اختار سكان عدد كبير من المدن في وسط الصومال ترك منازلهم والهرب في ظلمة الليل لئلا يُجبروا على حمل السلاح والمشاركة في الحرب التي تشنها حركة الشباب ضد القوات الأثيوبية التابعة لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (الأميصوم) .
وبدأت الشباب تكثّف جهودها الرامية إلى تجنيد المدنيين الذين يقيمون في المناطق التي تقع تحت سيطرتها في 10 شباط/فبراير، وذلك بعد أن أعلنت القوات الأثيوبية عن تقدمها على المناطق المذكورة.
وباستعمال مكبرات صوت مركّبة على السيارات، أعلنت الشباب لسكان بولو بوردي والبور وغلغاريري ومدن أخرى تحت سيطرها أنهم مجبرون على الانضمام إلى "الحرب" ضد القوات الأثيوبية التي "تجتاح" الصومال. وادعت الشباب أن القوات الأثيوبية تريد نشر المسيحية في الصومال وأنه من واجب كل صومالي محاربتها.
وبصورة شبه فورية، بدأ السكان بترك منازلهم هرباً من التجنيد الإجباري الذي تفرضه ميليشيا الشباب.
في هذا السياق، قال محمد عبدي، 40 عاماً وهو صاحب متجر بقالة في سوق البور، إنه هرب من بلدته في 11 شباط/فبراير وإنه حالياً في دوساماريب إذ يخاف أن يُجبر على المشاركة في حرب الشباب.
وشرح لصباحي "ما دفعني إلى الهرب من منطقة البور هو أن حوالي مائة شخص كانوا يشاركون في صلاة الظهر في أحد مساجد البور أُجبروا على الاستماع إلى خطبة عن الجهاد وعن مهاجمة عدو الله لبلادنا. قالوا لنا إنه من واجبنا الإسلامي المشاركة في الحرب مهددين أي شخص لا يشارك فيها بعقاب قاسٍ".
وأضاف عبدي أنه لا يجد أي سبب يدفعه إلى المحاربة إلى جانب الشباب التي تُعتبر بنظر المجتمع الدولي جماعة إرهابية معادية للسلام.
وقال "دفعني ذلك إلى مغادرة الأراضي التي تقع تحت سيطرتها. كلما تشعر أنها محاصرة، تسعى إلى إقناع الشعب أنه يتعرض للهجوم، ولكن يبدو أن هذه الفكرة غير مجدية للشباب هذه المرة".
"الكل يهرب من الشباب"
وقالت هندية ضاهر، 37 عاماً وهي أم لخمسة أولاد تعيش في بولو بوردي في محافظة هيران، إن زوجها غادر المدينة ليل 11 شباط/فبراير، خوفاً من أن يُقتل على يد عناصر الشباب بعد أن رفض أن ينضم إلى صفوفهم.
وأضافت في حديث لصباحي "ازدادت معاملة الشباب السيئة لنا وهي تهدد بقتل كل شخص يرفض الانضمام إليها في حربها. لهذا السبب اضطر زوجي إلى الهرب سيراً على الأقدام خلال الليل. ولا أعرف ما إذا كان ميتاً أو على قيد الحياة وعبّر لي عن خوفه من أن يُعتبر هارباً إذا أخذنا معه".
وقالت ضاهر إنها قلقة جداً إذ قد لا تتمكن من إعالة عائلتها طالما أنها تجهل مكان تواجد زوجها.
وشرحت قائلةً "في السابق، كان والد الأولاد مورد رزق العائلة وكان يعمل في مجال بيع العقارات. كنا نعيش بالقليل من المال الذي كنا نجنيه ولكن فرّقتني الشباب عن عائلتي".
أما يحيى جامع، 52 عاماً وهو من وجهاء القبائل في مدينة غلهاريري بمحافظة جلجادود، فقال لصباحي إن الرجال من كافة الأعمار يغادرون المدينة سراً كل ليلة. وأضاف "يهرب الجميع خشية أن يتم تجنيدهم قسراً في حركة الشباب".
وتابع قائلاً "نعلم أن الجنود الأثيوبيين يتقدمون باتجاهنا لتحريرنا من الشبابوإننا نرحب فعلاً بأي جهة جاهزة لتحريرنا من الشباب. وإن الناس الذين يعيشون هنا يخضعون لقمع الشباب التي تحرمهم من كل حقوقهم".
وذكر جامع أن الشباب شعرت بالقلق عندما اكتشفت أن القوات الأثيوبية قادمة لمحاربتها.
وأوضح "كان سكان المنطقة التي نعيش فيها يخافون فقط من الشباب. ولكن الخوف الذي تشعر به الشباب واضح اليوم في بلدة غلهاريري وفي المناطق التي تقع تحت سيطرة الحركة. [فتُظهر لنا الشباب] أن كل ما بقي في نضالها هو انضمام الناس إليها. أصبحت ضعيفة وأنصحها بأن تسعى إلى السلام عوضاً عن التسبب بمقتل الجميع".
الصباحي