مرة جديدة يتوجه المسؤولون الكينيون للمواطنين برسائل متضاربة بعد أن أظهرت تسجيلات كاميرات المراقبة التي نشرت الأسبوع الماضي صورا لجنود في بزاتهم العسكرية ينهبون محالا تجارية في مركز وستغيت التجاري خلال الحصار الذي شنته عليه حركة الشباب.
وبدا في التسجيلات التي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي المحلية جنودا في بزتهم العسكرية يحملون أكياسا من البلاستيك من سوبر ماركت ناكومات في اليوم الثاني من الحصار. وأظهرت الكاميرات علب مجوهرات وهواتف معروضة وخزائن تم إفراغها من محتوياتها.
وقال قائد أركان قوات الدفاع الكينية جوليوس كارانجي أمام البرلمان في 22 تشرين الأول/أكتوبر إن الجنود أخذوا بعض المشروبات "لإرواء عطشهم". ووصف نقل بضائع أخرى، بأنها مجرد عملية "تنظيف لضمان سلامة" هذه البضائع.
وردا على تقارير إعلامية شككت بالنفي الرسمي لعملية النهب، هدد المحقق العام في الشرطة الكينية ديفيد كيمايو باعتقال الصحافيين في 23 تشرين الأول/أكتوبر ثم عاد عن قراره بعد موجة سخط عارمة لجمعيات حقوقية ومنظمات إعلامية.
"أمر مخزي"
وفي خضم ذلك، رأى سكان العاصمة نيروبي الذين شاهدوا أشرطة التسجيل أن تبريرات الجيش غير كافية ونددوا بالحادثة.
وقال سنديب شاه، وهو تاجر يقيم قرب وستغيت، "إنه أمر مخزي. في حين كنا نعاني لنتبرع بالمواد الغذائية لإطعام [الجنود] خلال العملية الأمنية والتبرع للضحايا، [نجد] أن جنودنا انقلبوا ضدنا وسرقوا من الموتى".
وأضاف، "إذا أردنا أن نكون مجتمعا يحاسب المخطئ، لا بد أن تتم محاسبة المذنبين في قوات الدفاع. نريد أن يتم طرد من قام بالنهب والسرقة. إن قادة قوات الدفاع يجب أن يتحملوا المسؤولية وأن يستقيلوا من منصبهم وأن يفتحوا الطريق أمام تحقيق نزيه بدلا من أن يستمروا بإنكار ما حصل والكذب على المواطنين".
من جانبه، أشار باكو تسافاني وهو صاحب متجر للكتب في الطابق الثاني من وستغيت، إلى أنه حين عاد إلى المركز التجاري بعد انتهاء الحصار وجد خزانة أمواله منهوبة والمحمول الخاص به مفقودا.
وقال في حديث لصباحي، "كان هناك فئتان من الناس في المركز التجاري خلال الاعتداء، قوات الأمن والارهابيين، ومن المستحيل أن يكون الارهابيون قد حملوا الحاسوب أو سرقوا المال. نريد إجابات واضحة وشافية".
أما صاحبة متجر المجوهرات، آن نجيري، فأكدت أن العقود غالية الثمن التي كانت في متجرها فقدت.
وكانت نجيري قد عادت إلى متجرها في 17 تشرين الأول/أكتوبر بعد أن طلبت الحكومة من أصحاب المتاجر النزول إلى محالهم. وقالت، "[ما زالت] خسائري تتكشف. حتى الآن فقد من متجري عقود بقيمة 6 مليون شلن (71 ألف دولار)".
هذا ورأى المسؤول التنفيذي في سوبر ماركت ناكومات أتول شاه أنه من الصعب تحديد أي سلع فقدت خلال الحصار نظرا لأن المتجر احترق في 23 أيلول/سبتمبر، اليوم الثالث من الاعتداء.
وقال شاه لصباحي، "يحزننا ذلك، لكننا الآن نريد أجوبة من كل من شارك في العملية الأمنية حول سبب إحراق السوبر ماركت".
كما شكك شاه بصحة البيان الرسمي الذي صدر عن الحكومة والذي تزعم فيه أن الارهابيين أضرموا النار ببعض الفرش لافتعال مصدر إلهاء للقوات الأمنية.
الحكومة تنفي الادعاءت
وعلى الرغم من الشكاوى المختلفة التي تقدم بها أصحاب المتاجر الذين تعرضت متاجرهم للنهب، غير أن المسؤولين الرسميين يواصلون تبرئة الجيش من أي مسؤولية.
ونفت وزيرة الدفاع، رايشيل أومامو، خلال مؤتمر صحافي الاتهامات التي سيقت ضد الجيش في 4 تشرين الأول/أكتوبر. وطالبت أي شخص يملك دليلا بذلك أن يتقدم به.
وفي وقت لاحق، أعلنت لجنة الأمن الوطني في البرلمان الكيني أنها راجعت كافة التسجيلات لكاميرات المراقبة وأنها لم تجد ما يثبت تورط جنود الجيش.
وفي حديث لصباحي قال عثمان كاماما رئيس لجنة الأمن الوطني، "أعيد وأكرر، لم تشارك قوات الدفاع الكينية قط في عملية النهب". وأضاف كاماما أن أصحاب المتاجر تقدموا بتلك الادعاءات سعيا لجني تعويض مالي من شركات التأمين.
وفي أول تصريح له حول الجدل القائم في البلاد، حذر الرئيس الكيني أوهورو كينياتا من محاولة تلطيخ سمعة القوات الأمنية.
وشدد في كلمته يوم السبت، 26 تشرين الأول/أكتوبر، "علينا ألا نتسرع في إلقاء التهم على القوات الأمنية لأنها تجهد لحماية أمن البلاد، حتى إن عناصرها يخاطرون بحياتهم لتوفير الأمن"، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.
كما دعا كينياتا في كلمة ألقاها أمام مصلين في كنيسة العائلة المقدسة بنيروبي يوم الأحد، ومن دون الاشارة لحادثة الاعتداء على وستغيت بشكل مباشر، إلى التحلي بالوعي في توجيه الانتقادات للقوات الأمنية.
وأوضح، "ما من شخص مثالي أو امرأة مثالية، لكن الأهم هو ما نفعله بعد أن ندرك الخطأ الذي ارتكبناه. ثمة من يعيشون في الخطأ ويكررونه، وثمة من يتعلمون منه ويغيرون في سلوكهم".
إضعاف الثقة
وعلى خط آخر، قال بيتر أمبيشي وهو أحد أعضاء منظمة بونجي لا موانانشي التي تناصر قضايا الاصلاح الحكومي وتشجع المواطنين على المشاركة في العملية الديموقراطية، إن ثقة الناس بالقوات الأمنية قد تهتز إذا فشلت الحكومة في إكمال التحقيق بالادعاءات حتى النهاية.
وأضاف لصباحي، "إن هذه التصريحات التي تقدمت بها وزيرة الدفاع ورئيس اللجنة البرلمانية هي أكاذيب، ومجرد محاولة للتغطية عما حدث، لكننا ندين [أقوالهم] بالكامل".
وتابع أمبيشي القول إن الكينيين لطالما اعتبروا قوات الدفاع أكثر المؤسسات الأمنية احترافا في البلاد، لكن ذلك قد يتبدل كنتيجة للادعاءات ضدها بالنهب.
وفي تعليق على الجدل المستمر، قال سيميو ويرونغا، وهو نقيب متقاعد في الجيش الكيني ومدير المركز الافريقي للدراسات الأمنية والاستراتيجية، إن الادعاءات ألحقت الضرر بسمعة القوات الكينية وقد تؤثر على صورتها أمام المجتمع الدولي.
واستدرك قائلا، "لكن الطريقة الفضلى في معالجة الأمر تكمن في عدم التغطية عليه أو نفيه، علينا إجراء تحقيق جدي ومحاسبة المذنبين لكي نظهر للعالم والكينيين أن عناصر القوات الأمنية ليسوا فوق القانون".
وحاول فريق صباحي الاتصال بمسؤولين في قوات الدفاع الكينية من دون الحصول على أي رد. يذكر أن الناطق باسم قوات الدفاع سيروس أوغونا كان من المقرر أن يعقد مؤتمرا صحافيا حول الحادثة في 23 تشرين الأول/أكتوبر إلا أنه أرجئ لأجل غير محدد.
الصباحي