امر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الثلاثاء بوضع حد للصراع في هرم السلطة وندد بما وصفه بانه "عملية مدروسة" لضرب استقرار الجيش والمخابرات والرئاسة، قبل شهرين من الانتخابات الرئاسية المقررة في 17 نيسان/ ابريل.
وقال بوتفليقة في تصريح بمناسبة اليوم الوطني للشهيد تلاه وزير المجاهدين محمد الشريف عباس "أن ما يثار من نزاعات وهمية بين هياكل الجيش الوطني الشعبي ناجم عن عملية مدروسة ومبيتة".
واضاف ان "حربا اعلامية جارية حاليا ضد الجزائر ورئاسة الجمهورية والجيش الوطني الشعبي ودائرة الاستعلام والأمن (المخابرات)".
وقال الرئيس الجزائري انه "اعتبارا للتهديدات المحسوسة التي تحدق حاليا بالجزائر ذات الصلة بالاوضاع الامنية القائمة على حدودها فإنني آمر كافة المسؤولين المعنيين باتخاذ كل الإجراءات اللازمة من أجل العودة إلى القدر المحبذ من التشاور والتعاون السليم على كل المستويات...".
واثارت التغييرات التي قام بها الرئيس الجزائري منذ ايلول/ سبتمبر في قيادة المخابرات حملة من التعليقات لسياسيين وعسكريين سابقين، تحدثت عن صراع بين بوتفليقة والجنرال محمد مدين المكنى بالجنرال توفيق حول ولاية رابعة للرئيس المريض الذي يحكم البلاد منذ 1999.
وجرد بوتفليقة المخابرات من ثلاث مصالح اساسية، وهي امن الجيش والصحافة والشرطة القضائية العسكرية، ووضعها تحت سلطة رئيس الاركان، كما غير مديري الامن الداخلي والخارجي.
ولم يكتف بوتفليقة بذلك بل احال قبل اسبوعين على التقاعد العميد آيت وعراب عبد القادر المكنى ب "الجنرال حسان" مدير مكافحة الارهاب في جهاز المخابرات واحد المقربين جدا من الجنرال توفيق.
وكانت ابرز هذه التصريحات تلك التي ادلى بها عمار سعداني الامين العام للحزب الحاكم حزب جبهة التحرير الوطني الذي يرأسه بوتفليقة.
وطالب سعداني في مطلع شباط/ فبراير الجاري الجنرال توفيق، بالاستقالة، متهما اياه ب"التقصير" في مهام حماية البلد وبالتدخل في السياسة.
وبحسب سعداني فان هدف الجنرال توفيق هو منع بوتفليقة الذي يحكم البلاد منذ 1999 من الترشح لولاية رئاسية رابعة، بمناسبة الانتخابات المقررة في 17 نيسان/ ابريل.
وبالنسبة لبوتفليقة "يتعين على المسؤولين كافة ان يتوبوا إلى ضميرهم الوطني وان يتساموا فوق كافة اشكال التوتر التي يمكن أن تطرأ بينهم. إنه لا مناص من ذلك لضمان مستقبل الدولة ودفاعها وأمنها".
وكان اللواء المتقاعد حسين بن حديد من ابرز العسكريين السابقين الذي دافعوا عن الجنرال توفيق ضد الهجوم الذي تعرض له لاول مرة من مسؤول بهذا المستوى منذ تعيينه في اعلى هرم المخابرات قبل 23 سنة.
ودعا بن حديد صراحة الرئيس بوتفليقة الى الرحيل ويترك "الجزائر تستعيد انفاسها"، مؤكد ان "بوتفليقة المريض لا يمكنه ضمان استقرار البلد"، كما جاء في حوار صحافي له.
وكان آخر من تحدث عن الجيش ودوره في السياسة رئيس الحكومة الاسبق مولود حمروش في رسالة نشرتها وسائل الاعلام الثلاثاء.
وطالب حمروش في رسالته الجيش بالوفاء بوعوده و"بناء دولة ديموقراطية ومواصلة الاصلاحات".
وتساءل "هل يجب اليوم طرح مشروع بناء دولة عصرية تتجاوز الأشخاص والحكومات والأزمات؟ وهل يجب التذكير مرة اخرى بالتعهد الخاص بمواصلة المسار الديموقراطي؟ وهل يجب التذكير بوعود مواصلة الإصلاحات؟".
وترأس حمروش آخر حكومة (1989-1991) قبل الانتخابات التشريعية التي اوقفها الجيش بعد فوز الجبهة الاسلامية للانقاذ بدورتها الاولى.
ومن جهته دعا بوتفليقة بصفته رئيسا للجمهورية ووزيرا للدفاع الوطني وقائدا أعلى للقوات المسلحة، الجزائريين الى "ان يكونوا على وعي ودراية بالمآرب الحقيقية التي تتخفى وراء الآراء والتعليقات التي يعمد إليها باسم حرية التعبير والتي ترمي إلى غايات كلها مكر وخبث هدفها المساس باستقرار منظومة الدفاع والامن الوطنيين واضعافهما".
وتحدث بوتفليقة عن تصريحات "طائشة" لمسؤولين "تبعتها تعليقات من كل حدب وصوب هيأت الفرصة لوسائل إعلامية محلية واجنبية نشر اراء وتخمينات تمس او تكاد مجتمعة بوحدة الجيش الوطني الشعبي".
ورد مباشرة على اتهامات سعداني قائلا "ان المتربصين(...) يستغلون هذا الوضع (...) لمحاولة فرض أطروحة وجود صراع داخلي في الجيش بزعمهم ان دائرة الاستعلام والامن هيئة تخل في تصرفاتها بالقواعد التي تحكم مهامها وصلاحياتها".
ودعا بوتفليقة جميع المرشحين الى "التنافس الشريف" خلال الانتخابات الرئاسية التي لم يعلن موقفه منها، رغم النداءات المتكررة له للترشح حتى دون ان يشفى تماما من الجلطة الدماغية التي اصيب بها في نيسان/ ابريل 2013.
وقال "يأبى علي إلتزامي بمسؤولياتي إلا أن أتوجه إلى كافة الشعب الجزائري المتأهب لإنتخاب رئيس له من بين المرشحين لأعرب له عن تمام ثقتي بنضجه وتبصره وقدرته على الإختيار السديد...".
وقبل شهرين من الانتخابات الرئاسية تقدم اكثر من ثمانين شخصا لسحب ترشيحاتهم من بينهم كثير من المجهولين ورئيس الحكومة الاسبق علي بن فليس الخاسر امام بوتفليقة في انتخابات 2004.
ويفصل المجلس الدستوري في هذه الترشيحات بعد الرابع من اذار/ مارس ويعلن اسماء المرشحين الرسميين، على ان تبدا الحملة الانتخابية في 23 اذار/ مارس.
العالم