون إشراك [شريحة] الشباب بصورة بناءة فإن الخطر سيحيق برؤية كينيا 2030 المتطلعة إلى تحقيق الاستقلالية الاقتصادية في كافة القطاعات".
الخدمة الوطنية تعاني من نقص الملتحقين
أشار المدير العام للخدمة الوطنية للشبيبة، كيبليمو روغوت، إلى الصعوبة التي يواجهها برنامج الخدمة الوطنية في تجنيد الشبان لأنه برنامج تطوعي.
وقال في حديث لصباحي إنه "خلال قيامنا بأعمال تجنيد [الشبان] في مختلف أنحاء البلاد، كنا نتوسل، حرفياً، للشبان كي يلتحقوا بالخدمة الوطنية رغم أننا نقدم التدريب المهني الذي يفتقرون له تماماً والمطلوب لأسواق العمل".
وأوضح روغوت بأن "الشباب يحصلون أيضاً، إلى جانب المهارات الفنية ومهارات تنظيم المشاريع، على التدريب شبه العسكري الخاص بالاستجابة للكوارث من قبيل الفيضانات والمجاعات، وحالياً، الإرهاب"، مضيفاً بأن الجيش ومصلحة حماية الحياة البرية الكينية والشرطة يقومون بتجنيد عناصر من بين الملتحقين بالخدمة الوطنية للشبيبة.
وقال أيضاً إنه يتم تدريب المجندين الملتحقين بالخدمة الوطنية على الممارسات والمهارات الإدارية الفعالة في مجال الزراعة وأنهم يحصلون بعد انتهاء شهور التدريب الستة على شهادات تساعدهم في الحصول على وظيفة.
وترى المديرة التنفيذية لاتحاد أصحاب الأعمال الكينيين، جاكلين موغو، إن التجنيد الإجباري سيزود نظام التعليم الوطني الذي يتسم بطابع أكاديمي في معظمه بالتدريب المهني.
وقالت إن "أصحاب الأعمال الكينيين شديدو الاهتمام [بتوظيف] أشخاص يمكنهم تلبية [احتياجات] سوق العمالة" منوهة إلى أن الخدمة الوطنية للشبيبة تلعب دوراً مهماً في سد الثغرات وتوفير التدريب المطلوب.
وأضافت موغو بأنه سيتوجب على الحكومة التأكد من أن معايير التدريب تبقى عالية عندما تبدأ أفواج الشباب بالتدفق على مراكز الخدمة الوطنية.
من جانب آخر، عبّر ستيفن كينارو، وهو موظف حكومي بوزارة الأراضي والإسكان وتنمية المدن في إقليم كيسي، عن شكوكه في أن القرار بجعل الالتحاق بالخدمة الوطنية إجبارياً سيتمخض عنه نتائج إيجابية وخاصة إن لم يصاحبه برنامج توظيف.
وقال إن "إجبار شخص، وخاصة الشاب، على القيام بشيء أو الالتحاق بخدمة بعكس رغبته لن يعزز سوى مشاعر الاستياء وسوف يؤثر [سلباً] على أية مهارات قد يتعلمها. غالبيتهم سيذهبون إلى البرنامج بصفته إلزامياً إلا أنهم لن يتعلموا شيئاً".
وأشار كينارو إلى أنه ينبغي على الحكومة أن تعالج القضايا التي تقود الشباب إلى الجريمة بحيث لا يضيع أي تدريب يتلقونه عبر الخدمة الوطنية سدى أو يتم استخدامه لغايات سلبية.
بالمقابل، كانت لإسحق بوسيري، 47 سنة، من سكان نيروبي تجربة إيجابية حسب قوله خلال التحاقه بتدريب الخدمة الوطنية عام 1985.
وذكر بوسيري في حيث لصباحي أن "المهارات التي اكتسبتها مكنتني من كسب قوت أسرتي، وعبّر عن أمله في أن يبدأ سريان مفعول القانون في وقت يتناسب مع تخرج ابنه من المدرسة الثانوية العام القادم. وقال إن "ابني يتطلع لأن يصبح طبيباً، لكن دورات الخدمة الوطنية ستكون بمثابة [خطاً] احتياطياً" بالنسبة له.
وتابع قائلاً إن "القانون يأتي في وقت بات فيه الحس الوطني متدنياً للغاية بسبب التحديات الاقتصادية والأمنية. على الجميع أن يكونوا وطنيين مهما كانت الأوضاع، وإن الخدمة الوطنية تغرس هذا الجانب عن طريق تعزيز المسؤولية الاجتماعية والانضباط والتلاحم".
الصباحي