نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية، السبت، تحقيقا أجراه مراسلها «باتريك كينجسلي»، حول واقعة موت 37 سجينا في سجن أبو زعبل بالقاهرة، في أغسطس الماضي، أثناء احتجازهم في سيارة ترحيلات، لمدة 6 ساعات في درجة حرارة عالية تصل إلى40 درجة، قالت السلطات حينها أنهم قتلوا خنقاً بالغاز المسيل للدموع حتى الموت.
ونقل موقع "المصري اليوم" عن الصحيفة قولها: ان «كينجسلي» تحدث للناجين وكشف لأول مرة القصة من جانبهم. وذكر «كينجسلي» أن عربة الترحيلات كان بداخلها 45 شخصا معظمهم من أنصار مرسي، ولكن ليس جميعهم، نجا منهم 8 أشخاص، لا يزال 4 منهم في السجن، وكذلك بعض رجال الشرطة الذين اقتادوهم إلى السجن.
ونقل التحقيق عن الناجين قولهم: إنه «تم وضع 45 سجينا في الجزء الخلفي من سيارة ترحيلات صغيرة، وتوقفت في فناء سجن أبو زعبل لأكثر من 6 ساعات، في درجة حرارة تصل إلى 40 درجة، وكانت السخونة بالداخل أعلى بكثير، ولم يكن هناك مساحة للوقوف، بالإضافة لتكبيل أيديهم وأرجلهم، وعدم السماح لهم بالشرب، وكان الكثير منهم فاقدين للوعي».
وأضاف أنه «في اليوم التالي، ظهرت لقطات لحوالي 37 جثة، لدى وصولهما إلى المشرحة، وكانت معظم الجثث منتفخة، ووجوههم حمراء أو سوداء».
وتابع أحد الناجين أنه «كان أقصى سعة الشاحنة 24 فرداً وليس 45، حتى إن الشرطة كافحت لإغلاق الباب، ولم يستطع الرجال التنفس».
ونقل التحقيق عن أحد الناجين ويدعى «عبدالمعبود» قوله: إن «الناس بدأوا في الصراخ طلبا للمساعدة، وأحدثوا ضجيجا، ولكن لا مجيب، ومع مرور الوقت، تأثر «حسين» 60 عاما، وشكري عبد العال سعد، المريض بالسكري، والذي خضع لجراحة القلب المفتوح قبل عامين».
وأضاف أن «السجناء بدأوا في البكاء عندما كان يحتضر أول شخص، بينما سخر رجال الشرطة منهم، وقالوا لهم من الخارج بأنهم يتمنون موتهم جميعا، وطلبوا منهم أن يسموا أنفسهم بأسماء فتيات، وعندما فعل السجناء ذلك، رد عليهم الضباط بأنهم لا يتحدثون إلى النساء».
وفي تصريحاته لأعضاء النيابة العامة، قال «عبد العزيز»، أحد الناجين، أنهم «طلبوا مرارا وتكرارا من 4 ضباط، كانوا يشربون الشاي بالخارج، بفتح الشاحنة الأبواب وإعطاء السجناء بعض الماء، ولكنهم رفضوا»، وفقا للصحيفة.
وذكر التحقيق أنه وفقا لرواية المسؤولين بالشرطة، فإن «السجناء اختطفوا شرطيا، لإجباره على فتح الباب لهم، ما دفع زملاءه إلى إطلاق الغاز المسيل للدموع داخل الشاحنة لتخليصه منهم».
وقال «عبد العزيز» أنه «كان واضحا خلال هذه اللحظات أن الأوضاع داخل الشاحنة ستتسبب في خنق السجناء، لكن الضباط الـ4 أصروا عدم فتح الباب، وفي نهاية المطاف، انهار معظم ركابها».
وأكدت الصحيفة أن «وزارة الداخلية رفضت طلبات الحصول على تعليق منها أو إجراء مقابلات مع أفراد الشرطة وموظفي السجون، ولكن شهادة (عبد العزيز) تشير إلى ان السجناء لم يكونوا في حالة تسمح لهم بخطف أحد الحراس».
وقال الدكتور هشام فرج، المتحدث باسم المشرحة، للصحيفة: إن «نتائج تشريح الـ37 جثة تشير إلى أنهم كانوا لا يزالون على قيد الحياة عند إطلاق الغاز، لأنه عثر على آثار للغاز في دم كل جثة، وأنه يشك في أن إطلاق أسطوانة غاز واحدة تسببت في مقتل كل هذا العدد، ولكنها كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، بعد سيطرة حالة الجوع ونقص الأوكسجين عليهم».
وقال «فرج» في شهادة مكتوبة: «قررنا أن الشرطة هي المسؤولة عن كل هذه الخسائر، لأنها وضعت 45 سجينا في سيارة واحدة، وهو عدد كبير جدا، ما سبب نقصا في الأكسجين، والتي أسرعت من وفاتهم، عند إطلاق الغاز».
ولم تتطرق الصحيفة إلى سبب إطلاق قنابل الغاز داخل عربة الترحيلات، والذي فسرته وزارة الداخلية في وقته بأنه كان من أجل إطلاق سراح الشرطي الذي اختطفه السجناء.
العالم