وجهت منظمة هيومان رايتس السبت، لأول مرة من طرابلس، انتقادات لليبيا في مجال حقوق الإنسان، معتبرة الخطوات التي خطتها في هذا المجال غير كافية لتغيير البنية التحتية القانونية والمؤسسية التي تحرم الليبيين من حقوقهم الإنسانية الأساسية.
وعرضت المنظمة تقريرها حول تطورات أوضاع حقوق الإنسان في ليبيا أمام حشد من الصحفيين وعدد من سجناء الرأي الليبيين السابقين وممثلين عن أهالي ضحايا سجن أبوسليم شهادات حية للعديد من الشخصيات الليبية التي تعرضت حقوقها لانتهاكات جسيمة ، وقضية سجن أبو سليم راح ضحيتها أكثر من 1200 سجين عام 1996.
واستهل توم مولاتفسكي مدير مكتب المنظمة في واشنطن المؤتمر الصحفي الذي تحول بعد برهة إلى لقاء مكاشفة بين الحضور والمنظمة بعرض موجز للتقرير، ملاحظا أن في ليبيا قوة تدفع باتجاه الشفافية فيما توجد قوة أخرى تعمل على عدم تحقيق ذلك.ولفت إلى أن المجتمع الليبي لا يزال يعاني من القمع وفرض قيود مشددة عليه تمنعه من حق التعبير والتجمع، مشيرا إلى أن الأمن الداخلي في ليبيا يعمل في ظل الإفلات من العقاب.
ودعا مولاتفسكي الليبيين إلى عدم الاعتماد على النوايا الحسنة للدولة، مشددا على ضرورة أن يكون اعتمادهم على القوانين التي تكفل حقوق الإنسان.ووفقا لما جاء بجريدة " القدس العربي " دعت المنظمة في تقريرها الذي حمل عنوان "الحقيقة والعدالة لن تنتظر" ليبيا إلى ضمان التزامها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان وأن تضمن قوانينها الجديدة التي تصدرها التزاما تاما بالقانون الدولي لحقوق الإنسان.ورغم أن المنظمة سجلت تحسنا في أوضاع حقوق الإنسان في البلاد خلال السنوات الخمس الأخيرة إلا أنها طالبت ليبيا وبصورة فورية تنفيذ عددا من الإصلاحات في السياسات والقانون والممارسة.
وأثنت سارة وتسن المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة على هامش حرية الصحافة الذي تجسد في صحيفتي (أويا) و"قورينا" وعلى دور مؤسسة القذافي في الاهتمام بقضايا حقوق الإنسان، غير أنها أشارت إلى أن هذا الهامش كثيرا ما يتعرض للتقييد من خلال استدعاء الصحفيين للتحقيق والتي كان آخرها اعتقال الصحفي جمال الحاجي.وطالبت وتسن أن يكفل قانون العقوبات الجديد رفع عمليات التضيق على المواطن والصحافة. موضحة بأنه عندما تصبح الأجهزة الأمنية غير خاضعة للرقابة القضائية والحكومية سيكون هناك تهديد للشعب.وطالبت المنظمة في تقريرها جهاز الأمن الداخلي بالإفراج الفوري عن جميع السجناء المحتجزين جراء ممارسة حقهم في حرية التعبير والتجمع وتعويضهم عن احتجازهم، داعية كذلك الحكومة الليبية إلى إخطار أهالي ضحايا سجن ابوسليم على الفور بملابسات وفاة أقاربهم وتسليمهم رفاتهم وإجراء تحقيق شامل وكشف نتائجه علنا.
ودعت المنظمة جميع المنظمات والحكومات المنخرطة في علاقات مع ليبيا إلى اعتبار أن حقوق الإنسان فيها جزءا لا يتجزأ من العلاقات معها.وقالت المنظمة :" رغم تسجيل ليبيا على مدى السنوات العشر تحولا ملفتا للنظر من دولة كانت مسلطة عليها العقوبات الدولية إلى دولة تولت رئاسة مجلس الأمن والاتحاد الأفريقي والجمعية العامة للأمم المتحدة إلا أن هذا التحول لم يؤد بالضرورة إلى تحول مواز في سجلها الحقوقي " .واستمعت اللجنة لأول مرة وعلانية إلى ظروف ومأساة أهالي وضحايا سجن أبو سليم. ويشار إلى أن ليبيا عينت مؤخرا قاضيا مستقلا ومنحته صلاحيات واسعة للتحقيق في حادثة أبوسليم وإعلان نتائج تحقيقه علنا.