سيكون على التنزانيين الانتظار مدة أطول ليشهدوا على إقرار دستور البلاد الجديد، بعد أن طلبت الجمعية التأسيسية تمديد ولايتها حتى شهر آب/أغسطس المقبل.
وعللت الجمعية طلبها تمديد ولايتها لإعطاء وقت أطول لأعضائها النواب لمناقشة وإقرار الموازنة العامة للسنة المالية المقبلة. ومن المقرر أن تبدأ جلسات مناقشة الموازنة في 9 أيار/مايو وتنتهي في حزيران/يونيو، يدخل بعدها النواب في عطلة تشريعية تستمر حتى مطلع آب/أغسطس، فيستأنفوا حينها مناقشة مسودة الدستور.
ولكن بغض النظر عن مسألة مناقشة الموازنة الملحة، تجاوزت الجمعية الجدول الزمني المحدد أساسا لإقرار الدستور والذي ينتهي في 26 نيسان/أبريل.
وتضم الجمعية 640 ممثل، بينهم 357 نائب و82 عضوا من مجلس نواب زنزيبار و201 مندوب يمثلون مختلف شرائح المجتمع. وكانت قد أدت اليمين الدستورية في 18 شباط/فبراير، وأمضت الشهر الأول من ولايتها في مناقشة نظامها الداخلي.
وبدأت الجمعية في مناقشة مواد مسودة الدستور في 21 آذار/مارس، ولم تتناول حتى الأن سوى الفصل الأول والفصل السادس منها واللذان يتعلقان بإنشاء منظومة الحكومات الثلاث الجديدة.
وباشرت اللجان الـ 12 التي تشكل الجمعية يوم الأربعاء برفع توصياتها حول الفصلين الأول والسادس، ومن المتوقع أن تصوت يوم الجمعة، 11 نيسان/أبريل، على قبول أو رفض ضيغتيهما النهائية بأغلبية أصوات ثلثي عدد المندوبين.
وعن اختيار المندوبين البدء بهذين الفصلين، أوضح المحامي دوس كيكامبا أنهما يشكلا ركيزة نظام الحكم الجديد وسيحددان مصير بقية فصول الدستور. ويشغل كيكامبا منصب المدير التنفيذي لمكتب المواطنين الإعلامي، وهي منظمة غير ربحية تهدف إلى تعزيز مشاركة المواطنين في الحكم.
وتتألف مسودة الدستور من 17 فصلا موزعة على نحو 118 صفحة من النصوص.
ويرى كيكامبا أن استغراق الجمعية مدة 50 يوما لمناقشة ركائز نظام الحكم الجديد ليس بالمؤشر الجيد ومن المرجح أن يؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي.
وقال لصباحي، "تدل المؤشرات أنه عند التصويت على الفصل السادس، من الممكن لحزب تشاما تشا مابيندوزي الفوز في التصويت بإمالة الدفة إلى منظومة الحكومتين، لأن الحزب [الحاكم] سبق أن أعلن عن [خياره] ولديه ما يكفي من المندوبين لتحديد مسار النتائج".
وأضاف أن أغلبية النواب في الجمعية التأسيسية ينتمون إلى الحزب الحاكم، ولذلك "بإمكانهم الحصول بسهولة على أغلبية الثلثين اللازمة لتمرير أي [تعديلات] على أي مادة من مواد الدستور".
وتابع كيكامبا، "ستعم عندها الفوضى وسنشهد انسحابات من الجمعية وتظاهرات في جميع أنحاء البلاد".
ما زال نظام الحكم موضوع جدل
هيمن الجدل حول اختيار منظومة الحكومتين أو منظومة الحكومات الثلاث على النقاش العام الدائر بشأن الدستور الجديد.
وكان من المتوقع تسوية هذه المسألة من قبل لجنة مراجعة الدستورالتي كلفت جمع آراء المدنيين قبل صياغة دستور جديد وفقا للمبادئ التي تحظى بتأييد واسع، وهي عملية بدأت في نيسان/أبريل من العام 2012.
وعن هذا الموضوع، كان رئيس لجنة مراجعة الدستور جوزيف واريوبا قد قال في حزيران/يونيو عام 2013 عقب الانتهاء من صياغة الدستور، "لقد درسنا الإيجابيات والسلبيات، ووصلنا إلى نتيجة مفادها أن منظومة الحكومات الثلاث هي الأفضل".
وعندما سئل عن هذه القضية مرة أخرى في 4 نيسان/أبريل، دافع واريوبا عن عمل اللجنة قائلا إن مسودة الدستور تمثل إرادة الشعب وكانت السبيل الوحيد لإنقاذ حكومة الاتحاد.
وأضاف لصباحي، "القسم الأول من دستور زنزيبارالذي أقر عام 2012 أعلن المقاطعة كدولة. إن [منظومة الحكومتين] تطرح خلافات غير قابلة للحل ولم نتمكن من تخطيها إلا بطرح فكرة حكومة تنجانيقا".
واعتبر أن التخلي عن منظومة الحكومات الثلاث المقترحة في مسودة الدستور أشبه"بالتخلي" عن إرادة الشعب.
من جانبه، أكد الرئيس جاكايا كيكويتي عدم رضاه عن منظومة الحكومات الثلاث في خطاب ألقاه أمام الجمعية العامة في 21 آذار/مارس، قائلا ان إعادة إنشاء حكومة في تنجانيقا يقود البلاد إلى الانهيار بسبب محدودية الموارد المالية.
من جهته، قال ويلبرود سلا الأمين العام لحزب تشاما نشا ديموقراسيا المعارص (تشاديما)، إن تسوية هذه المسألة تتطلب التروي من جميع الأطراف المعنية.
وأضاف سلا لصباحي، "الطريقة التي تتم فيها العملية لا تشجع على الإطلاق، ولكي نكون واقعيين يجب إيقافها فورا"، مضيفا أنه على الجمعية التأسيسية وقف مداولاتها لإشراك المواطنين في مشاورات أوسع.
وتابع، "لقد فقد حزب تشاما تشا مابيندوزي البوصلة ولن نتمكن من الحصول على دستور قبل [الانتخابات العامة] عام 2015"، مؤكدا أن على المشرعين تعديل الدستور الحالي أولا لضمان إجراء انتخابات سلسة، ومن ثم معاودة مناقشة مسودة الدستور الجديد.
الجمعية التأسيسية مرتاحة إلى العملية
وعلى الرغم من الوضع السياسي المتأزم، أعرب أعضاء الجمعية التأسيسية عن تفاؤلهم بان إرادة الشعب ستسود عند الانتهاء من العملية.
وقال كاجوبي موكاجانجا، الرئيس التنفيذي لمجلس وسائل الإعلام في تنزانيا وأحد مندوبي الجمعية التأسيسية الذين عينهم رئيس الجمهورية لتمثيل المواطنين، "نواجه مأزقا ولست متأكدا إلى ماذا ستؤول الأمور في النهاية".
وأضاف لصباحي، "لقد أفرط حزب تشاما تشا مابيندوزي بثقته من إن نوابه في الجمعية سيفرضون رغبته بمنظومة الحكومتين، إلا أن اقتراحهم رفض من قبل نوابه نفسهم".
ومع ذلك، أكد أن حالة الجمود والجدل لا ينبغي أن تثبط العزائم لأنهما دليل على إن الديموقراطية بخير.
أما المندوبة فاليري مسوكا، المديرة التنفيذية لجمعية النساء الإعلامية في تنزانيا، فاعتبرت أن الوضع الحالي متوتر وينبغي على جميع الأطراف المعنية توخي الحذر.
وأضافت لصباحي، "يجب الموافقة على كل فصل بأغلبية الثلثين، ولا أرى حاليا أن ذلك سيحدث. نحن أمام طريق مسدود وبحاجة ماسة إلى حكمة المندوبين لتخطيه".
الصباحي