شارك عشرات الآلاف من اللاجئين المقيمين في مجمع داداب للاجئين في كينيا خلال الأسبوع الجاري في اختيار زملاء لهم لتولي المناصب القيادية، في ممارسة قال عنها كثير من الناخبين إنها سمحت لهم بتذوق طعم الديموقراطية.
وقد سجل ما لا يقل عن ثلث سكان داداب الذي يقدر بنحو 400 ألف لاجئ للمشاركة في هذه الانتخابات التي أتاحت لهم اختيار مسؤولي المخيمات والقطاعات والأقسام من بين 1002 مرشح، حسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وقد تناوبت المخيمات الخمسة في مجمع اللاجئين على التصويت بالترتيب خلال الفترة من 26 إلى 29 آب/أغسطس. ومع بداية يوم الأربعاء، 28 آب/أغسطس، كان أكثر من 60 في المائة ممن سجلوا للانتخابات قد أدلوا بأصواتهم مقارنة بنسبة مشاركة لم تزد عن 25 في المائة في انتخابات مجمع داداب الأخيرة عام 2006، حسب المفوضية أيضاً.
وساعدت المفوضية ومنظمات إغاثية أخرى دائرة شؤون اللاجئين الكينية على تنظيم هذا الفعالية الديموقراطية.
وقد بدأت الانتخابات في مخيم كامبي أوس يوم الاثنين بينما أُجريت انتخابات مخيمي دغاهالي وهغاديرا يوم الأربعاء وتلاهما مخيما إيفو-1 وإيفو-2 يوم الخميس.
دور زعماء المخيمات
قال مولد علي حسن، وهو صومالي يقطن في مخيم إيفو-1 ويبلغ من العمر 36 عاماً، إن الناخبين أدلوا بستة أصوات لانتخاب قيادي وقيادية لكل منصب من المناصب.
وأضاف حسن أنه يشترط في الناخب أن يكون قد بلغ 18 عاماً من العمر وأن يحمل بطاقة لاجئ أجنبي كينية وبطاقة إعاشة وأن يُبرز إثباتاً بأنه مسجل لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وذكر حسن لصباحي أن "المرشحين أطلقوا في الأسابيع التي سبقت الانتخابات حملات محمومة للحصول على تأييد الناخبين المحتملين. وقد وضع مرشحون مكبرات صوت على سيارات وطبعوا مواد دعائية وعقدوا اجتماعات عامة ونظموا حملات [تحركت] من بيت لبيت".
وأضاف حسن بأن بعض المرشحين ألقى خطابات وقام حتى بتنظيم فعاليات كمباريات بكرة القدم لاستمالة الناخبين.
وقال حسن ايضاً إن منصب "مسؤول قطاع يعادل منصب نائب في البرلمان الكيني أما رئيس القسم فهو بنفس مستوى السيناتور فيما يضاهي [رئيس المخيم] الحاكم في السياق [الإداري] الكيني".
ومن بين الأشخاص الذين انتخبوا لرئاسة مخيمات هغاديرا في انتخابات الأربعاء كل من عبدالله علي أدن وحبيبو جدو.
وأوضح أدن، 27 عاماً، لصباحي أن واجبات المسؤولين المنتخبين تختلف من منصب لآخر لكنها تخدم القيام بدور همزة الوصل بين السلطات الكينية والمنظمات الإنسانية.
وقال أدن إنه "إذا كانت هناك منظمة، على سبيل المثال، تريد تنفيذ مشروع تنموي معين في مخيم محدد فإنه يتم إشراك زعماء [المخيم] في صنع كل قرار من القرارات في الواقع" وإنه "يتم أخذ مشورة هؤلاء الزعماء عند توزيع مواد غذائية وغير غذائية وفي الشؤون الأمنية وفي تطبيق القيادة المجتمعية، كما أنه يجري إشراكهم كلما كانت هناك عمليات تدقيق في أداء وكالات الإغاثة".
ونوّه أدن إلى أن القيادات المنتخبة عبارة عن مناصب تطوعية لكنها تتمتع بمزايا محددة من قبيل الحصول على حصص إضافية من المواد الغذائية وغير الغذائية وفي بعض الأحيان على المال لقاء العمل مع مختلف المنظمات الإغاثية.
من جانبه، أشار باتريك موسانغو رئيس دائرة شؤون اللاجئين في داداب إلى أن القيادات المنتخبة تلعب دوراً هاماً في إدارة المخيم.
وقال موسانغو إنه "كي نكون قادرين على الوصول إلى مجتمعات اللاجئين وحل مشكلاتهم فإنه من المهم أن تتم هيكلة القيادة عندنا بصورة مشروعة. فنحن نتوقع من هذه القيادات أن تساعدنا في توزيع المساعدات الإنسانية والحفاظ على الأمن وفرض سيادة القانون بصورة عامة".
أكانت انتخابات حرة ونزيهة؟
أعرب اللاجئون الذين تحدث إليهم صباحي عن ابتهاجهم لأنهم تمكنوا من المشاركة في الانتخابات والتمتع بمذاق جانب من جوانب العملية الديموقراطية.
وكانت هذه لسابدو فارح أحمد، وهو لاجئ صومالي يعيش في مخيم هغاديرا ويبلغ من العمر 23 عاماً، أول تجربة له مع صندوق الاقتراع.
وقال أحمد في حديثه لصباحي إن "العمليات السابقة كانت تتسم بعدم اكتراث من الناخبين وبالزيف لأنه كان يتم انتقاء الأشخاص بصورة شخصية كي يمثلونا". وأضاف بأنه "لم يتم انتخاب أي من المرشحين الذين اخترتهم [هذه السنة] لكن الذين انتُخبوا فازوا بنزاهة وأنا أدعمهم".
وأوضح أحمد بأن "الانتخابات منحتني إحساساً بالوفاء بالالتزام وشعرت بشعور طيب كذلك الذي شعر به الكينيون عندما توجهوا إلى صناديق الاقتراع لانتخاب زعمائهم [يوم 4 آذار/مارس].
وذكرت فطومة محمد ضاهر، وهي من سكان مخيم دغاهالي وتبلغ من العمر 33 عاماً، أن اللاجئين تركوا خلافاتهم جانباً واتحدوا من أجل ضمان سلمية الانتخابات مما يثبت أنهم كانوا جديرين بشرف انتخاب زعمائهم.
وقالت إن "عملية الانتخاب كانت حرة وشفافة وتتمتع بالمصداقية. والكرة الآن في ملعب أولئك الذين انتخبناهم كي يمثلونا تمثيلاً عادلاً".
بالمقابل، تساءل بعض من سكان داداب عما إذا كان ذلك صحيحاً حقاً.
إذ اعتبرت سعدية علي محمد، وهي من سكان مخيم إيفو-1، أن نتائج الانتخابات كانت مرتبة سلفاً.
وقالت إنه "كانت هناك عمليات نقل للناخبين وشراء للأصوات عشية الانتخابات مما يخالف حكم العدالة" مضيفة بأن وجهاء المجتمع الذين كانوا يضغطون لصالح مرشحيهم المفضلين أقنعوا مرشحين آخرين بعدم الدخول إلى حلبة المنافسة في الانتخابات.
وتابعت قائلة إنه بناءً على ذلك فإن "النتيجة لن تكون تعبيراً صحيحاً عن أرادة الناس. كنت أتطلع إلى يوم الانتخابات إلا أنه انتهى بخيبة أمل".
من ناحية أخرى ولكن في نفس السياق، أعرب عدد من اللاجئين عن خيبة أملهم بسب عدم أهليتهم للانتخاب.
من بين هؤلاء محمد إبراهيم حسن، وهو من سكان مخيم دغاهالي ويبلغ من العمر 35 عاماً، الذي قال "لم أشارك في انتخاب الأشخاص الذين كنت أفكر في انتخابهم بسبب عدم امتلاكي للوثائق" المطلوبة.
وأوضح حسن أنه لم يسجل رسمياً لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين منذ وصوله إلى داداب قادماً من الصومال عام 2009.
وقال في حديث لصباحي إنه "إذا لم تتم إعادة توطيننا في الصومال بحلول موعد الانتخابات القادمة في 2016 فإنني آمل أن أكون قد سجلت لدى المفوضية من أجل المشاركة في الانتخابات سواء كناخب أو مرشح".
وذكر مسؤول منطقة داداب، برنارد أولي كيبوري، لصباحي أن السلطات الكينية شددت خلال أيام الانتخابات الأربعة من إجراءاتها الأمنية داخل مراكز الاقتراع في مجمع اللاجئين وحولها.
وأشاد كيبوري بجماعة اللاجئين على إجرائها الانتخابات بصورة سلمية.
وقال كيبوري "نحن سعداء من أجلهم لأن مثل هذه الأعمال تمكنّهم من التمرن على الطريقة التي سيتصرفون بها عندما يعودون إلى وطنهم".
الصباحي