خيبت السلطة السياسية آمال الملايين من الجزائريين بخبر تأجيل إطلاق خدمة الجيل الثالث للهاتف المحمول، التي تعتبر الجزائر من أكثر الدول المتخلفة في إطلاقها، إلى درجة أن دولا مثل الصومال تجاوزتها في هذا المجال منذ سنوات، وتفسير هذا التخلف ليس ماليا أو حتى تكنولوجيا، فبعض شركات المحمول كانت قد جربت هذه الخدمة منذ قرابة عشر سنوات، لكن السلطة أجلت وأخرت إطلاقها إلى آخر لحظة.
فاجأت وزيرة البريد وتكنولجيات الاتصال زهرة دردوري الجزائريين بالإعلان أنهم لن يتمكنوا من أن يستفيدوا من خدمة الجيل الثالث في أول ديسمبر/ كانون الأول 2012، وأن ما قيل عن إطلاق الخدمة في هذا التاريخ كان ضحكا على الذقون، وتلاعبا بالكلمات ومعناها، والسبب حسب السيدة الوزيرة هو أن شركات المحمول لا يمكنها أن تشرع في عملية التسويق، إلا بعد نشر المرسوم الوزاري الخاص بمنح رخص استغلال الجيل الثالث لشركات المحمول، والذي لم يتم نشره بعد، لكن الوزيرة دردوري لم تقل لماذا لم تنشر المرسوم، ما دام الجميع كان يعلم، وعلى رأسهم وزيرة القطاع أن إطلاق الخدمة من المفترض أن يكون في أول ديسمبر/ كانون الأول.
المبرر الذي قدمته وزيرة البريد والاتصالات يبدو غير مقنع، خاصة وأن السلطات الجزائرية قليلا ما تهتم بالنصوص، فالكثير من الإجراءات والقوانين تطبق، حتى قبل صدورها رسميا، وأحيانا تصدر فقط من أجل تبرير وإضفاء الشرعية على واقع ما، كما أن الصحافة والمراقبين متفقين على أن الأمر له علاقة بخلفية سياسية بالدرجة الأولى، وأن نظام بوتفليقة الذي طالما عمل على تأجيل وتجميد هذه التكنولوجيا، التي أصبحت متخلفة اليوم، على اعتبار أن الكثير من الدول أطلقت خدمة الجيل الرابع، وقريبا الجيل الخامس، يسعى إلى ربح مزيد من الوقت، والاختباء وراء مبررات بيروقراطية واهية.
وبالعودة إلى الوراء نجد أن الجزائر عرفت تأخرا كبيرا في مجال الهاتف المحمول، الذي لم تتم دمقرطته إلا ابتداء من سنة 2003، وقبل هذا التاريخ كان المحمول حكر على علية القوم، وعلى كبار المسؤولين، ولما تم فتح الباب أمام الشركات الأجنبية أصبح المحمول لعبة بين أيدي الأطفال، وتجاوز عدد المشتركين في شبكة المحمول ال20 مليون مشترك.
القدس العربي