تخطط الحكومة الكينية لإطلاق مشروع بناء سدّين جديدين من أجل تلبية الحاجة المتزايدة إلى المياه النظيفة في نيروبي، واعتبر الخبراء أن هذه الخطوة لن تشكل إلا حلاً قصير الأمد إذا لم تتم إدارة الموارد المائية المتوفرة بشكل أفضل.
وقد دعت الحكومة الشركات العالمية والمحلية إلى تقديم عروضها لبناء سدّي ماراغوا ونداروغو، وذلك عبر إعلانات نُشرت في الصحف المحلية في 30 كانون الأول/يناير. وحُدد الموعد النهائي لتلقي العروض في 14 آذار/مارس، على أن تختار الحكومة بعد ذلك الشركة التي تريدها في غضون أسبوع واحد.
ومن المتوقع أن يزيد السدّان الجديدان إمدادات المياه في نيروبي وأن يخففا من الضغط على سدّ نداكايني الذي يؤمن 80 في المائة من إمدادات المياه في المدينة، حسبما ذكر مدير الشؤون المؤسساتية في شركة المياه والصرف الصحي في نيروبي مباروكو فياكويلي (مياه نيروبي).
ومن المنتظر أن تنتهي أعمال بناء السدّين خلال 42 أسبوعاً من موعد بدئها ويأتي هذا المشروع في إطار خطة المياه المستدامة الشاملة التي وضعتها الحكومة للمدينة والتي تُعرف باسم إمدادات المياه السائبة لنيروبي. وتهدف هذه الخطة إلى تأمين وصول 80 في المائة من الأسر في المدينة إلى مياه جارية نظيفة لا تنقطع.
وأوضح فياكويلي لصباحي أن "السدّين الجديدين سيضعان حداً لمشكلة الحنفيات الجافة الدائمة التي تعاني منها المدينة. وستزودنا خزانات مياه إضافية بكميات المياه المناسبة التي سيتم توزيعها في كافة أنحاء المدينة. وسيسمح لنا ذلك بالتوقف عن اعتماد برنامج توزيع المياه الصارم المطبق حالياً".
وذكر فياكويلي أن ثمة سدّين آخرين أصغر حجماً، ساسوموا ورويرو، يؤمنان حوالي 15 في المائة من إمدادات المياه في المدينة ولكن "لا يمكن الاعتماد عليهما خلال موسم الجفاف عندما يخف مستوى المياه فيهما".
ونظراً لقلة المياه، تطبق شركة مياه نيروبي برنامجاً تموينياً أسبوعياً للمياه.
وقال فياكويلي "بلغ حالياً عدد السكان المتزايد ثلاثة ملايين نسمة، ولكن 50 في المائة منهم فقط لديهم وصول إلى المياه الجارية وينعم 40 في المائة منهم فقط بالمياه بشكل دائم".
وأضاف أن بقية السكان يشترون المياه من أكشاك لبيع المياه في الأحياء المحلية والتي تحصل على المياه بصورة غير شرعية عبر أنابيب توزيع المياه في نيروبي. وقال إن "[الإمدادات غير الشرعية] تشكل 20 في المائة تقريباً من المياه غير المستغلة ويؤثر ذلك على الكمية التي نوزعها".
وأشار إلى أن الحاجة اليومية إلى المياه في المدينة تبلغ 632940 متراً مكعباً لليوم الواحد مقابل إمدادات تبلغ 482940 متراً مكعباً، الأمر الذي يخلّف نقصاً بمعدل 150 ألف متر مكعب.
وبدوره، قال المدير التنفيذي لـ"آثي ووتر" وهو أحد المجالس الثمانية المعنية بالمياه تحت مظلة وزارة البيئة والمياه والموارد الطبيعية، مالاكوين ميلغو، إنه بما أنه من المتوقع أن يزداد الطلب على المياه في نيروبي إلى 908415 متراً مكعباً في اليوم الواحد مع حلول العام 2017، تنوي الحكومة بناء مزيد من السدود والآبار ومستجمعات المياه في إطار خطة طويلة الأمد.
وأوضح لصباحي أن التحسينات المقترحة "ستسمح للسلطات بإصلاح السدود القديمة من دون فرض ترشيد حاد للمياه على سكان المدينة".
ضرورة وضع استراتيجيات لتحسين طرق استغلال المياه
وفي هذا السياق، قال عالم البيئة في مجال الأنظمة الإيكولوجية ومدير المعهد الشرق أفريقي في جامعة آغا خان، أليكس أ. أويتي، إن المشكلة لن تُحلّ بزيادة كمية المياه، ما لم يتم وضع استراتيجيات لتحسين طرق استعمال المياه أو بذل جهود لتخفيف الطلب المدني وتغيير العادات الاستهلاكية.
وذكر أويتي لصباحي "لم لا نبدأ بالإصرار على تركيب واستعمال المراحيض بتدفق محدود، الأمر الذي سيخفف من استهلاك المياه بنسبة 50 في المائة في كل مرة يتم فيها استخدام المرحاض. وتستهلك المراحيض العصرية 0.5 لتراً من المياه لكل مرة يتم فيها استخدامها، في حين أن الاستخدام التقليدي للمراحيض في السوق الكيني يتطلب بين 10 و13 لتراً كل مرة، مما يعني استهلاكاً بنسبة 40 في المائة تقريباً للمياه المنزلية... وعلى السلطات أن تبدأ من هذه النقطة".
وذكر أنه يجب أن يُطلب من المباني الخاصة طرح خطط لحفظ الموارد المائية تشرح كيفية دعمها لاحتياطات المياه العامة من خلال الزراعة على الأسطح وتخزين مياه الأمطار.
ومن جانبه، قال كريستوفر ميساتي أوندييكي وهو أحد كبار المحاضرين في علم المياه والموارد المائية في جامعة كينياتا، إنه إلى جانب إنشاء مزيد من السدود، من الحكيم معالجة مسألة ضغط المياه الضعيف في شبكة الأنابيب، وقد عزا ذلك إلى التحويل غير الشرعي للمياه وتخريب البنية التحتية.
وأضاف "إن التسربات في نظام التوزيع تعود إلى الوضع المتردي للأنابيب وسببه التآكل ومرور الزمن". وتابع قائلاً إنه يمكن حل المشكلة إذا ما عززت السلطات قدرتها على التحكم بشكل أفضل بإمدادات المياه غير الشرعية وشن حملة على محطات غسل السيارات التي تعتمد على المياه المؤمنة بطريقة غير شرعية.
يُذكر أن بائعي المياه غير الشرعيين منتشرون في مختلف أنحاء المدينة، ولا سيما في الأحياء الفقيرة حيث يمكن أن يصل سعر صفيحة سعتها 20 لتراً إلى ما بين 15 و20 شلن (أي ما بين 0.17 و0.23 دولاراً).
وقد دفعت إمدادات المياه الضعيفة وغير الثابتة في المدينة ببعض أصحاب العقارات إلى سد الفجوة والمساعدة شخصياً في توفير هذه الخدمة الاساسية إلى المستأجرين.
وفي هذا الإطار، قال ديفيد شيسيري، 67 عاماً وهو صاحب عقارات يملك مبنى سكنياً بأربعة طوابق في كيتنجيلا على بعد 40 كيلومتراً تقريباً من نيروبي، "أستأجر شاحنة لنقل المياه أسبوعياً لمستأجري الشقق التي أملكها. ولولا ذلك، لما كان أحد ليستأجر الشقق".
ومع ذلك، قال شيسيري أن العديد من المستأجرين لديه يفضلون مياه الحنفية لأنهم يثقون بجودتها.
وأضاف "أشتري المياه من أصحاب الخزانات الذين يقولون إنهم يحصلون عليها من آبار خاصة. ولا أحب هذه الممارسة لأنها مكلفة بالنسبة لي وتضايق المستأجرين، ولكني لا أستطيع فعل شيء حيال ذلك كوني لا أستطيع أن أضمن توفر المياه الجارية دوماً في الحنفيات".
الصباحي