سوليكا أحمد حسن هي لاجئة تعيش في مدينة غاريسا وهي مصممة على العودة إلى مجمع داداب للاجئين، الذي يقع في شمال شرق كينيا، قبل يوم الجمعة، 1 تشرين الثاني/نوفمبر.
وكانت مصممة على العودة لدرجة أنها عرضّت نفسها للخطر عبر السفر على أعلى شاحنة للوصول إلى وجهتها، حسبما ذكرت لصباحي. ولم يكن أمامها خيار آخر، ذلك أن كل مركبات النقل المتوجهة من غاريسا إلى داداب كانت محجوزة بالكامل حتى 31 تشرين الاول/اكتوبر.
وحسن التي تبلغ من العمر 43 عاما، كانت مسرعة للعودة إلى داداب قبل انتهاء المهلة النهائية التي حددها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة للاجئين لتسجيل بصماتهم إلكترونياً.
وأوضحت لصباحي "تم تحذيرنا من تفويت موعد التسجيل الإلكتروني، فستُشطب أسماء من يفوّتون هذا الموعد من النظام ذلك أن الطريقة التي كانت معتمدة للحصول على المساعدات الغذائية بواسطة بطاقات الحصص التموينية لن تعود سارية".
ويوسف علي حسين، 46 عاماً، هو أيضاً من اللاجئين الذين سارعوا للعودة إلى داداب قبل الموعد النهائي المذكور. وكان قد ترك مخيم هاغاديرا في داداب منذ أربع سنوات بحثاً عن مستوى معيشة أفضل في غاريسا.
وشرح حسين أنه عندما غادر المخيم عام 2009، ترك بطاقة الحصص التموينية التي كانت بحوزته مع أحد أقربائه ولكن لم يُعلم المسؤولين في المخيم بهذا الأمر. ويقول الآن إنه قلق كونه قد لا يكون مخولاً للاستفادة من برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة في حال لم يسجّل بصماته قبل الموعد النهائي.
وأوضح لصباحي "لدي أربعة أولاد وفي حال أخرجت الحكومة الكينية [اللاجئين] من مدينة غاريسا، سيُقضى على عائلتي إذ أنه لن يكون لدي أي مصدر آخر لإعالتهم".
وذكر نور حميسي أحمد، وهو لاجئ في مخيم إيفو بمجمع داداب، أن بعض اللاجئين عارضوا في البداية اعتماد نظام البصمات.
وأضاف لصباحي أن كثيرين شعروا أن النظام سيضرّ بمجموعات معينة، كالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والحوامل اللواتي يرسلن عادةً أحد أفراد العائلة لاستلام المساعدات نيابةً عنهن.
وتابع أحمد قائلاً "بعد حملة التوعية، قال برنامج الأغذية العالمي إنه لا يزال باستطاعة مجموعات اللاجئين الخاصة تعيين شخص من اختيارها يجري التسجيل الإلكتروني فيتمكن من تسلم المساعدات الغذائية بالنيابة عنها".
ضمان المساءلة
أعلن هانس فيكولر، مدير مكتب برنامج الأغذية العالمي في داداب، أن برنامج تسجيل البصمات الذي أُطلق في الأول من تشرين الأول/أكتوبر يهدف إلى القضاء على الطلبات الاحتيالية الخاصة بالمساعدات الغذائية.
وقد تم مسح البصمات في كل مواقع توزيع الأغذية في داداب خلال يومي تسليم المساعدات في 1 و15 تشرين الأول/أكتوبر، علماً أنه تم تحديد الأول من تشرين الثاني/نوفمبر يوماً ثالثاً وأخيراً لتسجيل البصمات.
وقال فيكولر إنه فور بدء عمل نظام برنامج الأغذية العالمي، سيُطلب من كل لاجئ توفير بصمة للحصول على حصته من المواد الغذائية. وفي حال لم تتطابق بصمة الشخص مع سجلات برنامج الأغذية العالمي، فلن يتسلم المساعدات.
وأضاف "سيساعد تسجيل البصمات الرقمي في ضمان المساءلة تجاهنا وتجاه الجهات المانحة. لدينا موارد محدودة نريدها أن تصل إلى الأشخاص المناسبين وألا يستغلها أشخاص ليسوا من اللاجئين. وحالياً يصل الطعام إلى أيدي الجميع ويجب أن نعرف من منهم [لاجئ] فعلاً".
وبسبب عجز الميزانية، سيُجبر مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين على تقليل الحصص الغذائية الموزعة على أكثر من 500 ألف لاجئ يعيشون في مخيمات داداب وكاكوما بدءاً من يوم الجمعة.
وأعلن المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي في كينيا، رونالد سيباندا، في بيان صحافي "فعلنا كل ما هو ممكن لتجنب ذلك ولكن أصبح من الضروري تخفيض حجم الحصص بنسبة 20 في المائة في تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر لنضمن أن يكفي المخزون الغذائي حتى نهاية العام".
وقال "نأمل أن يكون ذلك تدبيراً مؤقتاً إذ أننا نطالب الجهات المانحة بمساعدة مئات الآلاف من اللاجئين الذين يعتمدون على برنامج الأغذية العالمي لتلبية حاجاتهم الغذائية اليومية".
وفي حين أن تسجيل البصمات رقمياً يشكل طريقة تأمل هيئة برنامج الأغذية العالمية من خلالها بتحسين فعالية برنامج الدعم الذي أطلقته وضمان حصول اللاجئين فقط على الحصص الغذائية، إلأ أنها لا تزال تحتاج إلى حوالي 10 ملايين دولار كل شهر لتوزيع أكثر من 10 آلاف طن متري من الأغذية للاجئين في المخيمين في شمال كينيا.
حملة ضد الجرائم والبيع غير المشروع للمساعدات الغذائية
ويهدف النظام الإلكتروني أيضاً إلى وضع حد لعمليات إعادة بيع المساعدات الغذائية التي لطالما شكّلت مصدر قلق بالنسبة للحكومة الكينية.
وذكر المسؤول عن منطقة داداب، برنارد أولي كيبوري، في حديث لصباحي "تنتشر في السوق المحلية في المخيمات وصولاً إلى مدن غاريسا وواجير ومنديرا مواد غذائية كانت مساعدات [مخصصة للاجئين] يعود مصدرها إلى المخيم".
وقال كيبوري "هذه تجارة غير قانونية يمكن السيطرة عليها بواسطة التسجيل الإلكتروني. نعتقد أن كينيين كثيرين زوّروا وضعهم كلاجئين للاستفادة من المساعدات، علماً أنهم يبيعون جزءاً منها".
كذلك، سيساعد النظام الحكومة على جمع بصمات اللاجئين بصورة إلكترونية، وستكون هذه أداة مهمة في حال تراجعت كينيا عن دعوتها إلى إقفال مجمع داداب للاجئين، حسبما شرح كيبوري.
وقال "إن أولئك الذين يسجلون أسماءهم لبرنامج الأغذية العالمي هم أرباب [منازل]، ولكننا نريد أخذ بصمات كل أفراد العائلة. وسيساعدنا ذلك في الاحتفاظ بسجلات عن اللاجئين، كما سيساعد في التحقيقات الجنائية في حال وجهت إلى أحدهم اتهامات بارتكاب جريمة".
الصباحي