تسببت “هفوة” كلامية اقترفها عبد المالك سلال، رئيس الوزراء الجزائري المستقيل، مدير حملة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، المترشح لولاية رئاسية رابعة، في غضب واسع.
وهو ما حدا بسلال، الذي وصف مجموعة من الأمازيغ بـ”الشاوية”، أن يعتذر عن ذلك بذكرهم بـ”الأوراس″.
و”الشاوية”، هم عرق أمازيغي كبير ومهم من مكونات الشعب الجزائري، فيما تعني “الأوراس″ سلسلة جبال، حيث يقيم “الشاوية”.
ولم يكن سلال يعلم وهو يصافح أحد المسؤولين خلال نشاط انتخابي له بالعاصمة، أمس السبت، أنه في بث مباشر على قناة “النهار” التلفزيونية الخاصة، فتلفظ بعبارات تذمّ “الشّاوية” (سكان عدة محافظات في الشرق الجزائري).
ولم تمر الأمور بسلام، فقد شاهد الجزائريون وسمعوا ما قاله سلال، المعروف عنه حبه للطرفة، وهو ما تسبب في وقفات احتجاجية لسكان محافظات يقطنها “الشاوية”.
فمتهكما، قال سلال لمحدثه: “نحن في مدينة قسنطينة (مسقط رأس سلال) نقول في مثلنا الشعبي الشاوية حاشا رزق ربي”، بمعنى أنهم “جنس وضيع″.
وتسارعت الأحداث مثل كرة الثلج، وبُث التصريح “الخطير” على مواقع التواصل الاجتماعي صوتًا وصورة، وهو ما زاد من حدة الغضب، مما اضطر سلال إلى أن يقدم “اعتذارًا” على القناة نفسها.
وبدا سلال خلال تقديمه الاعتذار وهو لم يربط رابطة عنقه وبملامح توحي باضطرابه، قائلاً “الجزائريون يعرفونني، أنا رجل يحب التنكيت… أنا فخور بسكان الأوراس الأشم وفخور بكل الجزائريين”. وهو الأوراس هي سلسلة جبال، حيث يقيم الشاوية.
ووجه سلال عتابا لصحفي قناة “النهار” قائلا “لعبتوها بي (أي لقد ورطتموني).
وبدأت تحركات شعبية “مُنظمة” في منطقة الأوراس، حيث أورد تلفزيون قناة “الخبر” الخاصة، اليوم، خبرًا عاجلاً جاء فيه أن مسيرة حاشدة للطلاب توجّهت من جامعة الحاج لخضر بباتنة (عاصمة الشاوية) باتجاه دار الثقافة ضد تصريحات عبد المالك سلال.
وأفادت أيضا أن الرئيس الجزائري السابق ليامين زروال (المنحدر من الشاوية) استقبل وفدًا من المحتجين في بيته وتسلم منهم بيان استنكار.
كما نظم العشرات من المثقفين ونشطاء في جمعيات وتنظيمات بباتنة، أمس السبت، احتجاجات بوسط المدينة للتعبير عن رفضهم ترشح بوتفليقة لولاية رابعة، ورددوا عبارات منددة بسلال.
أما شبكات التواصل الاجتماعي فعجّت بسيل من الغضب على سلال، ووصفه بعضهم بـ”المتهور الذي لا يصلح للمسؤولية”.
على الصعيد الحزبي استفز حديث سلال الأحزاب المعارضة وخاصة تلك الرافضة لترشح الرئيس بوتفليقة لولاية رابعة.
وقالت حركة النهضة (إسلامية)، في بيان اليوم: “بهذه التصريحات تأكد لنا أن السلطة فعلاً هي اليوم أكبر خطر يهدد الجزائر وشعبها ومؤسساتها ووحدتها”.
ووصف علي بن فليس، المترشح المستقل للرئاسة الجزائرية، رئيس الحكومة الأسبق، وهو من المنطقة التي نالها سلال بتصريحاته، ما قاله بـ”السلوك المتهور” .
وأضاف بن فليس، في بيان صادر عن مكتبه، اليوم: “إنها تصريحات تنمّ عن غياب ثقافة الدولة، وتكشف السلوك السلبي الذي يطبع الحملة الانتخابية التي تتميز بالاحتقار والاستهانة بالشعب وبقيمه”.
ولرئيس الوزراء السابق عبد المالك سلال تصريحات “غريبة” كثيرًا ما وضعته في دائرة الانتقاد لدى قطاع عريض من الجزائريين وخاصة الشباب الناشط على شبكات التواصل الاجتماعي، حتى أنهم أنشأوا صفحة على “فيسبوك” بعنوان “سلاليات” ترصد تصريحاته الغريبة.
ومن بين ما وقع فيه سلال “عجزُه” عن إيجاد جمع لكلمة فقير فقال “فقاقير”، وفي أحد تصريحاته خلط بين الشعر والقرآن فصنّف الآية الكريمة “قل أعوذ برب الفلق” في باب الشعر، وهو ما أثار استهجانًا شعبيًا واسعًا.
القدس العربي