حذّر الناشطون في مجال حقوق الإنسان من ارتفاع وتيرة أعمال القتل الخارجة عن القانون في كينيا، مشيرين إلى إمكانية تفاقم الوضع بفعل التعديلات الجديدة التي ستزيد من قدرة الشرطة على استعمال القوة الكاسحة.
وقتلت الشرطة 143 شخصاً في عام 2013 أُعدمت غالبيتهم من دون محاكمة، حسبما جاء في تقرير صدر في 5 آذار/مارس عن الوحدة الطبية القانونية المستقلة وهي منظمة غير حكومية مقرها نيروبي، تعمل على تعزيز حماية حقوق الإنسان والترويج للحوكمة السليمة.
وذكر التقرير أن 93 شخصاً ممن قُتلوا في 2013 أُعدموا من دون محاكمة، وأطلقت النار على 15 منهم بحجة الدفاع عن النفس وقُتل 30 آخرين في ظروف غامضة. وتصدرت مقاطعة نيروبي مخطط التقرير مع 87 حالة من عمليات القتل الخارجة عن القانون، تلتها مقاطعة ناكورو مع 15 حالة ومقاطعة كيسومو مع ثماني حالات.
وأعلن المدير التنفيذي للمنظمة، بيتر كياما، في حديث لصباحي أن البيانات تعكس زيادة ملحوظة بالمقارنة مع العام 2012 الذي قُتل خلاله 62 شخصاً.
وجاء في التقرير أيضاً أن 48 شخصاً قُتلوا خلال العام الجاري حتى الثالث من آذار/مارس الماضي. وقال كياما إن 22 شخصاً قتلوا خلال الفترة نفسها من العام الماضي، واصفاً هذه الزيادة في عمليات القتل بـ"الظاهرة المقلقة".
وأضاف كياما "لاحظنا ارتفاع عدد الحالات التي استعملت فيها الشرطة [القوة] الكاسحة والتي أدت إلى عمليات قتل خارجة عن القانون... في ظل نداءات لتطبيق إصلاحات أساسية في جهاز الشرطة. وإن هذه أنظمة غير مقبولة مهما كانت المعايير لمهام الشرطة. إنه انتهاك فادح لحقوق الإنسان".
توسيع نطاق استعمال الأسلحة لحماية الممتلكات
وصدر التقرير في وقت كان متوقع فيه من النواب مناقشة وإقرار التعديلات المقترحة على قانون جهاز الشرطة الوطني للعام 2011 وقانون اللجنة الوطنية لجهاز الشرطة للعام 2011، علماً أن من شأن هذين القانونين زيادة سلطة الشرطة وقدرتها على استعمال الأسلحة النارية لحماية الممتلكات ومنع فرار المطلوبين أمام القضاء.
وذكر التقرير "إننا قلقون جداً من أن تكون الحكومة قد اقترحت تعديل قانون جهاز الشرطة الوطني للعام 2011 من أجل السماح للشرطة بإطلاق النار للقتل بغية حماية الممتلكات، وذلك في ظروف تحول فيها استعمال القوة الكاسحة لحماية حياة الإنسان إلى الطريقة الافتراضية المتبعة لمعالجة الجريمة. نخشى ألا يؤدي إقرار هذا القانون إلا إلى تفاقم وضع هو أصلاً خطير جداً".
وأوضح كياما أن المادة 26 (3) من الدستور الكيني تنص على أنه لا يمكن حرمان أي شخص من حق العيش عمداً، إلا ضمن الحدود التي يسمح بها الدستور أو أي قانون مكتوب آخر".
ويحدد الجدول السادس من قانون جهاز الشرطة الوطني للعام 2011 شروط استعمال القوة واستعمال الأسلحة النارية من قبل الشرطة. وينص على أنه يتوجب دوماً على الشرطة استعمال طرق أخرى غير العنف في البداية، علماً أنه يمكن استعمال القوة فقط بعد تجربة كل الطرق الأخرى أو فشلها.
ويمكن فقط استعمال الأسلحة عندما لا تكون الأساليب الأقل حدة مناسبة أو لإنقاذ حياة عنصر أمن أو أشخاص آخرين وفي حالات الدفاع عن النفس أو حماية شخص آخر من خطر وشيك يهدد حياته أو من إصابة خطيرة.
وتابع كياما قائلاً "ولكن الظاهرة التي نشهدها تشير إلى أن الشرطة اعتمدت سياسة صارمة لمحاربة الجريمة تحددها بصورة شاملة باستعمال قوة كاسحة في عمليات القتل من دون هدف التي تتعارض مع الضمانات الدستورية".
وأوضح كياما أن الوحدة الطبية القانونية المستقلة لم تقبل بالتعديلات المقترحة على قانون جهاز الشرطة الوطني الذي سيسمح للشرطة باستعمال القوة الكاسحة حتى في غياب أي خطر يهدد حياة الناس. وأكد على أن هذه التعديلات ستؤدي إلى تفاقم الوضع وستشجع على ارتكاب مزيد من الاعتداءات.
وقال إن "السؤال الذي يطرح نفسه هو أنه إذا كانت الشرطة قد استغلت السلطة التي وضعت بين يديها في ما يتعلق باستعمال القوة الكاسحة كما أظهره التقرير، فماذا سيحصل إذا أعطيت سلطة أكبر لاستعمال الأسلحة النارية من أجل حماية الممتلكات؟".
زعزعة ثقة الشعب في الشرطة
وذكر كياما أنه لجمع البيانات المعتمدة في التقرير، أجرى أطباء مستقلون فحوصات على جثث الضحايا التي زُعم أنهم قتلوا على يد الشرطة.
وقال "كانت الغالبية مصابة بطلقات نارية وتمكّنا من تحديد من أصيب عن قرب وآخرين [أصيبوا] من الخلف، مما يعني أن رجال الشرطة الذين أطلقوا النار وقتلوا هؤلاء الأشخاص لم ينفذوا ذلك لأن حياتهم كانت في خطر بل أظهروا إهمالاً واستعمالاً غير مناسباً للأسلحة النارية".
وعبّر كياما عن قلقه حيال ارتفاع عدد الاعتداءات وعمليات القتل الخارجة عن القانون التي ترتكبها الشرطة مما يزعزع ثقة الشعب بالإصلاحات التي طال انتظارها في جهاز الشرطة، وذلك في حال لم يوضع حد للظاهرة المذكورة وفي حال أقرّ النواب التعديلات المقترحة.
وإلى جانب الامتثال للمبادئ التوجيهية التي يشملها الدستور الكيني، دعا كياما الشرطة الكينية إلى الامتثال للمبادئ الأساسية للأمم المتحدة المتعلقة باستخدام القوة والأسلحة النارية من قبل موظفي إنفاذ القانون، والتي توصي بالحد من استعمال القوة الفتاكة وفرض رقابة مستمرة على استعمال القوة.
وأشار إلى أن على المسؤولين تجنب استعمال القوة عند التعامل مع قضايا الجرائم، موضحاً أن الإفراط في استعمال القوة يزعزع ثقة الشعب في عناصر الشرطة وفي المؤسسات الأمنية الأخرى.
وأعلن "على الشرطة التركيز على جمع المعلومات الاستخبارية وإجراء تحقيقات دقيقة لملاحقة من يُشتبه بارتكابهم جرائم وإخضاعهم للإجراءات اللازمة".
وعندما طُلب من المتحدثة باسم الشرطة الكينية، زيبورا غاتيريا مبوروكي، التعليق على الانتقادات التي شملها التقرير، قالت هذه الأخيرة إن الوحدة الطبية القانونية المستقلة لم تُشرك الشرطة عند إعداد [التقرير]، وبالتالي فمن الصعب الرد على تلك الانتقادات.
وأضافت في حديث لصباحي "ما أستطيع التأكيد عليه هو أن عناصرنا على علم تام بكيفية استعمال الأسلحة النارية وبالمتطلبات الدولية الواجب اتباعها عند تنفيذ العمليات. من هنا، فإن التلميح إلى أنهم يستعملون القوة الكاسحة المتسببة بعمليات قتل خارجة عن القانون أثناء إنجاز مهامهم، هو أمر مستبعد ولا أساس له".
ورفضت مبوروكي التعليق بشأن مسألة وحشية الشرطة.
كذلك، قال ماشاريا نجيرو، رئيس الهيئة المستقلة للرقابة على الشرطة، أنه هيئته لم تحصل بعد على التقرير المذكور وأنها ستتحرك فقط بعد التحقيق في المسألة.
وأضاف لصباحي "يكمن دورنا في ضمان حفاظ الشرطة على مهنيتها وانضباطها وعلى الترويج للشفافية والمساءلة في تنفيذ مهامها، كما من مسؤوليتنا تأمين رقابة مستقلة عبر معالجة الشكاوى كالتي يتضمنها التقرير".
يُذكر أن الهيئة المستقلة للرقابة على الشرطة هي هيئة حكومية لها سلطة رقابية على الشرطة. ومن دون الدخول في التفاصيل، قال نجيرو إن الهيئة تعمل على جمع الشكاوى الموجهة ضد جهاز الشرطة وستنشرها في تقريرها السنوي في نهاية العام الجاري، على أن يشمل هذا التقرير توصيات حول كيفية مساءلة رجال الشرطة الذين يتبيّن أنهم مذنبون في الاعتداءات المبلغ عنها.
الصباحي