بعد إعلان الحكومة السودانية عن فتح باب الاستثمار بالمجال الزراعي، تقاطر العديد من المستثمرين العرب والأجانب. ولم تمنع الأزمات السياسية المتلاحقة من النجاح في جذب الاستثمارات بمجالات تبدو هي الأوفر حظا وقيمة.
وظل السودان يتلقى سيلا من الطلبات للاستثمارات العربية والآسيوية على وجه التحديد بمجالات الزراعة والثروة الحيوانية والتنقيب عن النفط والمعادن الأخرى. كما جذبت الاستثمارات عددا كبيرا من الدول للدخول مع الخرطوم في شراكات إستراتيجية في مجالي الزراعة والتنقيب عن الطاقة.ورغم نمو الاستثمارات الخارجية بنسبة 23% خلال ثماني سنوات خاصة الاستثمارات العربية، فإن الأزمات التي تقع بين الفينة والأخرى في البلاد تتسبب في عزوف بعض الاستثمارات.
إصلاح القوانين
وبينما طالبت الجامعة العربية السودان بالإسراع في إصلاح حال القوانين التي تشكل عقبات في طريق الاستثمار العربي، قال وزير المالية والاقتصاد الوطني عوض أحمد الجاز إن الخرطوم ستعمل جاهدة لاستصحاب كافة المقترحات التي يمكن أن تساهم في إزالة تلك العقبات وإصلاح القوانين بما ينهض بالقطاع الزراعي لتحقيق الأمن الغذائي العربي.وتعتبر الحكومة أن قانون الاستثمار ضمان حقيقي وجاذب للاستثمارات، مشيرة إلى أنه من أفضل القوانين في المنطقة، متوقعة أن يجتذب الاستثمار بالمجالات المعنية بما يصل لنحو سبعة مليارات دولار.
عربية وآسيوية
ولفت وزير الدولة بوزارة الاستثمار سليمان سلمان الصافي إلى أن اتفاق السلام بين الجنوب والشمال أدى إلى تدفق استثمارات أجنبية جديدة أغلبها من آسيا ودول مجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي عزز النمو الاقتصادي ليصل إلى متوسط 9% سنويا.ورجح الصافي أن يبلغ حجم الاستثمارات العام المقبل ما بين ستة وسبعة مليارات دولار، مشيرا إلى أن الاهتمام يتركز على القطاعين الزراعي والحيواني.وفي المقابل أشار إلى أن ما استغل من الإمكانات النفطية للسودان لا يمثل سوى نحو 12% من إجمالي الاحتياطي، معلنا أن الخرطوم ستعمل على تحسين مناخ الاستثمار من خلال قانون مرن يمنح المستثمر إعفاءات ضريبية ويوفر له فرصة الحصول على الأراضي بالقيمة الاسمية.
نمو عال
أما مفوض وزارة الاستثمار ناجي إسكندر فأكد أن السودان شهد نموا كبيرا فاق المعدلات الإقليمية المواتية للاستثمار، لافتا في تصريح للجزيرة نت إلى أنه ورغم الظروف السياسية التي يعيشها السودان فإن متوسط التصدير من الماشية الحية واللحوم الحمراء زاد بشكل ملحوظ. من جانبه اعتبر أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم الطاهر محمد نور أن هناك قصورا في قانون الاستثمار "لخلوه من الإطار التنموي المحدد مسبقا مثل تنمية الريف" مشيرا إلى أن القانون حرص على استقطاب المستثمرين أكثر من حرصه على تنمية البلاد ومناطق تلك المشروعات الاستثمارية.
واستبعد نور في حديثه للجزيرة نت نجاح الاستثمارات التي لا تساهم في إيقاف التدفق البشري من الريف إلى المدن الكبرى بالسودان، داعيا إلى أهمية تبادل المنافع بين الدولة والمستثمرين الأجانب. ومن جهته ربط الخبير الاقتصادي محمد إبراهيم كبج نجاح الاستثمار الأجنبي بالاستقرار السياسي بالبلاد. وقال للجزيرة نت إن أكبر عقبة يمكن أن تواجه الاستثمار بالسودان "هي عدم الاستقرار السياسي وأزمات الحرب المتلاحقة بالبلاد".