بالنسبة إلى آلاف السكان في مناطق هيران وجوبا الوسطى والسفلى الذين تعذر عليهم الاتصال بالإنترنت على هواتفهم المحمولة خلال الأسبوعين الماضيين، يشكل الحظر الذي فرضته حركة الشباب على خدمة الإنترنت عبئاً حياتياً جديداً يجعل من التواصل مع الأحباء حول العالم مهمة شبه مستحيلة.
وبدأت شركات الاتصالات بالامتثال لأوامر حركة الشباب بقطع خدمات الإنترنت في 21 كانون الثاني/يناير، وقد اقتحم مقاتلو الشباب أيضاً المبنى الرئيسي لشركة هورمود للاتصالات في بلدة جيليب بمنطقة جوبا الوسطى يوم السبت، 1 شباط/فبراير، وأمروا الموظفين بإغلاق نظام الاتصالات بعد أن رفضت الشركة دفع مبلغ 50 ألف دولار كانت الحركة قد طالبت به كـ "مال للجهاد".
وتضم جيليب أهم خطوط للاتصالات تربط مقديشو بمنطقتي جوبا السفلى وجوبا الوسطى، وقد أثرت الحادثة المذكورة على خدمات الاتصالات في كافة أنحاء مناطق جوبا.
وفي هذا الإطار، عبّرت صفية حسن، 48 عاماً وهي أم لستة أولاد وتقيم في مقديشو، في حديث لصباحي عن قلقها على شقيقتها التي هي بدورها أم لسبعة أولاد وتعيش في جيليب.
وقالت "لا أعرف عنها شيئاً منذ يومين. وأنا أتصل برقمها 20 مرة على الأقل كل يوم وقد نسيت أن حركة الشباب قطعت الاتصالات في المقاطعة".
وتابعت حسن بالقول إن إسكات حركة الشباب لسكان المناطق المتأثرة أمر لا يُطاق.
وأضافت "إن حركة الشباب أسكتت الشعب. ويجب ألا يسكت أحد عن أفعالها هذه. أطالب الحكومة الصومالية بالتحرك فوراً لتحرير الشعب الصومالي المتروك في جيليب والذي يخضع لاستعباد الحركة".
كذلك، ذكر علي جيلاني البالغ من العمر 55 عاما وأصله من جيليب ويقيم حالياً في مقديشو، أنه من المؤسف أن تكون حركة الشباب قد قطعت الاتصالات عن آلاف المدنيين.
وأوضح لصباحي قائلاً "لا نعلم شيئاً عن حالة المدنيين المقيمين في جيليب وفي المناطق التابعة لها. كنت في السابق أتواصل باستمرار مع أقربائي الذين يعيشون في جيليب وكنت حتى أتصل بالقرى لأبقى على اطلاع على المشاكل التي تسببها الشباب للمواطنين هناك."
ودعا جيلاني الحكومة وقوات بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (الأميصوم) إلى عقد اجتماع طارئ حول مسألة الإنترنت للتوصل إلى خطة لتحرير جيليب من سيطرة الحركة.
في هذا السياق، قالت سعدية محمد، 31 عاماً وهي أم لثلاثة أولاد وتعيش في حي بولا بردي الذي تسيطر عليه الشباب في منطقة هيران، إن الحظر المفروض على خدمة الإنترنت المتوفرة على الهواتف المحمولة ستؤثر عليها جداً من الناحية المادية.
وقالت في حديث لصباحي "في الواقع، أثّر ذلك سلباً على مواصلاتنا مع أقربائنا المتواجدين في مختلف أنحاء العالم"، موضحةً أن الاتصال بهم إلى الخارج بواسطة خدمة الخلوي العادية أو الخطوط الثابتة مكلف أكثر بكثير من استعمال تطبيقات الهواتف المحمولة.
وتابعت قائلةً "في السنوات القليلة الماضية، كنت معفية من التكاليف العالية التي كنت أتكبدها للاتصال بأقربائي. ولكن لا مهرب من ذلك بعد اليوم وسأنفق الكثير من المال للتواصل مع أشقائي في أوروبا بعد أن حظرت الشباب خدمة الإنترنت المتدنية السعر على الهواتف المحمولة".
وذكرت محمد أنها متخوفة من أن يطال القرار التالي الذي ستنفذه الشباب استعمال الهواتف المحمولة.
وقالت "[في حال حصل ذلك]، ساُضطر إلى الهرب من غياب الحريات في بولا بردي".
ويواجه سكان جيليب أيضاً مشاكل في استعمال حسابات إي.في.سي. بلاس الخاصة بهم، وهو نظام مجاني لتحويل الأموال عبر الهواتف المحمولة تديره هورمود ويسمح للناس بإرسال الأموال بسهولة إلى أقربائهم وأصدقائهم.
حظر الإنترنت على الهواتف المحمولة سببه الخوف
قال علي يوسف، 38 عاماً ويملك محلاً لبيع الملابس في حي جالالاكسي في منطقة هيران، إن حظر الشباب لاستعمال الإنترنت على الأجهزة المحمولة هو قرار جبان ومقزز.
وأعلن لصباحي "الخوف دفع المقاتلين إلى تنفيذ قرار حظر الإنترنت وإني أتأسف كونهم بدأوا يشغلون أنفسهم [بمضايقة] الشعب عندما خفّت قوتهم".
وقال يوسف "أرى أن القرارات غير السليمة التي يتخذها زعماء الشباب باستمرار هي مقرفة. لا يستطيعون التمييز بين ما إذا كانوا يحاربون الشعب أو الجيش. أقول للشباب 'إننا مدنيون' وعليهم أن يتوقفوا عن مضايقتنا".
وأشار إلى أن المواطنين عانوا كثيراً من حظر الشباب لخدمة الإنترنت على الهواتف المحمولة.
وأضاف "كنا نتواصل بسهولة مع أصدقائنا حول العالم عبر الفيس بوك أو تطبيق واتس آب ولكن عدو الشعب أي الشباب منع ذلك. كل ما تريده [الحركة] هو إحباط الشعب. وإننا نطالب الحكومة بتحريرنا من هؤلاء الإرهابيين".
يُذكر أن حركة الشباب بدأت منذ شهر تشرين الأول/أكتوبر بمضايقة السكان الذين يستعملون الأجهزة المحمولة وحظر القنوات التلفزيونية الفضائية في المدن التي تسيطر عليها في منطقة شابيلي السفلى، مهددةً بإنزال عقاب صارم بكل من يستمر باستعمالها.
وذكر سليم علي، 58 عاماً وهو من وجهاء قبائل بولا بوردي، أن قرار الشباب بقطع الاتصالات ناجم عن خوفها من التجسس.
وأوضح لصباحي "عندما تعذر على الحركة الإرهابية العثور على ملاذ آمن، بدأت تحظر كل الوسائل التي يستعملها الناس لمشاركة المعلومات مع بعضهم البعض. وقد زادت عداوة الشعب للشباب في السنوات القليلة الماضية منذ أن بدأ الشعب الصومالي يُظهر احتقاره لمشاكل الشباب".
الصباحي