يخشى الكثير من الفلسطينيين في قطاع غزة من تداعيات إقامة ما تردد أنه جدار فولاذي على الحدود المصرية مع القطاع، لدرجة أن بعضهم بدأ في شراء وتخزين السلع والمواد التموينية التي تدخل إلى القطاع عبر الأنفاق الأرضية المستهدفة من وراء إقامة هذا الجدار.
ويعتقد الفلسطينيون -المحاصرون منذ ثلاث سنوات والذين حرموا بسبب الحصار الإسرائيلي من نحو عشرة آلاف سلعة كانت تدخل القطاع قبل صيف عام 2007- أن البضائع بمختلف أنواعها ستشح في الأسواق إذا أغلق الجدار المصري المزعوم الأنفاق الأرضية التي ترفدهم بالسلع والمواد الأساسية.
اشتر اليوم
المواطن الفلسطيني أشرف القيسي -الذي كان يتجول في سوق مخيم رفح المركزي- أشار إلى أنه اشترى بكل النقود التي في جيبه مواد تموينية من أجل عائلته، وقال "لا نعرف ماذا سيحدث بعد إقامة الجدار".وبينما كان المواطن القيسي يتجول في سوق مخيم رفح ردد بائعون عبارة "اشتر اليوم قبل ما تولع بكرة"، في إشارة لما سيحدث عندما يغلق الجدار الفولاذي الأنفاق الأرضية.
وبدوره يسعى البائع عبد الله عبد الفتاح (38 عاماً) إلى جمع أكبر قدر من المال من أجل شراء بضائع قد تتضاعف أسعارها في الأسابيع المقبلة، وقال "نريد إنهاء الحصار وليس جدارا يزيد خنق القطاع".وطلبت المواطنة سمية قشطة من نجلها شراء كمية كبيرة من الفول والعدس لاعتقادها أن هذه البقوليات قد تساعدها في توفير الطعام لأفراد أسرتها وعددهم 12 فرداً.وسارع الشاب أحمد المجدلاوي الذي يأمل أن يقيم حفل زفافه خلال أشهر الصيف المقبل، إلى شراء ما يلزم من المواد الإنشائية اللازمة لإنهاء العمل في شقته الواقعة شمال مدينة غزة.ويعتقد المجدلاوي الذي يعمل في مؤسسة غير حكومية تنشط في غزة، أن العديد من التجار وأصحاب الأنفاق أصبحوا يقومون باحتكار البضائع لبيعها بأسعار مرتفعة، مع أن الأسعار لا تزال على حالها.
مليار دولار
وتفيد إحصاءات غير رسمية بأن الفلسطينيين يستوردون بضائع عبر الأنفاق من مصر بحوالي مليار دولار سنوياً، فيما يعاني ثلثا سكان قطاع غزة من فقر مدقع وفق إحصائيات حديثة صادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وقال مسؤول في وزارة الاقتصاد الوطني التابعة للحكومة المقالة فضل عدم ذكر اسمه، "إن الجهات المختصة في الوزارة تراقب الأسعار ولن تسمح بأي تجاوزات"، مشيراً إلى أن بعض السلع تزيد أسعارها بحسب العرض والطلب، وأن الوزارة تراقب الأمر وتسيطر عليه.ويقول مالكو أنفاق إنهم سيعملون على "تجاوز الجدار الفولاذي"، لكن مشهد الرافعة العملاقة يكاد يقذف الرعب في قلوبهم.
وأرست رافعات مصرية عملاقة خلال الأسابيع الماضية قضباناً حديدية على بعد 70 مترا من الحدود في الجانب المصري وفق ما أفاد به مسؤولون فلسطينيون ومواطنون مصريون، وهذه القضبان تأتي تمهيداً لغرس ألواح فولاذية على عمق 30 متراً وبطول نحو عشرة كيلومترات.ويعتقد مراقبون أن مصر تهدف من تشييد الجدار الفولاذي لمعاقبة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لأنها رفضت التوقيع على ورقة المصالحة ولا تزال تتمسك بشروطها في صفقة تبادل الأسرى مع الجانب الإسرائيلي.
إلا أن الخارجية المصرية رفضت أي انتقادات للأعمال التي تجري داخل حدود بلادها واعتبرت أن الخوض في هذا الموضوع بمعلومات غير صحيحة هو مساس بالأمن المصري، كما رفضت اعتبار ما يجري عقابا مصريا لحماس لعدم توقيعها ورقة المصالحة.