بعد أن نفذ كومندوس تابع لحركة الشباب يوم الجمعة، 21 شباط/فبراير، هجوما انتحاريا على قصر فيلا صوماليا الرئاسي في مقديشو الذي يخضع لحراسة مشددة، أكد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود على أن "أعداء السلام لن يقوضوا بأي شكل من الأشكال" التقدم الذي تشهده البلاد.
واستغل الإرهابيون موعد صلاة الظهر لتنفيذ الهجوم، بغية استهداف المسؤولين الحكوميين الذين يصلون في المسجد الموجود داخل المجمع والذي يقع على بعد 100 متر من المدخل الرئيسي.
وفي تفاصيل الحادث أن سيارة مفخخة انفجرت أولا في محيط المجمع لتقتحم بعد ذلك مجموعة من مسلحي حركة الشباب مجمع فيلا صوماليا، وذلك في عملية مماثلة للهجوم الذي استهدف مجمع الأمم المتحدة العام الماضي.
وفور وقوع الاعتداء، تبنت حركة الشباب مسؤولية تنفيذه.
وقال الناطق باسمها الشيخ عبد العزيز أبو مصعب لوكالة الصحافة الفرنسية، "هاجم عناصر من الكومندوس التابع للحركة ما يسمى بالقصر الرئاسي لقتل واعتقال كل من في داخله".
وحذر أنه "بمقدرونا مهاجمة المطار وما يسمى بالقصر الرئاسي وأي مكان في الصومال وفقا لما نخطط له"، مضيفا أن الحركة أرادت أن تُظهر "أنه لا يوجد قصر آمن للحكومة المرتدة".
في المقابل، قال وزير الأمن القومي الصومالي عبدالكريم حسين جوليد في مؤتمر صحافي عقد أمام مدخل القصر حيث وقع الانفجار، إن فريق الكومندوس ضم انتحاريين اثنين وسبعة مسلحين قتلوا على يد القوات الأمنية في تبادل لإطلاق النار.
وأضاف جوليد أن الهجوم أسفر أيضا عن سقوط خمسة قتلى بينهم السكرتير الدائم في مكتب رئيس مجلس الوزراء محمد هيرسي عبدالله إينضا-عيسى واللواء في الجيش الوطني الصومالي نور محمد محمود شيردوو.
شهود عيان يتحدثون عن خوفهم وعن الفوضى التي عمت المنطقة
في هذا السياق، تحدثت لصباحي عائشة عبدالله عيسى وهي شغلت سابقا منصب نائب وزير شؤون المرأة في حكومة عبدالله يوسف أحمد وتقيم بالقرب من المجمع، قائلةً إنها سمعت حوالي الساعة 12:30 انفجارين بينهما خمس دقائق.
وأضافت، "[في البدء] تملكنا الخوف لأننا لم نكن متأكدين من أين يأتي الصوت، من منازلنا أو من المجمع الرئاسي. وبعد مرور عشر دقائق [على وقوع الانفجار]، سمعنا إطلاق نار كثيف في ما بدا وكأنه معركة بالأسلحة النارية".
وعلمت عيسى في ما بعد أن اثنين من جيرانها على الأقل أصيبا في الهجوم أثناء سيرهما بالقرب من المجمع الرئاسي.
أما ياسين كمال، 21 عاما، وهو طالب جامعي يقيم أيضا بالقرب من المجمع، فقال إنه خلال تنفيذ الهجوم، تسمّر جميع سكان الحي في أماكنهم خوفا.
وتابع، "كان من الصعب معرفة ما يجري"، مشددا على الشعور بالارتباك الذي ساد والفوضى التي عمت المنطقة. وقال "تملّك الجميع شعور بالخوف من أن تعتقد القوات الأمنية أننا من مجموعة حركة الشباب إذ غالبا ما تحاول الحركة الاختلاط بالسكان العاديين عند تنفيذها عمليات مماثلة".
وأضاف "خالي هو من بين القتلى في صفوف الجيش. حين هدأت الأوضاع أبلغنا بعض زملائه في السلاح بوفاته".
من جانبه، قال عبدي حاجي غوبدون لصباحي، وهو صحافي متقاعد من أسرة إذاعة مقديشو وكان داخل مسجد فيلا صوماليا عند وقوع الهجوم، إن الانفجار حصل فيما كان المصلون ينتظرون مجيء الرئيس ليبدأ الشيخ بصلاة الجمعة.
وكان المسجد يعج بالمسؤولين الحكوميين بينهم وزراء وكبار المساعدين حين سُمع الانفجار، تلاه صوت إطلاق نار كثيف.
واشار إلى إن الناس هرعوا للفرار من المنطقة وعمت الفوضى المكان، مؤكدا أنه رأى أثناء هربه رجلا يطلق النار باتجاه المبنى حيث يقيم الرئيس.
وأفاد غوبدون أنه هرب من المسجد برفقة عشرين شخصا واختبأوا في غرفة من الطابق السفلي لأحد المباني. وبعد نصف ساعة طمأنهم أحد رجال الأمن مؤكدا لهم أن الوضع أصبح تحت السيطرة ورافقهم إلى خارج المجمع.
'الإرهابيون نظموا هجوما فاشلا'
وحوالي الساعة الثالثة من بعد الظهر، أعلنت الحكومة أن المجمع بات بكامله تحت السيطرة.
وصرح جوليد للصحافيين أن "الإرهابيين الهمجيين واليائسين نظموا هجوما فاشلا".
وقال لإذاعة مقديشو، "قتلت الحكومة كل [الأفراد] المتورطين بالهجوم وأصبح الوضع الآن تحت السيطرة وأحث الشعب الصومالي على التحلي بالهدوء ومساعدة قوات الأمن الوطنية".
وفي حين كان الرئيس حسن شيخ محمود في المجمع أثناء وقوع الهجوم، إلا أنه لم يتعرض لأي أذى.
وفي تغريدة له عبر تويتر، أكد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى الصومال نيكولاس كاي أن الرئيس بخير، مضيفا "أن الهجوم على فيلا صوماليا قد فشل".
وقال في بيان، "لقد تعب الشعب الصومالي من إطلاق النار والتفجيرات والقتل. حان الوقت لفتح صفحة جديدة من تاريخ الصومال ولن نسمح بأي انتكاسة في هذا الوقت الحرج".
من جهته، قال الممثل الخاص لرئيس الاتحاد الأفريقي محمد صالح النضيف في بيان للأميصوم، إنه لا يمكن تصور أن يختار قوم يدعون بأنهم مسلمون يوما مباركا في الإسلام لتنفيذ هذا العمل الإجرامي.
واستمر حساب فيلا صوماليا على تويتر يعمل خلال الهجوم، واصفا إياه بأنه "عمل إعلامي مسرحي" و"عمل يائس آخر ينفذه حيوان يحتضر".
وفي بيان أعقب الاعتداء، تقدم محمود بتعازيه إلى أسر الضحايا والمصابين وحذر من مغبة "المبالغة في تقدير قوة الإرهابيين".
وقال إن بين "الضحايا أناس سخّروا حياتهم لجعل الصومال مكانا أفضل وتخلوا عن نجاحهم المهني في بلاد أخرى وعادوا إلى مقديشو لمساعدة أمة تجثو على ركبتيها".
وأضاف محمود، "أذكّر الجميع أن كل ما سيفوز به أعداؤنا المضللون هو احتلال مكان في عنوانين وسائل الإعلام ليوم واحد ومن ثم الاختفاء في اليوم التالي. ما لن ينجحوا في تحقيقه هو التأثير بأي شكل من الأشكال على عمل حكومتنا لأننا نسعى إلى إعادة بناء الصومال بعد عقود من الحرب".
وتعهد الرئيس بأن الحكومة ستواصل مهمتها في "استكمال تحسين الوضع الأمني في جميع أنحاء البلاد وإعادة بناء الصومال الفيدرالي وإرساء أسس الاقتصاد لبناء بلد مزدهر".
وتابع قائلاً "إن هذا العمل الإرهابي على الرغم من أنه لا يوصف، لا يخفي حقيقة أن هذه المجموعة هي مجموعة مهمشة وعلى شفير الانقراض. إن الحملة العسكرية التي نخوضها بسواعد الجنود الصوماليين وجنود الأميصوم الشجعان ستقضي على أعدائنا".
تصاعد هجمات حركة الشباب والهجمات المضادة عليها
ويأتي الهجوم وسط تصاعد واضح لتفجيرات حركة الشباب في مقديشو وضواحيها.
وكانت حركة الشباب قد تبنت تفجيرين متزامنين استهدفا فندق الجزيرة في مقديشو في 1 كانون الثاني/يناير ووصفتهما بأنهما باكورة حملتها للسنة الجديدة.
ثم في بداية شهر شباط/فبراير، أثارت حركة الشباب الرعب في قلوب سكان مقديشو في ليلتين متواصلتين من القصف بقذائف الهاون طالت محيط فيلا صوماليا وست مناطق أخرى من العاصمة، على الرغم من عدم الإفادة عن وقوع إصابات أو أضرار في الممتلكات.
من جهة أخرى، سددت القوات الصومالية والقوات المتحالفة معها أيضا ضربات عدة رفيعة المستوى ضد الحركة المتشددة.
وفي 9 كانون الثاني/يناير، شاركت قوات الدفاع الكينية مع ميليشيا أهل السنة والجماعة المتحالفة مع الحكومة الصومالية في تنفيذ غارة جوية على معسكر تدريب لحركة الشباب في منطقة جيدو الصومالية وكادت فيه أن تقتل زعيم حركة الشباب أحمد عبدي غوداني.
وكذلك في 26 كانون الثاني/يناير، شن الجيش الأميركي غارة بواسطة طائرة من دون طيار على قافلة من المركبات في منطقة شابيلي السفلى، مما أسفر عن مقتل أحد كبار قادة حركة الشباب، أحمد عبدالقادر عبدالله، المعروف باسم "إيسكوضوق" وثلاثة عناصر أخرى من الحركة المتشددة. وتناقلت الأخبار نبأ إصابة غوداني في هذا الهجوم .
وبدأت قوات الأميصوم في الأسابيع الأخيرة بالتقدم على الجماعة المتشددة وبخاصة في المناطق المحيطة بأفمادو وماركا، وبدأت القوات الإثيوبية العاملة تحت مظلة الأميصوم أيضاً بتنفيذ عمليات لطرد حركة الشباب من مناطق الضير وغالهاريري والبور.
الصباحي