كينيا

تشكّل محاكمة حاكم المصرف المركزي الكيني نجوغونا ندونغو الوشيكة في قضية الفساد واستغلال السلطة رسالةً قوية تؤكد عزم القضاء على مكافحة الفساد، حسبما ذكر عدد من المسؤولين والمواطنين.


وندونغو متهم بسوء استغلال السلطة في تجاوزات شملت عقداً بقيمة مليار ومليوني شلن (13.9 مليون دولار) أُبرم العام الماضي مع شركة هورسبريدج المحدودة لأنظمة الشبكات في شرق أفريقيا، لتثبيت برامج أمنية في المصرف المركزي.

وقال المدعي العام، كيرياكو توبيكو، إن أفعال ندونغو تسببت بخسارة أكثر من 400 مليون شلن (4.6 مليون دولار) من الأموال العامة.

وبعد أن بدت القضية المذكورة في عداد القضايا المتراكمة والمعلقة التي تشمل كبار المسؤولين في الحكومة، أمر توبيكو بتوقيف ندونغو في 11 شباط/فبراير.

ورفض ندونغو أمر توقيفه بعد أن نفى أي تورط له في قضية الفساد، علماً أنه من المنتظر أن تستكمل المحكمة العليا الاستماع إلى القضية في 28 آذار/مارس المقبل.
الحكومة تلاحق كبار المسؤولين

وبانتظار النتائج التي سيتوصل إليها القضاء، يقول المسؤولون في الحكومة إن القضية تشكّل خطوة إيجابية في محاربة الفساد ضمن الحكومة.

وأعلنت إيميلي كاماو، رئيسة قسم مكافحة الفساد والجرائم الاقتصادية في مكتب المدعي العام، "إننا نرسل رسالة ردع لأي مسؤولين حكوميين قد يفكرون في اختلاس الأموال العامة أو استغلال السلطة في عملية المناقصة، ومفاد هذه الرسالة أننا نراقب الوضع وسنتخذ الإجراءات اللازمة ضدهم دون تردد".

وذكرت في حديث لصباحي "وجّه الكينيون كل أنواع الاتهامات إلينا، قائلين إننا نمتنع عن ملاحقة المسؤولين الكبار والنافذين. ولكن لن يكون الحال هكذا بعد اليوم. فليستعمل الموظفون الحكوميون الامتيازات والأموال العامة الموضوعة بين أيديهم بشكل قانوني".

ومع أنه تم إرجاء تنفيذ قرار اعتقال ندونغو، لا تزال إمكانية المحاكمة قائمة وإذا حصل ذلك فسيُضطر إلى التخلي عن منصبه.

وقال المحامي الدستوري، أندرسون مويتي، في حديث لصباحي "هو محظوظ إذ ينعم بضمان الحيازة وبالتالي فلا يستطيع الرئيس فعل شيء لإقالته على الفور".

وأكد مويتي على أن هذه القضية ستلقى اهتمام كبار المسؤولين الحكوميين، ولا سيما أولئك المتورطين في قضايا فساد معلقة، ذلك أنها تبشّر بعصر جديد من الجرأة أظهرها الادعاء العام. وقال إنه يبدو أن جهة الادعاء مصممة على ملاحقة كبار المسؤولين في القطاع العام في قضايا فقدان الأموال العامة، وهي مقاربة تختلف تماماً عن الممارسات السابقة.

وتابع قائلاً "مع امتناعها عن ملاحقة المسؤولين المهمين، اقتصر عمل هيئات مكافحة الفساد على التركيز على مستوى أدنى من الفساد شمل مبالغ صغيرة من المال، في حين استمر المسؤولون المذكورون في زيادة أموالهم ونفوذهم".
فضائح الفساد الماضية تبقى لغزاً

في هذا السياق، قالت مرسي مواي جينوكيو، 32 عاماً وهي مسؤولة تنفيذية في مجال المبيعات في فندق كلاريون بنيروبي، إن "الخطوة الجريئة التي تتمثل في ملاحقة كبار المسؤولين كندونغو تُظهر أن عصر الملاحقات القضائية الانتقائية التي كانت تنفذها لجنة الأخلاق ومكافحة الفساد الكينية ومكتب المدعي العام قد ولّى".

وأضافت "إن علاقة العمل الجديدة بين مكتب المدعي العام ولجنة الأخلاق ومكافحة الفساد تبشّر بالخير في البلاد. وسيقضي هذا التعاون المهني حتماً على الفاسدين. آمل أن يقوم [الجانبان] بمراجعة الملفات القديمة ولا سيما الملف المتعلق بفضيحة أنغلو ليسينغ وأن تتم إحالة المذنبين إلى القضاء أيضاً".

يُذكر أن فضيحة أنغلو ليسينغ تمحورت حول أموال تعود إلى الحكومة ودُفعت إلى شركات أجنبية وهمية مقابل خدمات كمشاريع إنشاء جوازات سفر غير قابلة للتزوير وسفن ومختبرات طب شرعي لم ترَ النور يوماً.

وأدين السكرتير الدائم السابق لوزارة الداخلية، سيلفستر مواليكو، وحده بتهمة استغلال السلطة والتورط في فضيحة فساد أنغلو ليسينغ التي قُدرت بملايين الدولارات.

وذكر موريس موكوا، 44 عاماً وهو مدير محل باتا في نيروبي، "كان وزراء ومسؤولون كبار آخرون متورطين أيضاً ولكن لم تتم محاكمتهم بعد حتى اليوم. وإن هؤلاء المسؤولين الحكوميين ليسوا كينيين يتعذر المساس بهم. فعليهم أن يتحملوا المسؤولية في تلك الفضيحة ويجب ألا ينعموا بالحصانة التي تؤمنها لهم النخبة السياسية التي بدورها تعمل على حماية مصالحها الخاصة".

ومن قضايا الفساد الأخرى المعلقة ضد كبار المسؤولين الحكوميين، قضية المدير العام السابق لشركة خطوط الأنابيب الكينية، جورج أوكونغو، وهو متورط في عملية احتيال في مجال النفط جرت عام 2008 وشاركت فيها شركة تريتون الخاصة للنفط. وقد خسرت الحكومة في هذه الصفقة 5.7 مليار شلن (86.7 مليون دولار) كما أنه لم يتم بعد حتى اليوم إلقاء القبض على أوكونغو.

وفي 2010، اتهمت لجنة مكافحة الفساد الكينية، التي حلّت محلها اليوم لجنة الأخلاق ومكافحة الفساد الكينية، نائب رئيس الوزراء موساليا مودافادي بتنفيذ عملية احتيال عقارية في صفقة بلغت قيمتها 283 مليون شلن (3.2 مليون دولار). ولم يمثل مودافادي يوماً أمام القضاء.
ملاحقة المسؤولين النافذين والفاسدين ليست بالأمر المستحيل

وعبّرت ليديا مورا، وهي مسؤولة في مكتب صرف العملات أفرو فوركس ليميتد، عن أملها بألا تكون قضية ندونغو استراتيجية يستعملها مكتب المدعي العام لتضليل الكينيين وإقناعهم بأن الحكومة أعلنت حرباً شاملة على المسؤولين الفاسدين.

وذكرت لصباحي "كان للفضائح السابقة كفضيحة أنغلو ليسينغ تأثير مباشر على اقتصادنا. وعندما لا يتم القضاء على الفساد، يتم نشر رسالة تُظهر أنه لا يمكن الاعتماد على هيئات مكافحة الفساد لحماية [الدولة] من سوء استغلال السلطة أو لإحقاق العدالة".

وأعلنت "تخلق القضية أملاً بأنه قد يكون في النهاية من الممكن ملاحقة الفاسدين وأصحاب النفوذ. آمل أيضاً أن تتوفر الأدلة المناسبة لضمان نجاح المحاكمة".

ومن جانبه، أكد مساعد مدير كلية علم الاقتصاد في جامعة نيروبي، موريس أويتي، على أنه لا يجب أن يقلق المستثمرون حيال إمكانية أن تزعزع القضية استقرار السوق.

وأوضح لصباحي "لا حاجة إلى الهلع ذلك أن المصرف المركزي يتبع استراتيجية للاستمرارية لا تعتمد على شخص واحد بل على خطة قوية للهيكلية المؤسساتية. وشرح أن نائب حاكم المصرف المركزي سيتولى إدارة المصرف عند الضرورة.

وقال أويتي "الأهم بالنسبة للمصرف هو أن يراقب المسائل المرتبطة بالسياسات النقدية وأن يضمن استمرارية الانضباط الضريبي من دون أن تؤدي قضية محاكمة الحاكم إلى تقلبات في السوق".

وأضاف أن "محاكمة [ندونغو] تشكل تحولاً جريئاً عن الغياب المتجذر لدى الحكومة لأي نية سياسية في معالجة الفساد في صفوف كبار المسؤولين. ويعكس ذلك بدء الحرب على الفساد من أعلى المستويات إلى أدناها".
الصباحي


الخبر السابق - الخبر التالي تحضير للطباعة أرسل هذا الخبر إنشاء ملفpdf من الخبر
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع

أخبار أخرى

  • 2021/12/20 10:46:03 وفد مساعدي أعضاء الكونجرس الأمريكي يشيد باجراءات الإصلاح الاقتصادي في مصر
  • 2021/12/12 6:43:20 وفد من جنوب السودان يصل إلى الخرطوم لبحث تنفيذ اتفاق البرهان وحمدوك
  • 2021/12/7 6:45:24 اليوم.. مصر تحتضن مؤتمرًا دوليًا لمواجهة التغيرات المناخية
  • 2021/12/1 10:56:01 بعد قليل.. فتح الطيران المباشر بين مصر والسعودية
  • 2021/11/30 10:50:04 برلمانية: معرض إيديكس 2021 رسالة ردع لكل من يحاول تهديد أمن مصر
  • 2021/11/30 10:47:31 عضو «السيادة السوداني» يبحث سبل حل قضية شرق السودان
  • 2021/7/18 5:24:27 «تطورات خطيرة».. السودان يكشف انخفاض مياه الأزرق لـ 50% بسبب سد النهضة
  • 2021/7/18 5:14:46 مصر سترصد الفضاء بثاني أكبر تلسكوب في العالم
  • 2021/2/13 11:24:06 إثيوبيا تمارس "الاستيطان الإسرائيلي" وينقصها الشجاعة لإعلان الحرب
  • 2021/2/13 11:20:57 مصر تنتظر توضيح مواقف إدارة بايدن من قضايا الإقليم
  • 2021/1/13 8:18:25 تصفية أشهر وأعرق شركة تأسست في عهد جمال عبد الناصر
  • 2020/12/29 4:53:31 الجيش المصري يستعد في شمال سيناء
  • 2020/12/28 9:06:31 على أعتاب الاكتفاء الذاتي في سلعة استراتيجية
  • 2020/12/27 7:21:04 السيسي: اتفاق سد النهضة يجب أن يكون ملزما ويحفظ حقوق مصر
  • 2020/12/13 8:50:00 يغلق معبر أرقين الحدودي مع مصر
  • 2020/12/12 11:18:08 715 مليون يورو تمويلات فرنسية إلى مصر.. وهذه تفاصيلها
  • 2020/12/6 6:31:09 البعثة الأممية في ليبيا تعلن نتائج التصويت على مقترحات آلية اختيار السلطة التنفيذية الموحدة
  • 2020/12/6 6:20:50 إقالات ودعوة لـ"يوم غضب" إثر مقتل طبيب بسقوط مصعد معطل
  • 2020/11/30 5:28:26 البرلمان الليبي يدعو لعقد جلسة خاصة
  • 2020/11/30 5:26:54 تسجيل 66 وفاة و1271 إصابة جديدة بفيروس كورونا
  • 2020/11/28 8:12:19 السودان تشيع جثمان زعيم حزب الأمة الصادق المهدي في جنازة مهيبة
  • 2020/11/25 10:58:44 السيسي: لقاح فيروس كورونا سيكون متوفرا في مصر منتصف العام المقبل
  • 2020/11/23 10:05:05 ماذا يعني انسحاب السودان من مفاوضات سد النهضة؟ خبراء يجيبون
  • 2020/11/18 10:11:06 رئيس وزراء السودان يؤكد الاستعداد للتعاون مع بعثة "يونتامس"
  • 2020/11/17 11:29:29 تبادل إطلاق نيران في ظل وضع ملتبس بالصحراء الغربية وتصعيد بين الجيش المغربي والبوليساري
  • 2020/11/17 11:26:22 صراع الحرب الأهلية يشتد.. محاولات وساطة لوأد النزاع في تيغراي
  • 2020/11/17 11:03:11 بريطانيا تسعى لسحب لقب أكبر مستثمر أجنبى فى مصر من الاتحاد الأوروبى
  • 2020/11/14 10:58:35 مباحثات سودانية - أمريكية في الخرطوم
  • 2020/11/11 7:57:26 إثيوبيون بينهم عسكريون يفرون من القتال في تيغراي إلى السودان
  • 2020/11/11 7:55:21 مجلس الأعمال المصرى اليونانى: استثمارات يونانية فى مصر تخطت المليار يورو