لم يكن أحد يتصور أن تثير مباراة منتخبي مصر والجزائر كل هذه العواصف والأعاصير، بحيث انسلخت من كونها مجرد لقاء كروي وتحولت إلى معركة سياسية وإعلامية لا يعلم أحد إلى أي منقلب سيصل مداها.
فبعد أن غابت الروح الرياضية بين الشعبين قبل الفريقين وانقلبت إلى حلبة أشبه بمصارعة الثيران، أخذ كل حزب يراجع حساباته ويضع اشتراطاته للتهدئة بصورة تشبه الحرب الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي. وكان الملمح الأبرز في هذه الأزمة أنها أفرزت عدة نتائج لعل أهمها عودة نجل الرئيس المصري علاء حسني مبارك إلى دائرة الضوء بعد فترة انحسار إعلامي دامت سنوات ولم يقطعها سوى المصاب الجلل الذي تمثل في وفاة نجله محمد الذي وفر شحنة تعاطف لأسرة الرئيس نابعة من 80 مليون مصري. حيث أطلق "علاء" العنان لمشاعره ليعبر عن أحاسيس جميع المصريين إزاء أحداث البلطجة التي تعرض لها المشجعون المصريون على أيدي نظرائهم الجزائريين في العاصمة السودانية الخرطوم، ولم يقف عند هذا الحد بل وجه نجل الرئيس المصري انتقادات حادة لقناة الجزيرة على خلفية تغطيتها لمباراتي كرة القدم بين منتخبي الجزائر ومصر، وشكك في مواقفها وأهدافها.
ففي برنامج "القاهرة اليوم" المذاع على قناة أوربت، طالب علاء مبارك مقدمه الإعلامي عمرو أديب بالتوقف عن الحديث عن الجزيرة معتبرا أن موقفها ونيتها وأهدافها معروفة لدى المصريين، وقال "أنا مش فاهم القناة هذه مع مين، وبتشتغل لصالح مين؟"، وتساءل "أين العروبة؟"، و"الناس دي شغالة إزاي؟"، وطلب من عمرو أديب عدم تضييع وقته بالتحدث عن الجزيرة قائلا "تكلمنا عنها وعارفين من وراءها وما هي أهدافها".وكان مقدم البرنامج قد قال في برنامجه إن الأولى إنشاء قناة ترد على الجزيرة بدل انتقاد تغطيتها، وأقر بأنها "قوية ومتميزة"، وأنها بالنسبة له بوصفه إعلاميا تمثل "أعلى مستوى احتراف في العمل سواء في الأخبار أو الرياضة".
وأشار إلى رعاية دولة قطر للقناة، وقال "إن قناة الجزيرة عبارة عن 10 قنوات وستصبح 16 قناة"، و"إذا عايز تلعب مع الجزيرة اعمل جزيرة"، وقال إنه "منذ الآن وحتى عام لن يستطيع أحد أن يرى هدفا في أي بطولة بكرة القدم إلا من خلال قناة الجزيرة". ودعا علاء إلى اتخاذ موقف موحد لدى الكتاب والرياضيين، وبرر حدة لهجته بقوله إنه يتكلم بهذه اللغة باعتباره مصريا غيورا على بلده وليس لأنه يطمح إلى أي منصب سياسي ولا أي مستوى في مصر، ومنذ ذلك الحين لم تهدأ الحرب على فضائية الجزيرة التي تبث من قطر وكأن علاء مبارك قد صك شهادة وفاة القناة التي يعتبرها الكثيرون الفضائية رقم 1 من حيث المشاهدة والمصداقية.
وقد اتخذ منهج الهجوم المنظم على القناة القطرية أساليب عديدة ركزت في مجملها على جهات التمويل والولاء الخفية والتي ألمحت كثير من الأقلام إلى وقوف رأسمال صهيوني وأمريكي خلفها، خصوصا بعدما نسب لها الترويج لخبر كاذب فحواه مقتل 6 جزائريين على أرض مصر بعد فوز المنتخب المصري المضيف على الجزائر مما تبعه من اعتداءات انتقامية نفذها جمهور الجزائر ضد المصريين في الخرطوم التي عجزت فيما يبدو عن بسط سيطرتها الأمنية على زمام المباراة. كما وصلت لشبكة الإعلام العربية "محيط" كثير من التعليقات تشير إلى صدمة الجماهير حينما وجدوا شاشات الفضائيات العربية خالية من أى أخبار عن الاعتداءات الوحشية التى تعرض لها الجمهور المصري فى السودان والعاملون المصريون فى الجزائر، وفوجئ أغلب الجمهور المصرى المتابع لفضائيات الجزيرة والعربية وغيرها بتجاهل واضح لما تعرض له المصريون من بلطجة.
ووفق ما رآه البعض فإن الصدمة المصرية فى فضائية الجزيرة كانت صعبة خاصة بالنسبة لجمهورها فى مصر والذى تابع رد فعل القناة العنيف واهتمامها الشديد قبل عدة أيام تجاه التمثيلية الجزائرية حول تعدى المصريين على الأتوبيس الخاص باللاعبين، وهى القصة التى لم تمل فضائية الجزيرة من التعليق عليها ومناقشتها باعتبارها حدثا إجراميا وسوء ضيافة من المصريين. وقد ظهرت باكورة مشاعر الكراهية ضد "الجزيرة" في الحملة الشرسة التي نظمتها وسائل الإعلام المصرية ضد المذيع المصري احمد منصور العامل بقناة الجزيرة والتي وصلت إلى حد التحريض على معاقبته بدنيا وأدبيا والتي حدت به إلى تكذيب المقال المنسوب له على إحدى الصحف الجزائرية والذي كان يحض على كراهية واحتقار الجمهور والإعلام المصري.