في الإصدار الجديد من مجلتها التي تُنشر باللغتين الإنجليزية والسواحلية، تحاول حركة الشباب بدرجة عالية من التفصيل تبرير المجزرة التي سببتها في مركز وستغيت للتسوق في نيروبي، مشيرةً إلى أنها جزء من من عمل انتقامي إسلامي ومهددةً كينيا بسلسلة من الهجمات الإرهابية الأخرى.
ونقلت المجلة على لسان كبير قياديي الشباب، أحمد عبدي غوداني، قوله إن "الكينيين لن يرتاحوا عما قريب. فليس هجوم وستغيت إلا بداية حرب طويلة وبشعة".
وقد نُشرت المجلة التي تحمل اسم غيدي متاني على عدد من المواقع الإلكترونية الجهادية في 12 تشرين الثاني/نوفمبر وهي كناية عن مستند إلكتروني مُعدّ بإتقان يضم صوراً وأبحاثاً ومقالات تعبّر عن آراء وتدعم أنشطة الشباب ودعواتها إلى الجهاد.
وإن قسم كبير من المجلة مخصص لأسباب تنفيذ الحركة لهجوم وستغيت، وهو الهجوم الأكبر الذي شنّته الشباب منذ انتشارها العسكري في الصومال.
وجاء في مقالة المحرر في المجلة أن "العدد المتزايد للأعمال الوحشية التي يرتكبها الغزاة الكينيون بحق المسلمين الأبرياء في كل من الصومال وكينيا يبرر هجوم وستغيت باعتباره تدبير انتقامي".
والأهم من تلك المحاولات والجهود لتبرير مقتل ما لا يقل عن 67 مدنياً في مركز التسوق بنيروبي هو تركيز الشباب على تهديد كينيا وشعبها بمزيد من الهجمات المشابهة لهجوم وستغيت.
وذكرت المجلة أنه "يبدو أن إيصال الرسالة سيتطلب أكثر بكثير مما حصل في وستغيت"، وذلك بالإشارة إلى طلب الشباب بمغادرة القوات الكينية الصومال. "بالتالي، يجب أن يستعد الكينيون لمزيد من الهجمات ومزيد من الدم ومزيد من الأيام البشعة ومن الليالي التي لا نوم فيها".
وجاء في المجلة أيضاً "الهجوم انتهى في وستغيت، ولكن ما يجب أن يفهمه الكينيون هو أن الأسباب التي أدت إلى وقوع مثل هذا الهجوم لا تزال قائمة".
ونُقل على لسان المتحدث باسم الشباب، علي محمد راجي، قوله إن "وستغيت لم تكن معركة، بل كانت رسالة. والمعركة الحقيقية وشيكة".
أكاذيب سافرة بشأن وستغيت
وتخفي التبريرات والتهديدات أكاذيب عن الهجوم المذكور.
وجاء في جزء من المجلة باللغة السواحلية "أنتم [المهاجمون] أحييتم أهداف المجهادين الذين يرمون إلى طرد الكفار ومساعدة الفقراء واستنكار الظلم. لقد أثبتوا أن دم الملسم ذو قيمة وأن المجاهدين يهتمون لدماء الأبرياء".
وذكر جزء آخر من المجلة "مع بداية الهجوم في اليوم الأول، قام المجاهدون بإخراج النساء والأولاد من مركز التسوق مؤمّنين لهم الطريق إلى الخارج، وإن هذا التصرف جاء نتيجة آدابهم وأخلاقهم الحربية الأعلى من تلك التي يتسم بها الكفار. وحفاظاً على دم المسلمين غير المستباح، فصل المجاهدون المسلمين عن الكفار قبل بدء الهجوم".
ومن الواضح أن هذه الادعاءات بشأن اهتمام المهاجمين لحياة الأبرياء وحمايتهم للنساء والأولاد خاطئة تماماً.
وبحسب ما جاء في لائحة جزئية ضمّت أسماء ضحايا مجزرة وستغيت ونشرتها صحيفة ديلي نيشن في 25 أيلول/سبتمبر، قُتل ما لا يقل عن 19 امرأة وستة أطفال رمياً بالرصاص على يد الشباب، ويُشكل هذا العدد أكثر من ثلث مجموع العدد المقدّر للضحايا. هذا ولا تشمل اللائحة عشرات الآخرين الذين أصيبوا برصاص المقاتلين أيضاً.
ومن بين القتلى أيضاً امرأتان حاملتان، وهما مقدمة البرامج التلفزيونية والإذاعية الكينية روهيلا أداتيا سود وأصلها من المجتمع المسلم الاسماعيلي في كينيا وكانت حامل في الشهر السادس، والعاملة الهولندية في المجال الإنساني إليف يافوز التي كانت حامل في شهرها الثامن.
ووصف أنوراغ باجاج، 38 عاماً وهو ممن نجوا من الهجوم المروع، في مقابلة مع صباحي مجموعة الأولاد الذين قُتلوا بالرصاص والتي كانت جثثهم على الأرض في مركز التسوق.
وقال "ثمة مشهد واحد لا يفارق ذهني، وهي صورة فتاة صغيرة أصيبت في مؤخرة رأسها وتوفيت وهي تمسك بفستان أمها الميتة".
أخبار كاذبة عن أعمال عنف ضد النساء
وفي إحدى المقالات التي نُشرت باللغة السواحلية، حاولت المجلة خلق موجة من الغضب تجاه قوات بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال ودفع الشعب إلى دعم جهاد الشباب، مدعيةً أن الفرق الدولية تستعمل الاغتصاب كسلاح في الصومال.
وإن المجلة التي استعملت قضية الاغتصاب المزعوم الذي تعرضت له امرأة صومالية من قبل قوات الأميصوم في آب/أغسطس الماضي كأساس للمقالة المنشورة، تؤكد أن الأميصوم تحاول نشر فيروس فقدان المناعة/الأيدز في الصومال وخلق نزاعات بين القبائل فيه.
وجاء في المقالة "أخواني المسلمون، يتوجب علينا إنقاذ النساء المسلمات من الاعتداء والطغيان الذي يمارسه الكفار والحفاظ بالتالي على شرف ومقام المرأة المسلمة. ولن تكتمل هذه المهمة إلا من خلال الجهاد. والجهاد مسؤولية كل مسلم. نناشدكم بأن تضحوا بأرواحكم وثروتكم المادية للمساعدة في الجهاد والمساعدة على إنقاذ عائلاتكم. إذا أطلقنا الجهاد لتحقيق العدالة بالشريعة، فسيُضمن لنا السلام والاستقرار وستتم المحافظة على شرف نسائنا وفتياتنا المسلمات".
وفي ظل استمرار التحقيقات في قضية الاغتصاب المزعوم والأميصوم، تمتنع المجلة عن التطرق إلى تاريخ أعمال العنف المثبتة ضد النساء الذي تُعرف به الشباب.
وفي هذا الإطار، يقول زعماء منظمات حقوق النساء الصوماليات إن عناصر الشباب تضايق وتقمع النساء بصورة متكررة وتخطف حتى الفتيات اليافعات للزواج منهن.
وذكرت سودي محمد علي، المديرة المالية السابقة في وزارة المرأة والشؤون العائلية التي تشكل اليوم جزءاً من وزارة التنمية والشؤون الاجتماعية، أن الشباب تستعمل الزواج القسري لتأكيد سيطرتها على السكان المحليين مع أن هذا النوع من الزيجات لا يدوم أكثر من بضعة أسابيع.
وأوضحت لصباحي في نيسان/أبريل 2012، "يعتبرون أن هذه طريقة سهلة لرفع المعنويات المحبطة لمقاتليهم. فيعمد المسلحون إلى خطف الفتيات لأداء خدمات مختلفة. فيصبحن زوجات أو خادمات في منازلهم ومخيماتهم".
أما فائزة أحمد، وهي ناشطة في مجال حقوق المرأة وتعمل في منظمة صوت المرأة الصومالية من أجل السلام، فقالت في حديث لصباحي العام الماضي "إن المرأة الصومالية تتعرض أكثر فأكثر لأوامر قاسية يفرضها المتشددون في المناطق التي تقع تحت سيطرتهم".
يُذكر أن محمد هربت من منطقة كانت تحت سيطرة الشباب بعد أن مُنعت عن العمل وأقفل المقاتلون المكاتب حيث كانت تعمل.
وأصافت محمد "حركة الشباب هي عدو النساء. إن حياة النساء اللواتي يعشن في المناطق التي تقع تحت سيطرة الحركة تحولت إلى جحيم بسبب مدونة السلوك الظالمة التي تعتمدها الحركة".
وبحسب ما ذكر الشيخ نور بارود غورهان، وهو من وجهاء القبائل الصومالية ومتحدث باسم جمعية علماء المسلمين الصومالية، تُعتبر هذه الأنواع من الزيجات القسرية "غير مشروعة في الإسلام وليست أفضل من الاغتصاب كما لا أساس لها في الدين الإسلامي".
وشرح لصباحي "أخذوا العديد من النساء وقاموا بإجبارهن على الزواج منهم كما قاموا بترهيبهن لإقناعهن بأنهن لا يستطعن بموجب القانون رفض مجاهد يقاتل [لحماية] دينه وبلاده". وأضاف أن النساء والعائلات التي كانت ترفض الرضوخ للمقاتلين كانت تواجه عقوبات قاسية تفرضها الحركة.
الصباحي