يتجه حزب جبهة التحرير الوطني (الأغلبية) في الجزائر إلى تكرار سيناريو 2004، والذي كان قد شهد انقساما داخليا حادا بين مؤيد للرئيس عبد العزيز بوتفليقة ومساند لرئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس
رغم أن كلا من علي بن فليس والرئيس عبد العزيز بوتفليقة لم يعلنا بعد رسميا عن نيتهما في الترشح لانتخابات الرئاسة التي تجرى في الربيع القادم.
وكانت اللجنة المركزية لحزب الأغلبية التي انعقدت السبت بالعاصمة قد أقرت لائحة اقترحها الأمين العام للحزب عمار سعداني بخصوص ترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رابعة، رغم أن الاستدعاءات التي وجهت إلى أعضاء اللجنة المركزية كانت تضم نقطة واحدة، وهي الإعلان عن تشكيلة المكتب السياسي الجديد للحزب، لكن سعداني وبعد أن أخذ الكلمة فاجأ الجميع بالإعلان عن ترشيح بوتفليقة لولاية رابعة، ودعا الحضور للتصويت عليها، وهو ما تم بالتصفيقات التي ارتفعت وسط القاعة.
الأمين العام للحزب ألقى خطابا أثار نوعا من الاستغراب، خاصة وأن سعداني راح يبرر خيار ترشيح بوتفليقة لولاية رابعة، مؤكدا على أنه لو كان العائق هو الوضع الصحي للرئيس، فإن رؤساء سابقين لدول أخرى تولوا المسؤوليات وهم مصابون بأمراض شتى، وأن فرانكلين روزفلت حكم الولايات المتحدة الأمريكية وهو مصاب بشلل الأطفال ومقعد على كرسي متحرك.
وأضاف أنه من حيث الإنجازات يمكن مقارنة بوتفليقة بروزفلت، وهنا انفجر بعض ممن كانوا في القاعة ضاحكين، ليرد عليهم زعيم جبهة التحرير بأن بوتفليقة رصد ميزانية قدرها 286 مليار دولار للنهوض بالبلاد، وهو تقريبا نفس المبلغ الذي رصده روزفلت للنهوض ببلاده، مشددا على أن حصيلة بوتفليقة الإيجابية تجعل من استمراره في الحكم أكثر من ضرورة.
وفي مؤتمر صحافي عقده سعداني عقب نهاية دورة اللجنة المركزية التي أقرت لائحة ترشيح بوتفليقة، قال سعداني إنه لم يستشر الرئيس بشأن ترشيحه، وان هذا الأخير هو رئيس الحزب وبالتالي من الطبيعي أن يكون مرشحه في الانتخابات القادمة، موضحا أن اللجنة المركزية زكت بوتفليقة، وأن هذا الموضوع أغلق نهائيا.
الغريب أن هذا الخبر الذي كان الأول في الكثير من وسائل الإعلام الأجنبية، لم يتم إعطاؤه أهمية كبيرة في وسائل الإعلام التابعة للحكومة، وأدرجته في المركز الثالث أو الرابع، رغم أن وزير الإعلام عبد القادر مساهل عضو باللجنة المركزية وحضر الدورة التي زكت بوتفليقة لولاية رابعة، وهو تصرف أبعد ما يكون عن العفوية وعن تقدير القائمين على وسائل الإعلام التابعة للدولة، والتي تعودت إعطاء الأولوية لكل ما يتعلق ببوتفليقة.
من جهة أخرى رفض العشرات من أعضاء اللجنة المركزية حضور هذه الدورة، لأنهم لا يعترفون بشرعية انتخاب سعداني على رأس حزب الأغلبية، ورغم أن هؤلاء يؤكدون أنهم ليسوا تابعين لا لبوتفليقة ولا لبن فليس، إلا أن أغلبية هؤلاء كانوا أقرب المقربين من هذا الأخير في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2004، مثل عبد الكريم عبادة وعبد الرحمن بلعياط، وان عددا كبيرا منهم حافظوا على اتصال منتظم به.
ورغم أن علي بن فليس أجل الإعلان عن نيته في الترشح إلى الأيام القليلة القادمة، إلا أن المؤيدين له في تزايد مستمر، والصفحات والمواقع المخصصة لدعم ترشيحه في تضاعف على الشبكة، كما ان المقربين منه يؤكدون أنه واثق من الفوز بالانتخابات الرئاسية القادمة، ولم تتزعزع بما يتم تداوله بخصوص ولاية رابعة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وأن ثقته بالمساندة التي سيلقاها داخل وخارج حزب جبهة التحرير الوطني كبيرة.
القدس العربي