كينيا

تتعاون الشرطة مع الزعماء الدينيين لتضييق الخناق على انتشار الفكر المتطرف في التجمعات العامة التي ينظمها الدعاة المسيحيون والمسلمون.


ويهدف الدعاة في هذه التجمعات التي أصبحت مشهدا مألوفا في جميع الشوارع والأسواق المفتوحة في كينيا، إلى تثقيف أتباعهم وهداية الأخرين إلى دينهم. وتعرف التجمعات المسيحية محليا باسم "الحملات الصليبية"، فيما يطلق على تجمعات المسلمين اسم "محاضراس" (محاضرات).

ولكن باتت هذه التجمعات مؤخرا مسرحا لخطب نارية وتحريضية أدت إلى تأجيج التوتر الطائفي.

وفي حين يقدس الدستور الكيني الحرية النقابية وحرية التجمع والمعتقد، قال المفتش العام للشرطة ديفيد كيمايو إنه يمكن لبعض هذه التجمعات أن تشعل بسهولة شرارة التوتر الديني وأعمال العنف.

وأضاف لصباحي، "لدينا متطرفين مسيحيين ومسلمين وحتى هندوس، ومن الممكن لهؤلاء أن يتصرفوا بعنف إذا ما تراىء لهم أن دينهم يتعرض للهجوم".

وأكد كيمايو على ضرورة أن تتجنب هكذا تجمعات البحث في القرآن والإنجيل.

وقال، "ليس لدينا مشكلة على الإطلاق مع الدعاة الذين يحاولون في هذه التجمعات التبشير بدينهم وينجحون بهداية بعض الأشخاص. ولكن في الوقت الذي تتعرض فيه البلاد لهجمات حركة الشباب، نشعر بالخوف من أن لا تؤدي هذه التجمعات سوى إلى تأجيج العداء الديني".
تهديد 'الوضع الأمني الهش'

وتابع، "ما نطلبه فقط من الداعين لهذه التجمعات هو الأخذ بالاعتبار الوضع الأمني الهش الذي تشهده البلاد وتجنب تأجيج العصبية ضد الأديان الأخرى".

وأكد كيمايو أن الشرطة تخضع بعض زعماء هذه التجمعات في نيروبي وواجير ومومباسا إلى المراقبة لرصد خطبهم وفتاويهم. وقال، "تحدثنا مع بعض الدعاة من كلا الديانتين ووافقوا على التخفيف من حدة التصعيد".

وأشار كيمايو أنه في حال تهديد الوحدة والسلام والوئام، ستفرض الشرطة حظرا على جميع التجمعات والمنشورات والخطب الدينية والمواد الأخرى التي تعتبر تحريضية.

وكانت مقاطعة مومباسا قد فرضت حظرا غير محدد على التجمعات الدينية، وذلك بعد أن شهدت سلسلة من أعمال العنف ردا على مقتل رجال دين.

وفي حديث لصباحي، قال نائب القائد الأمني في مقاطعة مومباسا توم أوكوث، إن المقاطعة باشرت تنفيذ الحظر في 4 شباط/فبراير، بعد أن أثبتت التحقيقات أن هذه التجمعات أرض خصبة لترويج التطرف وإثارة أعمال العنف. ويميل الداعون إلى هذه التجمعات إلى التقليل من شأن ديانة الأخرين ويتعاملون معهم كمنافسين.

وأضاف أوكوث، "نحرص بشكل خاص على [توقيف] نشاط الذين يجادلون في القرآن والإنجيل"، مؤكدا منع التجمعات السياسية والدينية على حد سواء لأنها تشكل هدفا سهلا للإرهابيين.

وأشار إلى أنه "لا توجد أي دوافع مغرضة خلف منع تجمعات الطرق والشوارع هذه. فالأمر قضية أمنية بحتة ونطلب من الزعماء الدينيين الانصياع لهذا الحظر والتعاون معنا حتى ننجح في معالجة التهديدات الأمنية".
تعزيز الوحدة الدينية

من جانبه، حذر الأمين العام للمجلس الأعلى للمسلمين في كينيا آدن واشو، من مغبة أن تظهر الحكومة في حملتها هذه بمظهر المنحاز إلى ديانة معينة.

وقال لصباحي، "إن المحاضرات موجودة منذ عقود بعيدة، وتعد عودة الناس من كل الطوائف بكثافة إلى الدين مؤشرا واضحا على شعبيتها".

وأضاف، "لا نستطيع أن ننفي بشكل مطلق أن بعض دعاة الشوارع لديهم دوافع أخرى. إنما بشكل عام، لا تهدف هذه التجمعات التي غالبا ما تعقد في وقت متأخر من بعد الظهر، سوى إلى الهداية إلى الإسلام وتقوية إيمان المؤمنين".

وأكد واشو أن المجلس الأعلى للمسلمين في كينيا قد عقد اجتماعات مع الداعين إلى هذه التجمعات وطلب منهم التخفيف من حدة خطبهم بحيث تكون متسامحة تجاه الأديان الأخرى وتراعيها.

وقال، "لا يجب النظر إليهم على أنهم معادون للمسيحيين. تطرح في التجمعات أسئلة يرد عليها، وتنظم جلسات حوار. وهي تعقد علانية، وبإمكان الشرطة التي تمنح منظميها التراخيص أن تشارك فيها وتعمد إلى توقيف أي من [الدعاة] الذين يخرجون في حديثهم عن الحدود المسموح بها".

بدوره، أكد القس بيتر كارانجا، الأمين العام للمجلس الوطني للكنائس في كينيا، أن الدعاة المسيحيون سيمتثلون لطلب الحكومة.

وقال لصباحي، "[هناك دائما] في كل ديانة وبينها المسيحية، عدد قليل من الناس المندفعين والذين يتمتعون بطبع حاد. وفي حين أن الكنائس والزعماء الدينيين المسيحيين مستقلون، نحاول قدر [الإمكان] الحض على التسامح".

ومع ذلك، يرى كارنجا أن على الحكومة توفير الحماية لهذه التجمعات بدلا من حظرها.

وأوضح قائلا، "على الرغم من وجود تهديدات أمنية جسيمة، هناك حاجة لنشر الإنجيل. نعتقد أن على الحكومة تأمين الحماية لهذه التجمعات الدينية بدلا من حظرها".

وأكد كارنجا أن المجلس الوطني للكنائس في كينيا طلب أيضا من أبناء الكنيسة التخفيف من تشويه الأديان الأخرى في خطبهم.

وقال، "الخطب المصنفة استفزازية لا تلقى فقط ضمن الحملات الصليبية المسيحية. فأحيانا تصبح الكنائس وبخاصة يوم الأحد، منبرا لنشر عدم التسامح الديني. طلبنا من الزعماء الدينيين أن يستغلوا موقعهم لنشر المحبة والغفران والوحدة والتنمية بين صفوف المسيحيين".
الشعب يؤيد الحملة ضد 'دعاة الكراهية'

وفي استطلاع للرأي العام حول هذا الموضوع، قال سليمان بلال حسن، 35 عاما، وهو مدير مقهى للإنترنت في حي إيستليه بنيروبي، أن هدف المحاضرات هو تثقيف الناس حول التعاليم الإسلامية، ولكن بعض الدعاة استغلوا هذه المنتديات وأساءوا إليها.

وأضاف لصباحي، "على الدعاة الحقيقيين التمسك بنشر التعاليم الإسلامية، ولكن من واجب الحكومة أن تتخذ اجراءات صارمة ضد الدعاة الكاذبين الذين يسعون إلى إثارة العداء بين الأديان. بعض هؤلاء الدعاة كاذبون وهم دعاة للكراهية".

وأشار إلى ضرورة منح تراخيص لمنظمي المحاضرات، على أن تصدق الخطب من قبل رجال دين موقرين قبل أن تلقى أمام الناس.

ومع ذلك، يرى أنه على الحكومة التحرك بحذر "وبخاصة في هذه المرحلة التي يشعر فيها المسلمون أنهم مستهدفون في الحرب التي تشنها الحكومة ضد الإرهاب".

أما أنيتا أشيينغ، 23 عاما، وهي طالبة في كلية التجارة بجامعة نيروبي، فاعتبرت أن على رجال الدين تحمل مسؤولية الخطب التي يلقونها أمام الناس.

وقالت لصباحي، "بعض هذه الخطب يصل إلى حد التكفير، وعلى الحكومة التحرك للمحافظة على الوحدة بين المواطنين".

وأضافت، "على الدعاة وزن كلماتهم حين يتوجهون إلى الناس. فإذا أدى كلام الدعاة في الخطب إلى إثارة أعمال العنف في مكان أخر، فيجب محاسبتهم وعلى الشرطة اعتقالهم والادعاء عليهم بتهمة التحريض".
الصباحي


الخبر السابق - الخبر التالي تحضير للطباعة أرسل هذا الخبر إنشاء ملفpdf من الخبر
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع

أخبار أخرى

  • 2021/12/20 10:46:03 وفد مساعدي أعضاء الكونجرس الأمريكي يشيد باجراءات الإصلاح الاقتصادي في مصر
  • 2021/12/12 6:43:20 وفد من جنوب السودان يصل إلى الخرطوم لبحث تنفيذ اتفاق البرهان وحمدوك
  • 2021/12/7 6:45:24 اليوم.. مصر تحتضن مؤتمرًا دوليًا لمواجهة التغيرات المناخية
  • 2021/12/1 10:56:01 بعد قليل.. فتح الطيران المباشر بين مصر والسعودية
  • 2021/11/30 10:50:04 برلمانية: معرض إيديكس 2021 رسالة ردع لكل من يحاول تهديد أمن مصر
  • 2021/11/30 10:47:31 عضو «السيادة السوداني» يبحث سبل حل قضية شرق السودان
  • 2021/7/18 5:24:27 «تطورات خطيرة».. السودان يكشف انخفاض مياه الأزرق لـ 50% بسبب سد النهضة
  • 2021/7/18 5:14:46 مصر سترصد الفضاء بثاني أكبر تلسكوب في العالم
  • 2021/2/13 11:24:06 إثيوبيا تمارس "الاستيطان الإسرائيلي" وينقصها الشجاعة لإعلان الحرب
  • 2021/2/13 11:20:57 مصر تنتظر توضيح مواقف إدارة بايدن من قضايا الإقليم
  • 2021/1/13 8:18:25 تصفية أشهر وأعرق شركة تأسست في عهد جمال عبد الناصر
  • 2020/12/29 4:53:31 الجيش المصري يستعد في شمال سيناء
  • 2020/12/28 9:06:31 على أعتاب الاكتفاء الذاتي في سلعة استراتيجية
  • 2020/12/27 7:21:04 السيسي: اتفاق سد النهضة يجب أن يكون ملزما ويحفظ حقوق مصر
  • 2020/12/13 8:50:00 يغلق معبر أرقين الحدودي مع مصر
  • 2020/12/12 11:18:08 715 مليون يورو تمويلات فرنسية إلى مصر.. وهذه تفاصيلها
  • 2020/12/6 6:31:09 البعثة الأممية في ليبيا تعلن نتائج التصويت على مقترحات آلية اختيار السلطة التنفيذية الموحدة
  • 2020/12/6 6:20:50 إقالات ودعوة لـ"يوم غضب" إثر مقتل طبيب بسقوط مصعد معطل
  • 2020/11/30 5:28:26 البرلمان الليبي يدعو لعقد جلسة خاصة
  • 2020/11/30 5:26:54 تسجيل 66 وفاة و1271 إصابة جديدة بفيروس كورونا
  • 2020/11/28 8:12:19 السودان تشيع جثمان زعيم حزب الأمة الصادق المهدي في جنازة مهيبة
  • 2020/11/25 10:58:44 السيسي: لقاح فيروس كورونا سيكون متوفرا في مصر منتصف العام المقبل
  • 2020/11/23 10:05:05 ماذا يعني انسحاب السودان من مفاوضات سد النهضة؟ خبراء يجيبون
  • 2020/11/18 10:11:06 رئيس وزراء السودان يؤكد الاستعداد للتعاون مع بعثة "يونتامس"
  • 2020/11/17 11:29:29 تبادل إطلاق نيران في ظل وضع ملتبس بالصحراء الغربية وتصعيد بين الجيش المغربي والبوليساري
  • 2020/11/17 11:26:22 صراع الحرب الأهلية يشتد.. محاولات وساطة لوأد النزاع في تيغراي
  • 2020/11/17 11:03:11 بريطانيا تسعى لسحب لقب أكبر مستثمر أجنبى فى مصر من الاتحاد الأوروبى
  • 2020/11/14 10:58:35 مباحثات سودانية - أمريكية في الخرطوم
  • 2020/11/11 7:57:26 إثيوبيون بينهم عسكريون يفرون من القتال في تيغراي إلى السودان
  • 2020/11/11 7:55:21 مجلس الأعمال المصرى اليونانى: استثمارات يونانية فى مصر تخطت المليار يورو